Tuesday 10 June 2008

المرأة في الإسلام-الجزء الأول


السبت 04 أغسطس 2001


خطب ومحاضرات : خطب الجمعة



لابد أن ننصف المرأة الشريعة عدل الله
المرأة إنسانة قضية الشهادة
ليست أصل الشقاء قضية الميراث
شقائق الرجال قضية الدية
أول مسلم وأول شهيد موقف يستحق الشكر

لابد أن ننصف المرأة
تحدثنا في الجمعات الماضية عن الطفولة وعن الشباب ونتحدث اليوم عن المرأة، المرأة شريكة الرجل وشقيقته، ولابد من الحديث عنها حتى ننصفها وننصف الإسلام ممن ظلموه، الناس في قضية المرأة على طرفي نقيض، هناك من يظلم المرأة ويعتبرها مخلوقاً خلق لخدمة الرجل، وهناك من يدلل المرأة ويريد أن يطلق العنان لتعيث في الأرض فساداً وتصبح آلة من آلات اللهو المحرَّم، وبين هذين الفريقين يأتي المنهج الوسط الذي جاء به الإسلام وجهله للأسف كثير من المسلمين، يقولون أن المرأة نصف المجتمع، وهذا صحيح، المرأة من ناحية العدد نصف المجتمع، فمن حكمة الله تبارك وتعالى ودلالته على التدبير العلوي لهذا الكون أن الذكورة والإناث متساوون أو متقاربون، قد يكون الذكور 50% أو 49% أو 51% أو 52% وهكذا، والنساء في المقابل، فهناك تساوٍ أو تناسب في هذه القسمة، فالمرأة من ناحية العدد نصف المجتمع ولكنها من حيث تأثيرها في زوجها وفي أبنائها ربما تكون أكثر من النصف، ولهذا لابد أن نعنى بشأن المرأة، لابد أن نعنى بأمر هذه المخلوقة التي ظلمتها الجاهليات المختلفة، حتى أن بعضهم شكك هل المرأة روح كروح الرجل، وبعضهم قال: هل هي مسؤولة كما يسأل الرجل وبعضهم حرمها من أن تتدين، إن الدين للرجال وليس للنساء، وبعضهم قال إنها لا تدخل الجنة، وهذه كلها قد حررها الإسلام من هذا الظلم وهذا الظلام، سنتحدث عن المرأة حول عدة محاور، المرأة بوصفها إنسانة والمرأة بوصفها أنثى، والمرأة بوصفها بنتاً، والمرأة بوصفها زوجة والمرأة بوصفها أماً، والمرأة بوصفها عضواً في المجتمع.
إلى أعلى
المرأة إنسانة
نقتصر اليوم على حديثنا عن المرأة باعتبارها إنسانية، فالمرأة إنسان كالرجل، لا تنقص في إنسانيتها عن الرجل، ليست كما قال أولئك الذين ظلموها وأنها لا روح لها وأنها ليست كالرجل في الجزاء، كل هذا أبطله الإسلام العظيم بقرآنه وسنته، الله تعالى يقول (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) قص عن ذلك المؤمن، مؤمن آل فرعون إذ قال (يا قوم اتبعونِ أهدكم سبيل الرشاد * يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار * من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) ويقول تعالى (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً * ومن يعمل الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون فيها نفيراً)، (من ذكر أو أنثى) العمل الصالح يقبل من الذكر والأنثى، والعمل السيء يجازى به الذكر والأنثى، عدل الله واحد، الذكور والإناث عنده سواء فهو رب الجميع وخالق الجميع وإله الجميع، الله سبحانه وتعالى قرر مسؤولية كل من الرجل والمرأة، وقرر وحدة الجزاء والمصير بالنسبة لهما، وقال الله تعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءاً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام)، (خلقكم من نفس واحدة) من نفس آدم (وخلق منها زوجها) بعض الناس يفهم منها أنه خلقها من ضلع آدم وهذا لم يثبت به حديث صحيح، إنما خلق منها زوجها كما قال تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً) هذا خطاب للمكلفين جميعاً من الرجال (خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) فالله خلق للرجل من نفسه، أي من جنسه زوجاً ليسكن إليها كما قال تعالى (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها) الإنسان لا يستطيع أن يعيش وحده، خلق الله هذا الكون على سنة الازدواج على قاعدة الزوجية، كل شيء يحتاج إلى ما يقابله ليتكون من هذا الزوج شيء تحتاج إليه الحياة، كما قال تعالى (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) ولذلك رأينا الذكر والأنثى في الحيوان ورأينا الموجب والسالب في الكهرباء وفي الذرة، قاعدة الزوجية هذه القاعدة العامة في البناء الكوني حتى في الذرة التي هي أساس لهذا البناء، ولهذا حينما خلق الله آدم وأسكنه الجنة، لم يدعه وحده بل خلق له زوجاً ليسكن إليها، وهذا معناه أنه خلقها خلقاً مستقلاً، لم يحدثنا عنه كما حدثنا عن خلق آدم، إنما خلق حواء لتكون أنيسا لآدم وشريكاً له فيما يريده الله له بعد ذلك من الاستخلاف في الأرض (خلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً) حينما أسكن الله آدم الجنة خلق له حواء وقال (اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما) فلا معنى لجنة يعيش فيها الرجل وهو ليس معه شريكة لحياته، هذا أول ما أمر الله عز وجل به، أول تكليف إلهي صدر من الله تعالى لهذا الجنس كان هذا التكليف للرجل والمرأة معاً، لآدم وزوجه (اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) هذا التكليف بالامتناع عن الأكل من الشجرة، كان امتحاناً إلهياً لآدم وزوجه، امتحان لإرادة، هيأ الله له أن يأكل رغداً من كل ثمار الجنة وكل أشجار الجنة إلا شجرة واحدة، ولكن آدم عليه السلام وزوجه تبع له أكلا من هذه الشجرة، نجح آدم في امتحان العلم ولكنه لم ينجح في امتحان الإرادة وأكل من الشجرة المنهي عنها، ولكن سرعان ما نجح في الملحق، نجح في التوبة وغسل ذنبه بالتوبة إلى الله عز وجل.
إلى أعلى
ليست أصل الشقاء
اليهود والنصارى يقولون أن الذي أغرى آدم بالأكل من الشجرة هي زوجه حواء، هي التي ظلت توسوس له وتزين له وتغريه حتى أكل من الشجرة، ولهذا يعتبرون المرأة هي أصل الشقاء البشري، المرأة هي التي أخرجت آدم وذريته بعد ذلك من الجنة، التي كان لا يجوع فيها ولا يعرى ولا يظمأ، ولهذا يقولون سبب شقاء البشرية وما تعانيه من ويلات هو المرأة، ويقول بعضهم في كل ما يحدث من جريمة أو يحدث من بلاء، يقولون فتش عن المرأة، المرأة هي جرثومة الشر، وهذا ظلم للمرأة الإسلام ليس فيه أي دلالة على ذلك، لا بالنص ولا بالفحوى، لا بالعبارة ولا بالإشارة، ليست المرأة هي التي وسوست لآدم، الذي وسوس لآدم هو إبليس، هو الذي دلاه بغرور، وقاسمه إني لك لمن الناصحين (قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى)، بعض آيات القرآن تقول (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه)، (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما) تضيف الأمر إليهما معاً، وبعض الآيات الأخرى تحدثنا أن آدم هو الأصل، هو الذي عصى وما كانت المرأة إلا تابعاً له، انظر إلى الآيات الكريمة في سورة طه (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً)، (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى * فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) ويقول (فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) الكلام موجه لآدم والوسوسة لآدم من الشيطان، ثم يقول القرآن (فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) العصيان أساساً من آدم وحواء كانت تبعاً له، هنا أنصف القرآن المرأة ولم يحملِّها ما حمله هؤلاء من شقاء البشرية وما تعانيه البشرية طوال تاريخها إلى اليوم ومن المؤسف أننا نجد بعض الكُتَّاب من المسلمين يتناولون هذه القضية بفكر غير إسلامي يأخذون ما يكتبه كُتَّاب الغرب المسيحيين ممن قرأ هذه القصة في الكتاب المقدس عندهم، وأن المرأة هي التي وسوست لآدم حتى يأكل من الشجرة، يُقبل هذا من الغربيين أما المسلمين فلا يُقبل منهم أن يقولوا هذا وكتابهم ناطق بتبرئة حواء أم البشر من هذه الدنيا.
إلى أعلى
شقائق الرجال
كرَّم الله المرأة باعتبارها إنسانة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حديثه الصحيح المعبر عن هذه الكلمة الموجزة وكان عليه الصلاة والسلام قد أوتي جوامع الكلم فقال "إنما النساء شقائق الرجال" المرأة شقيقة الرجل، ولذلك يجري عليها من الأحكام ما يجري عليه إلا ما اختصت به طبيعتها، ويقول القرآن الكريم (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) أي المرأة من الرجل والرجل من المرأة، ليس كلاهما خصما للآخر ولا عدواً له، كل واحد يكمل الآخر، المرأة تكمل الرجل والرجل يكمل المرأة، ولا غنى لأحدهما عن صاحبه (بعضكم من بعض) هذه قاعدة مهمة في معرفتنا للعلاقة بين الرجل والمرأة (بعضكم من بعض، فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا) هذا تفصيل لعمل العامل من الذكور والإناث، أي أن المرأة قد تهاجر وقد تُؤذى وقد تُخرج من أرضها ووطنها، وقد تقاتل وقد تقتل في سبيل الله، وبعد ذلك (لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله والله عنده حسن الثواب).
إلى أعلى
أول مسلم وأول شهيد
كانت المرأة أول من استجاب لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أول صوت استجاب لدعوة محمد صلى الله عليه وسلم كانت صوت امرأة، كان صوت خديجة بنت خويلد، زوجته الأولى التي جاءها بعد أن نزل عليه جبريل وقرأ عليه الآيات الأولى من القرآن (اقرأ باسم ربك الذي خلق) جاءها يرجف فؤاده ويقول "زملوني زملوني غطوني غطوني" وخائف من هذا الشيء الجديد الذي لم يكن يرجوه ولا يتوقعه (وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك) لكن هذه المرأة أخذت بيده وثبتت فؤاده وقالت له تلك الكلمات الناصعة الحكيمة "والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتحمل الكلّ وتُكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر" عرفت بفطرتها وثاقب فكرها أن مثل هذا في سنن الله لا يمكن أن يخزى، لا يمكن أن يخزي الله رجل مثل هذا، تريد أن تقول له إن الذي رأيته لا يمكن أن يكون شيطاناً فلماذا تخاف "والله لا يخزيك الله أبداً" ثم ذهبت معه إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي زاده طمأنينة على طمأنينة ويقيناً على يقين، هذا هو صوت الإسلام الأول الذي كان مع محمد صلى الله عليه وسلم، أول من آمن من الناس جميعاً خديجة بنت خويلد، وأول دم أريق في سبيل الله، أول شهيد في الإسلام لم يكن رجلاً بل كان امرأة، كان سمية أم عمَّار بن ياسر، وزوجة ياسر، هذه الأسرة التي امتُحنت في ذات الله، وابتُليت بأشد العذاب من عتاة قريش من أبي جهل وأمثاله، ووضعوا تحت نير العذاب، ومر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون، فلم يملك إلا أن قال لهم "صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة" فقد ماتت أم عمار وأبو عمار تحت العذاب، طعن أبو جهل ـ لعنه الله ـ سمية في موضع عفتها برمح أو بحربة فقتلها، ثم لحق بها زوجها ياسر بعد ذلك، كانت سمية أول شهيد في الإسلام، فلا عجب أن يقول الله تعالى (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) الإسلام جاء للرجال والنساء جميعاً، وحينما نزل قول الله تعالى (وانذر عشيرتك الأقربين) جمع أقاربه، عشيرته الأقربين وقال لهم "يا بني عبد مناف اعملوا فأني لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب ـ عم رسول الله ـ اعمل فإني لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت، لا أغني عنك من الله شيئاً، لا يأتيني الناس يوم القيامة بالأعمال وتأتوني بالأنساب من بطَّـأ به عمله لم يسرع به نسبه" وجه الدعوة إلى الرجال والنساء جميعا، فالإسلام جاء للجنسين كليهما.
إلى أعلى
الشريعة عدل الله
جاء هذا الإسلام للرجال وللنساء معاً، ولذلك لا يتصور في هذا الدين أن يحيف على النساء كما يتقوَّل المتقوِّلون ويتخرَّص المتخرِّصون، ليست هذه الشريعة من وضع الرجال حتى يجوروا على النساء، إنما صاحب هذه الشريعة هو خالق الزوجين الذكر والأنثى، هو رب الجنسين، فلا يُعقل أن يجور على أحدهما لحساب الآخر، وهو الحكم العدل من أسماءه أنه العدل فلابد أن تكون شريعته ممثلة لعدله عز وجل، الشريعة عدل الله سبحانه وتعالى في الأرض، ومن هنا يكون خطأ الذين يظنون أن الإسلام جار على المرأة في بعض القضايا، هناك أناس يشوِّشون على هذا الدين وعلى هذه الشريعة، ويقولون أن الإسلام جعل المرأة نصف الرجل في عدة قضايا، جعلها نصف الرجل في الميراث وجعلها نصف الرجل في الشهادة، وجعلها نصف الرجل في الدية فهذه هي قيمة المرأة في الإسلام، ونقول لهؤلاء إن الإسلام جعل المرأة مساوية للرجل في أصل الإنسانية وفي الكرامة الإنسانية (ولقد كرمنا بني آدم) وفي المسؤولية العامة "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها" قرر المساواة في المسؤولية في العمل وفي الجزاء وفي المصير، لكنه خالف بينهما في بعض الأشياء، لأن هذا هو العدل لأنهما مختلفان في التكوين مختلفان في الوظيفة، لا يمكن أن نقول أن المرأة هي نفس الرجل في تكوينه، جسم المرأة غير جسم الرجل، المرأة أعدت لوظيفة، أعدت للأمومة ولهذا هيأ الله لها ما يجعلها تقوم بهذا الأمر خير قيام، علماء الغرب في عصرنا هذا أنكروا على الحضارة الغربية وعلى الفلسفة الغربية والثقافة الغربية أنها تعامل الجنسين معاملة واحدة، في التعليم والعمل، وهما مختلفان فطرة وتكويناً، هكذا قال الدكتور "أليكسيس كاريل" في كتابه "الإنسان ذلك المجهول" أنكر على الغربيين أنهم يجعلون المرأة كالرجل في كل شيء وقال هذا الرجل "إن هذا تدمير للعلاقات وتدمير للوظائف وظلم للمرأة أن تُحمَّل ما يُحمَّل الرجل وعليها من الأعباء ما ليس على الرجل، القرآن والإسلام حين فرق بين الرجل والمرأة في بعض الأحكام لم يُرِد ظلم المرأة إنما أراد إنصافها.
إلى أعلى
قضية الشهادة
خذ مثلاً قضية كقضية الشهادة (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) هكذا قال الله تعالى في أطول آية في القرآن الكريم وهي آية المداينة التي يأمر الله تعالى عباده فيها بالاستيثاق لحقوقهم حتى لا تضيع وحتى لا تتناكر فأمر بكتابة الدين، وأمر بالإشهاد قال (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) حينما يكون لك دين على آخر في قضية مالية حاول أن تستشهد برجلين فهذا أوثق لإثبات حقك وعدم ضياعه، قد تستشهد بامرأة فيمنعها زوجها أن تأتي يوم الشهادة أو يمنعها أبوها .. ضاع حقك (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) هذا أوثق للحقوق، قد لا تساعد ظروف المرأة على الحضور للشهادة، فالأولى بالناس حينما يريدون أن يثبتوا الحقوق ويؤكدوها أن يستشهدوا بالرجال (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء) لماذا رجل وامرأتان؟ لم يقل القرآن أن ذلك لنقص ذكاء المرأة أو لأنها أقل من الرجل إنما علله بعلِّة واضحة معقولة قال (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) أن تنسى إحدى المرأتين فتذكرها الأخرى، ولماذا تنسى المرأة؟ لأن هذه المعاملات المالية ليست من اهتمام المرأة، ليست من محاور الحياة التي تعنى بها وتنشغل بها، هي تنشغل بالبيت إن كانت زوجة، تنشغل بالأولاد إن كانت أماً تنشغل بالزواج إن كانت أيمة، تنشغل بالزينة وأمور النساء، إنما هذه المعاملات فليست مما تهتم به، ولذلك سرعان ما تنساها، بعد مدة من الزمن تنسى هذه الحادثة، ولا يعلق منها إلا أشياء لا تفيد الحكم ولا تنفع عند القضاء، ولهذا ليست وثق الناس لحقوقهم قال الله تعالى رجل وامرأتان (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) هذه هي القضية، ليس هذا امتهاناً للمرأة ولا احتقاراً لها، إنما هو اعتراف بحقائق الحياة كما هي، لم يرد القرآن ـ وهو كلام الله ـ أن يجامل المرأة على حساب الحق، إنما قرر هذا الحق ليقوم العدل في الأرض، ولهذا نجد في بعض الأحيان شهادة المرأة تقبل وحدها فيما تختص به، في أمور الرضاع، في أمور البكارة والثيوبة والحيض والولادة، المرأة تشهد، أنا أرضعت فلان، وتقبل شهادتها وحدها، فلانة ولدت أمامي كذا، تقبل شهادتها، إذا كانت قابلة أو نحو ذلك، في بعض الأمور شهادة المرأة وحدها تكفي، وفي بعض المجتمعات التي لا يحضر فيها إلا النساء تقبل شهادة النساء حتى في الجنايات، التي يقول جمهور الفقهاء لا تقبل فيها شهادة النساء وهذا ليس بالإجماع، عطاء يجيز شهادة النساء حتى في الحدود والقصاص، والفقهاء الذين منعوا ذلك منعوه حتى لا تضيع الحقوق لأن المرأة قد ترى الجريمة فتغمض عينها، المرأة لا تطيق أن ترى رجلاً يقتل رجلاً أمامها، المرأة من حيائها لا يمكن أن تشهد على رجل زنى بامرأة أو غير ذلك، فلذلك جنبها الإسلام هذه المواضع ومع هذا قالوا: لو وجدت جريمة في مجتمع نسائي كما يحدث في الأعراس حيث يكون للنساء مكانهن وللرجال مكانهم، فلو اعتدت امرأة على أخرى بجرح أو قتل ولا يوجد إلا النساء هنا تقبل شهادة النساء، وكذلك قالوا في حمامات النساء لو اعتدت امرأة على أخرى، ليس الأمر تعصباً ضد المرأة إنما هو تعصب للحقائق ومراعاة للعدل وبحث عنه بقدر الإمكان.
إلى أعلى
قضية الميراث
الأمر الثاني أمر الميراث يقولون أن الإسلام ظلم المرأة حينما جعلها تأخذ نصف الرجل، أولاً ارجعوا إلى ما كانوا في الجاهلية، الجاهلية لم تكن تورِّث النساء والصبيان، الجاهلية العربية كانوا لا يورِّثون إلا من حمل السلاح وركب الجواد وذاد عن الحمى، ولذلك لم يكونوا يورثون الصبيان الصغار، ولا يورثون النساء لأن المرأة لا تستطيع أن تقاتل وتدافع عن الحِمى إذا أغار عليهم المغيرون، فاقتصروا الميراث على الرجال فقط، هذا ما كان عليه العرب وعند الإنجليز إلى عهد قريب كانوا يورثون الذكر الأول الابن الأكبر، ولا يورثون إخوانه ولا أخواته، لماذا؟ لأنهم يريدون أن يحصروا الثروة في واحد لتبقى الطبقة الأرستقراطية كما هي، من حكمة الميراث أنه يفتت الثروات الكبيرة، تتفتت الثروات بعد عدة أجيال تصبح الثروة الكبيرة ثروة عادية، هؤلاء لا يريدون أن تفتت الثروة فيورثوها للابن الأكبر، الإسلام رفض هذا وشرع في الميراث أن يكون للأبناء والبنات كبار وصغاراً للذكر مثل حظ الأنثيين (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) هكذا شرع الله عز وجل، لماذا جعل الله عز وجل للذكر مثل حظ الأنثيين؟، لتفاوت الأعباء والتكاليف المالية على كل من الابن والبنت فليست أعباءهما واحدة في نظر الشرع، الابن عليه أن يدفع المهر لمن يتزوجها، وأن يؤثث البيت وعليه النفقة الزوجية وأولاده، أما البنت فهي حينما تريد أن تتزوج تأخذ مهراً ولا تدفع، وحينما تتزوج بالفعل ليس عليها نفقة إنما ينفق عليها زوجها، ولهذا لو افترضنا أن رجلاً توفي وترك ابناً وبنتاً وترك مائة وخمسين ألفاً مثلاً من الريالات، الولد أخذ مائة ألف والبنت أخذت خمسين ألفاً، يريد الابن أن يتزوج فماذا يفعل؟ نتصور أنه سيعطي مهراً وهدايا بـ 25 ألفاً، أصبح إذن قد نقل نصيبه من مائة ألف إلى خمسة وسبعين ألفاً، والبنت حينما تتزوج يأتيها مهر وهدايا بمثل ما دفع أخوها 25 ألفاً، معناها أنه ارتفع نصيبها إلى 75 ألفاً هو نزل نصيبه إلى 75 ألفاً، ثم بعد ذلك هو عليه أن ينفق باستمرار وهي ليس عليها أن تنفق، معناها أن الإسلام في الحقيقة ربما نقول أنه اعتبر أن المرأة لها نصيب أكبر من الرجل في هذه الحالة إن لم يكن قد تساووا، فربما تكون المرأة في بعض الأحوال أحسن حالاً وأكبر نصيباً، ليس هناك ظلم ولا يتصور أن يظلم الله عباده، قضية أن للذكر مثل حظ الأنثيين ليست دائمة، في بعض الأحيان تكون الأنثى مثل الذكر، كما قال الله تعالى في نفس الآية (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد) إذا ترك أولاداً وأباً وأماً، الأب والأم لكل واحد منهما السدس مما ترك، هذه مساواة، في الآية الأخرى (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس) أخ أو أخت لأم، إذا كان لإنسان كلالة، لا والدة له ولا والد إذا مات وترك أخاً لأم أو أختاً لأم فله السدس، ذكراً أو أنثى، فإن كانوا أكثر من ذلك أو أخ أو أخت كل واحد منها السدس، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث، إذا كانوا أكثر من ذلك ثلاثة أو أكثر يشتركون في الثلث، الذكور والإناث سواء هناك قضايا عديدة في الميراث، تأخذ فيها الأنثى مثل الذكر، وأحياناً تأخذ أكثر من الذكر لا يتسع المجال لذكر هذا.
إلى أعلى
قضية الدية
بقيت قضية الدية والدية إذا نظرنا إليها في ضوء آيات القرآن والأحاديث الصحيحة نجد المساواة بين الرجل والمرأة، صحيح أن جمهور الفقهاء وأن المذاهب الأربعة ترى أن دية المرأة نصف دية الرجل، ولكن لا يوجد نص يعتمد عليه، هناك حديثان استدل بهما أصحاب المذاهب وهما ضعيفان بإجماع أهل الحديث: بعضهم استدلوا بالإجماع ولم يثبت الإجماع فقد ثبت عن الأصم وابن علية أنهما قالا: دية المرأة مثل دية الرجل، وهذا ما تشهد به الآيات الكريمة (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصَّدقوا) وكلمة مؤمن لا تعني الرجل وإنما تعني الإنسان المؤمن، لا يجوز لإنسان مؤمن أن يقتل إنساناً مؤمناً إلا خطأ سواء كان رجلاً أو امرأة فهذا هو المقصود، هنا حينما يقتل عليه دية وكفارة، الدية للجميع، دية مسلَّمة إلى أهله، وفي الحديث الصحيح "في النفس مائة من الإبل" وإذا كان الجزاء الأخروي سواء (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً) هذا ينطبق على قتل الرجل وقتل المرأة، فلماذا نفصل بينهما في أمور الدنيا في هذا التشريع، ولذلك لا حرج علينا إذا تغيرت فتوانا في عصرنا عن فتوى الأئمة الأربعة وقلنا أن دية المرأة مثل دية الرجل، وقد قال بعض فقهاء العصر في مناقشة معاً إن خسارة الأسرة بفقد المرأة غير خسارتها بفقد الرجل، الرجل حينما يقتل تفقد الأسرة عائلاً، ولكن خسارة الأسرة بقتل المرأة ليست كالرجل، قلت له هذا ينتقد بقتل الطفل إن الصبي الطفل ولو كان عمره أياماً وقتل فيه دية كاملة، وهذا لا يعتبر أن الأسرة خسرت شيئاً، إن القول الذي نميل إليه ونرى أن مقتضى الأدلة الشرعية هو أن دية المرأة مثل دية الرجل وهذا ما ذهب إليه شيخنا، شيخ الأزهر الأسبق الشيخ محمود شلتوت رحمه الله في كتابه "الإسلام عقيدة وشريعة" أيد أن دية المرأة مثل دية الرجل، الشاهد أيها الأخوة أن الإسلام أنصف المرأة باعتبارها إنسانة وما كان له إلا هذا، لأن هذا الإسلام دين الله جاء للجميع جاء للرجال والنساء، ولم تجد المرأة العدل والإنصاف والكرامة ورعاية الحقوق إلا في ظل هذا الدين العظيم، لا يمكن أن تجد المرأة المسلمة خارج الشريعة الإسلامية ما ينصفها، إنها تمضي وراء سراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، الشريعة عدل الله لعباده رجالاً كانوا أم نساء، ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون، ومن أصدق من الله قيلاً ومن أصدق من الله حديثاً.
إلى أعلى
موقف يستحق الشكر
لابد لنا أن ننوه بموقف الدول الخليجية عامة من رفضهم أن تستخدم أرضهم للاعتداء على العراق، مهما نختلف مع العراق نظاماً وحكماً فلا يمكن أن نختلف مع العراق وطناً وشعباً، الوطن العراقي والشعب العراقي جزء من هذه الأمة، ولا يجوز لنا أن نفرط فيها، قد نختلف مع الحاكمين كما نختلف مع غيرهم، ولكن لا يجوز أن يظل هذا الشعب وهذا الوطن، تحت نير هذا الحكم الذي لا معنى له، إلى متى تظل هذه الفرق التفتيشية تعمل عملها، إلى متى يظل هذا التصلب على رقاب العراقيين، لقد اجتهد العراق أن ينفذ ما أرادته الأمم المتحدة وتخلص من أسلحته وشهد شاهدون بذلك، ولكن هؤلاء لا يريدون أن يتركوا هذا الشعب، لا يريدون أن يتركوا التسلط عليه والتحكم فيه ولذلك كان من حق الشعب العراقي ومن حق النظام العراقي أن يرفض ما يرفض، هذا ونحن نقول حتى لو كان العراق مخطئاً في هذا وما هو بمخطئ أيجوز ضربه بالقنابل وبالطائرات وبالصواريخ ولماذا لا يستعمل هذا إلا مع العراق، هناك دول كثيرة تخترق الحدود وتتجاوز الحدود ولا يهددها أحد ولا يسائلها أحد، وها هي إسرائيل تعبث العبث كله بمقدرات الشعب الفلسطيني وتفعل ما تفعل في القدس الشريف وبالمسجد الأقصى ولا أحد يلومها ولا يحاسبها،ولا يسائلها أحد، لماذا يقع هذا على العراق وحده، ومن الذي نصب أمريكا حاكمة على العالمين تؤدب من تشاء وتعاقب من تشاء، ودون رأي الأمم المتحدة تريد أن تنفرد بذلك، والعجيب أنها تريد أن تأخذ موافقتنا نحن العرب والمسلمين على ضرب إخواننا، هذا شيء غريب حقاً، إنني لا أستطيع إلا أن أنوه بهذه المواقف الشجاعة من رجال الخليج الذين وقفوا جميعاً وقفة رجل واحد ورفضوا أن تكون أرضهم منطلقاً للطائرات والقوى التي تضرب العراق الشقيق، إن هذه القضايا تُحَل بالحوار، تُحَل بالمنطق الدبلوماسي، تُحَل بقوة المنطق لا بمنطق القوة، وهذا ما ندعو إليه، لا يجوز أن يتجبر المتجبرون ويقولون: نحن أهل قوة، من أشد منا قوة، كما حكى الله عن عاد قديماً (فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة) الله ذو القوة المكين. لابد أن نقف مع إخواننا ولابد أن نقاوم الظلم ونقاوم الطغيان أياً كان مصدره.
http://qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=149&version=1&template_id=104&parent_id=15




-----------------------------------------------------
طب ومحاضرات : خطب الجمعة المرأة في الإسلام-الجزء الثاني
الأنوثة كالذكورة تماماً
المنهج الوسط للأمة

جاهلية من التقاليد الموروثة
العاقل يفعل ما ينبغي لا ما يشتهي

أبواب في صحيح البخاري
ذكرى الإسراء والمعراج

غزو الحضارة الغربية
تهويد القدس

هل انحلت العقدة عند الغربيين؟
أرادوا القضاء على حماس

أباحوا الشذوذ الجنسي
قضية أمة الإسلام

الإسلام حافظ على أنوثة المرأة


الأنوثة كالذكورة تماماً
تحدثنا في الخطبة الماضية عن محور من المحاور الستة حول المرأة، عن المرأة بوصفها إنسانة واليوم نتحدث عن المرأة بوصفها أنثى، فقد اقتضت حكمة الله وشاءت إرادته أن ينشئ هذا الكون على المتقابلات، الليل والنهار، والنور والظلام، والذكورة والأنوثة، والحياة والموت، والحركة والسكون، هذا الكون يقوم على الازدواج لا توجد وحدانية إلا وحدانية الله تبارك وتعالى، وكما قال عز وجل (سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون) خلق الله الذكر والأنثى كما قال تعالى (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى) حتى تستقيم الحياة وتستمر، فالأنثى مكملة للذكر، والذكر مكمل للأنثى كما قال الله تعالى (بعضكم من بعض) المرأة من الرجل والرجل من المرأة، ولهذا فليست الأنوثة عيباً ولا عاراً ولا نقصاً، الأنوثة كالذكورة تماماً، كلاهما من خلق الله تبارك وتعالى، وكلاهما له وظيفة مهمة وغاية في الحياة، ولا تتكامل الحياة ولا تنتج الحياة إلا بهما معا، ولهذا أنكر القرآن أبلغ الإنكار وأشده على عرب الجاهلية الذين كانوا يضيقون بالأنثى إذا ولدت كما قال الله تعالى (وإذا بُشِّر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بُشِّر به) الأنثى مثل الذكر في أن كلاهما إنسان كامل الإنسانية، كامل الأهلية، كلاهما له وظيفة في هذه الحياة ووظيفة في هذا الدين (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) انظر إلى القرآن الكريم وهو يقول (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصابرين والصابرات والصادقين والصادقات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والحافظين فروجهم والحافظات، والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً) المرأة والرجل المسلم والمسلمة المؤمن والمؤمنة والقانت والقانتة وهكذا، أعد الله للجميع من الجنسين مغفرة وأجراً عظيماً، إذا وفَّى سهام الإسلام، وإذا أدى ما عليه لربه ولنفسه ولأسرته ولأمته ولدينه. ليس في الأنوثة عيب ولا عار، الأنوثة كالذكورة لها وظيفة في هذه الحياة، ومشكلتنا أننا نقع في كثير من هذه القضايا بين طرفي الإفراط والتفريط، نقع بين جاهليتين، جاهلية تضيق على المرأة وتكبتها وتسجنها ولا تجعل لها أي قيمة، وجاهلية أخرى تطلق للمرأة العنان وتدع لها الحبل على الغارب وتتركها في هذه الحياة تفعل ما تشاء وتُفسد كما تشاء، وكلتا الجاهليتين ليستا من الإسلام في شيء.
إلى أعلى
جاهلية من التقاليد الموروثة
هناك جاهلية من الموروث من التقاليد الموروثة التي يظن كثير من الناس أنها من الإسلام، وهي ليست من الإسلام الصحيح في شيء، هناك من يسجنون المرأة ولا يدعون لها حقاً في أن تتحرك ولا في أن تتنفس ولا في أن تتكلم حتى قال بعضهم أن المرأة الصالحة لا تخرج من بيتها إلا مرتين مرة إلى زوجها ومرة أخرى إلى قبرها، وجاءوا بأحاديث واهية أو موضوعة أو لا قيمة لها كقولهم إن النبي صلى الله عليه وسلم سأل فاطمة: يا فاطمة أي شيء أصلح للمرأة؟ قالت: ألا ترى رجلاً ولا يراها رجل، فقبَّلها بين عينيها وقال: ذرية بعضها من بعض. وهذا عكس الأحاديث الصحيحة، فهذا حديث ضعيف جداً ولا قيمة له، ومع هذا يشيع بين الناس بعضهم وبعض، وتترك الأحاديث الصحيحة، هناك أناس ينظرون إلى المرأة أنها درة مصونة، وجوهرة مكنونة وهذه الجوهرة والدرة يجب أن تُغلق عليها الصناديق وتحاط بالأسوار فلا تكلم أحداً، ولا يكلمها أحد، هذا مخالف للقرآن الكريم، القرآن الكريم ذكر لنا قصص الرسل الكرام .. موسى عليه السلام وهو يذهب إلى مدين ويكلم الفتاتين ابنتا الشيخ الكبير الذي زعم بعضهم أنه شعيب وما هو بشعيب، وقال لهما (ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير * فسقى لهما) الفتاتان تذهبان ترعيا الغنم وتسقيا الغنم ويكلمان هذا الرجل الغريب ويكلمهما وتعودان إلى البيت فيبعث الوالد إحداهما إلى هذا الرجل تدعيه فتقول له (إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت) ويعود معها إلى البيت وتقول إحدى البنتين (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) كيف قص علينا القرآن هذا، هل هذا للتسلية أو للعبرة؟ (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) ونجد زكريا يدخل على مريم المحراب وهو زوج خالتها لم يكن محرماً لها، (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) ويقص علينا قصة ملكة سبأ وهي تقول للملأ من قومها (يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون) هذا هو القرآن ولكن غفل المسلمون عن هداية القرآن وعن هدي النبوة وعن الأحاديث الصحاح، وتمسكوا بضعاف الحديث وما هكذا ينبغي أن يتعلم المسلم وأن يتفقه في دينه.
إلى أعلى
أبواب في صحيح البخاري
الإمام البخاري يعقد أبواباً في صحيحه "باب غزو النساء وقتالهن" "باب سلام الرجال على النساء" "باب عيادة النساء للرجال" وهكذا، ويذكر أن أم هاني ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم جاءت سلمت عليه وهو يغتسل، ورد عليها السلام. وأن عائشة ذهبت تعود بلال رضي الله عنه وهو من مريض بالحمى وتسأل عن صحته، هذه هي الأحاديث الصحاح، تُترك هذه الأحاديث ويُعمل بأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، يقول بعض الناس: إن صوت المرأة عورة، كيف يكون صوت المرأة عورة والله تعالى قال في نساء النبي (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب) نساء النبي عليهن من التغليظ ما ليس على غيرهن ومع هذا كان الناس يسألون أمهات المؤمنين من وراء حجاب ويجبنهم، عائشة وأم سلمة وغيرهما يجبن السائلين ويروين لهم الأحاديث، فلم يكن صوت المرأة عورة، الممنوع في صوت المرأة هو الخضوع بالقول (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً) ضيق الناس على أنفسهم حتى أنهم منعوا المرأة من الذهاب إلى المسجد وقد كان النساء في عصر النبوة يصلين الصلوات الخمس في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم حتى الفجر والعشاء في ذلك العصر الذي لم يكن فيه فانوس في الشارع يضيء، وكانت الطرقات كما تعلمون ليست طرقات مرصوفة ومع هذا كانت المرأة تذهب في الظلام لتصلي العشاء، تذهب في الفجر لتصلي الفجر، هكذا كان النساء ومع هذا شاع حديث رده بن حزم أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، وهذا حديث فيه كلام لا يقاوِم الأحاديث الصحاح، ولا يقاوِم ما كان ثابتاً في عصر النبوة، يقول ابن حزم لو كان هذا صحيحاً لماذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم النساء يتعنَّين الذهاب إلى المسجد ويصلين الفجر والعشاء وبيوتهن خير لهن، هذا الكلام المعقول ومع هذا صح بيقين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" إذا أرادت المرأة أن تصلي في المسجد فليس من حق زوجها أن يمنعها، وخصوصاً إذا كانت تستفيد من الصلاة في المسجد، تستمع إلى موعظة حسنة، إلى درس نافع، تشارك أخواتها المسلمات في علم نافع أو عمل صالح، تحضر صلاة التراويح أو نحو ذلك، تلتقي بالمؤمنات لسماع محاضرة أو تنظيم عمل خيري أو سوق خيرية أو نحو ذلك، المسلمون في عصر من العصور قالوا: تمنع المرأة الشابة من الذهاب إلى المسجد، أما المرأة الكبيرة في السن فلا حرج أن تذهب، وفي عصر قال: قالوا لا .. ولا المرأة العجوز، لا هذه ولا تلك، لأن كل فولة ولها كيال كما يقولون، العجوز قد تجد شائباً يناسبها، وهكذا ضيَّق الناس على أنفسهم وحرموا ما أحل الله بل ما أوجب الله وما استحب الله عز وجل، هذه جاهلية نراها، نرى أن الرجل يخطب المرأة في بعض المجتمعات فلا يجوز له أن يراها على خلاف ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" وفي حديث آخر "انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً" وفي حديث ثالث "إذا خطب أحدكم امرأة فإذا استطاع أن ينظر إلى ما يرغِّبه في نكاحها فليفعل" كما روى جابر رضي الله عنه وقال: كنت أتخبأ لها تحت شجرة حتى رأيت منها ما دعاني إلى زواجها، هكذا نجد في مجتمعات الخليج أن الخاطب لا يجوز له أن ينظر إلى مخطوبته، بل يعقد عليها العقد، يملك عليها كما يقال هنا ولا يراها، وهي تذهب إلى المدرسة أو إلى الجامعة أو إلى السوق أو إلى مصر ولبنان وباريس ولندن، تذهب إلى كل مكان في العالم ويراها زيد وعمر وبكر من الناس إلا واحداً لا يجوز له أن يراها وهو خاطبها أو زوجها العاقد عليها، لا يراها المسكين إلا ليلة الزفاف، ربما سمحوا في عصرنا بأن يرى صورتها، يبعثوا إليه بصورة فوتغرافية ولكن الصورة ليست كالحقيقة، الصورة لا يحدث بها الائتدام الذي جاء في الحديث "فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" أن تحدث الألفة بينكما، فالعين رسول القلب، هذا ما نراه في هذه التقاليد الموروثة.
إلى أعلى
غزو الحضارة الغربية
وهناك تقاليد أخرى واحدة تريد أن تجعل المرأة أحبولة للفتنة وأداة للعبث، وآلة للمتعة، ووسيلة للإغراء، المرأة في كل إعلان، في الصحف أو في التلفزيون، الإغراء بشراء الكوكاكولا لا يأتونك برجل يشربها إنما بامرأة، ما دخل المرأة في هذا، حتى في الأشياء التي تتعلق بالرجال، وربما حُلَّة يشتريها الرجل تأتي التي تغري بالشراء امرأة وليس رجل، اتخذوا المرأة أداة للإثارة، هذا ابتذال للمرأة وإهانة لكرامتها، ما هكذا خلق الله المرأة لتكون وسيلة للابتذال وآلة للمتعة والإثارة، لكن الحضارة الغربية التي غزتنا في غفلة من الزمن ولا تزال تغزونا يوماً بعد يوم هي التي تفعل هذا، إذا كنا نحن لا نسمح للخاطب أن يرى مخطوبته فهم يجيزون للخاطب بل يستحبون وربما يوجبون أن يذهب الخاطب بمخطوبته إلى المتنـزهات وإلى السينمات، وإلى الخلوات وأن يسهر معها إلى منتصف الليل ليختبرها ويعرف أتصلح له أو لا تصلح، إما يمنعون لقاء الرجل بالمرأة تماماً أو يبيحون هذا الاختلاط المفتوح بلا قيود ولا شروط ولا ضوابط وكلمة الاختلاط كلمة دخيلة على المعجم الإسلامي، لم يعرف المسلمون في تاريخهم لا في كتب الفقه ولا في كتب الحديث ولا في كتب التفسير هذا الاصطلاح "الاختلاط" لأن الكلمة توحي بتذويب الفوارق، كما تخلط الملح بالماء، أو السكر بالماء، تذيبه فيه، هذا هو الخلط لم ترد هذه الكلمة ولكنها شاعت في عصرنا فهناك الاختلاط المفتوح بلا حواجز، ويقولون لك، دع كل واحد من الجنسين يستمتع بالآخر، حتى نفك عقد الكبت وحتى نزيل هذه الحواجز، دعونا من هذا التزمت يا أهل الدين، دعوا الرجل يستمتع بالمرأة والمرأة تستمتع بالرجل، واطلقوا الحرية للطرفين وبعد حين ستنحل العقد، ولا يوجد أي مشكلة، ولكن..
إلى أعلى
هل انحلت العقدة عند الغربيين؟
الذي وقع أن الغربيين تركوا الحرية للجنسين وأطلقوا العنان لهما فهل انحلت العقدة عندهم؟! هل حُلت المشكلة الجنسية؟! لا والله، إن الإنسان كلما ازداد هذا الأمر رغبة كلما ازداد شوقاً إليه، كلما عَبَّ منه ازداد عطشاً، ولذلك لا زالت المجتمعات الغربية تطالب بالمزيد والمزيد، هذا الذي نراه في مجتمعات الغرب اليوم، الإباحية المفرطة، الانطلاق المعربد وراء الشهوات، السعار المجنون، هذا هو الذي نراه، لم نر هذه الجذوة قد انطفأت في نفوسهم، لم نر هذه الغريزة البهيمية قد أشبعت وهي لا يشبعها شيء، الإسلام ليس ضد إشباع هذه الغريزة ليس في الإسلام رهبانية، ليس في الإسلام معاداة للمرأة كأنثى، إنما الإسلام يريد تصريف هذه الغريزة في النطاق المشروع، نطاق الزواج وتكوين الأسرة لا أن يفتح الباب على مصراعيه لهؤلاء، هذا ما أراده الإسلام، هؤلاء لا يريدون أي قيد من القيود، قالوا: إن الإنسان إذا وقف أمام غريزته وراضى نفسه وألجمها بالتقوى اعتبروا هذا كبتاً إن هذا ليس من الكبت في شيء، الكبت أمر آخر عقدة من العقد، الإنسان يفعل هذا مُريداً مختاراً، مقتنعاً، يعلي غريزته كما يقول علماء النفس، يعليها، يلجمها بلجام التقوى، يصوم كما جاء في الحديث "من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" الصوم يورثه ملكة التقوى (لعلكم تتقون) هذا ليس من الكبت وليس من العقد المرضية في شيء، هم أطلقوا الحرية ولكنهم لم يجنوا إلا أمرَّ الثمرات.
إلى أعلى
أباحوا الشذوذ الجنسي
ماذا نجد في المجتمع الغربي الآن، المجتمع الغربي أباح الشذوذ الجنسي، الرجل مع الرجل، والمرأة مع المرأة، الإسلام حرم الزنى وحرم الشذوذ (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) حرم الشذوذ عمل قوم لوط الذين دمر الله عليهم قُراهم وأمطر عليهم (حجارة من سجيل منضود * مسوَّمة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد)، لماذا حرم هذا الشذوذ بين الرجال بعضهم وبعض، حماية لحق الأنثى، الرجال إذا استمتع بعضهم ببعض فأين الفطرة أين حق المرأة وقد خلقها الله للرجل وخلق الرجل لها، ولذلك جاء في القرآن الكريم على لسان لوط (أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون) معتدون مجاوزون للحدود، تأتون الذكران وتذرون ما خلق الله لكم من أزواج تسكنوا إليها، أي شذوذ هذا، ولذلك وصفهم لوط عليه السلام بالعدوان، وصفهم بالإسراف (أنتم قوم مسرفون) وصفهم بالجهل (بل أنتم قوم تجهلون)، وبالفساد (رب انصرني على القوم المفسدين) وبالإجرام (قوم مجرمين) وذلك لأنهم لم يعرفوا حق الأنوثة، الإسلام حرم الزنى وحرم الشذوذ وحمى أنوثة المرأة، ليس الإسلام ضد أنوثة المرأة، اعتبر هذه الأنوثة شرفاً واعتبرها مكرمة وحمى هذه المرأة، حافظ على خلقها وعلى حيائها فإن أجمل ما يزين المرأة هو الحياء والأدب، هؤلاء الناس الذي عبّوا من الشهوات كل العبّ، أصبح لا يثيرهم شيء ولذلك لجئوا إلى أشياء كثيرة لا نحتاجها نحن في ديارنا لأنهم أصيبوا بالبرود، ليس عندنا هذا والحمد لله.
إلى أعلى
الإسلام حافظ على أنوثة المرأة
الإسلام حافظ على أنوثة المرأة أمرها أن تغض البصر (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن) أمرها أن تحافظ على سترها وزينتها واحتشامها (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن) أمرها أن تحفظ الزينة الباطنة، الشعر والعنق والنحر والذارعين ونحو ذلك فلا تبديها إلا لزوجها أو محارمها، أمرها أن تحافظ على مشيتها وعلى حركتها وعلى صوتها (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)، (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) ولا تخرج المرأة متعطرة إلى مجتمعات الرجال ليشم الرجال ريحها، فهذا فعل الزانيات العاهرات وليس فعل المسلمات العفيفات، كل هذا أراد به الإسلام أن يحافظ على كرامة المرأة المسلمة، هؤلاء لم يفعلوا شيئاً من ذلك، تركوا لها الحبل على الغارب، ماذا كانت النتيجة، في مجتمع التحلل الغربي، إباحية لا حد لها يشكو منها كل العقلاء أدت إلى ما أدت إليه، أدت إلى شيوع الفساد، أدت إلى الإعراض عن الزواج، نسبة العنوسة بين الفتيات والعزوبة بين الشباب نسبة هائلة، هناك لقاء ومتعة ولكن في الحرام لا في الحلال، ومن تزوج من هؤلاء فنسبة الطلاق عالية جداً، ويترتب على ذلك الإجهاض بنسب غير معقولة، حتى قالوا أن حوالي 53% من المواليد في مدينة نيويورك من عدة سنوات كانوا من أبناء الحرام، وحوالي 50 مليوناً من الأجنة أجهضوا، 21 مليون في السر و32 في العلن، وكان مؤتمر السكان في القاهرة الذي عقد في صيف سنة 1994 يريد أن يجبر المسلمين على أن يقبلوا هذا الأمر، وأن يبيحوا الإجهاض بلا شروط وبلا ضوابط، ووقف المسلمون ووقف الأزهر، ووقفت الكنيسة، ووقف الفاتيكان، كل ذو دين وقف ضد هذه الإباحية المروعة، هذا ما تريده الحضارة الغربية، انتشار الأبناء غير الشرعيين، انتشار الإجهاض، انتشار العقم بين هؤلاء، أصبحوا يشكون من هذا، ولذلك أصبحوا يخافون من وجود المسلمين في مجتمعاتهم، في المجتمع الفرنسي والمجتمع الألماني والمجتمع البريطاني الذين ينجبون هم المسلمون والآخرون لا ينجبون، ليس لأنهم لا يرغبون لأنهم لا يستطيعون، هذه أصبحت مشكلة عندهم، بعضهم لا يرغب وبعضهم يرغب ولا يجد، هذا هو نتيجة هذا التحلل عند هذه المجتمعات.
إلى أعلى
المنهج الوسط للأمة
ليس هناك أفضل من التقيد بشرع الله عز وجل، شرع الله هو المنهج الوسط للأمة، لا يفتح الباب على مصرعيه للناس يفعلون ما يشاءون، فالناس لو تُركوا لشهواتهم وغرائزهم كانوا كالأنعام أو أضل سبيلاً، لابد أن نقف ضد هذا ولا نشدِّد ونضيِّق أيضاً كما فعل كثير من المسلمين حينما ضيقوا على بناتهم وضيقوا على نسائهم، الخير كل الخير في المنهج الوسط، نحل ما أحل الله ونحرم ما حرم الله، وما أحل الله لنا إلا طيباً وما حرم علينا إلا خبيثاً، هذه هي رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفها الله في كتب الأقدمين يحل لهم الطيبات (يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) جاء هذا الدين بوضع الآصار والقيود والأغلال التي كانت عند السابقين وجاء باليسر لا بالعسر، ولم يجعل في هذا الدين من حرج، هذا هو ديننا، إلى هذا الدين العظيم ندعو المسلمين والمسلمات، لسنا في حاجة إلى أن نستورد من غيرنا، فليس عند غيرنا إلا ما يوجب الفساد، إلا ما وراءه الخسران والضياع في الدنيا قبل الآخرة، لقد رأينا ما حدث عند الغربيين نتيجة هذا التحلل من انتشار الأمراض الفتاكة التي لم يعودوا يعرفون لها علاجاً، وآخرها ما عرفناه من المرض الذي يطلقون عليه الإيدز، هذا المرض الذي يفقد الجسم المناعة ويعرض للفتك والهلاك، لم يجدوا له علاجاً حتى اليوم وسببه الإباحية الجنسية عند هؤلاء القوم، وهو الذي جاء في الحديث الذي جاء به ابن ماجه والبيهقي والحاكم وغيره "لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا سلط الله عليهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا" هم يسمون الإيدز الطاعون الأبيض، الحديث قال سلط الله عليهم الطاعون والأوجاع التي لم يعرفها أسلافهم، لم تكن في السابقين، سلط الله عليهم هذا المرض وغيره من الأمراض وأخطر من ذلك، الأمراض العصبية والنفسية، إن هؤلاء الناس يعيشون في قلق مرضي، في اكتئاب، في يأس، في شعور بتفاهة الحياة، لا يجدون للحياة معناً رغم الرفاهية العظيمة، ورغم هذه الإباحية التي أباحت لهم كل شيء، رغم هذا يعيشون في اكتئاب وفي قلق يؤدي إلى الانتحار، إلى التخلص من الحياة، لأنه يعيش حياة بلا معنى.
إلى أعلى
العاقل يفعل ما ينبغي لا ما يشتهي
ليس الرقي بالإنسان أن يترك له أن يفعل ما يشاء، أن يفعل ما يشتهي وإنما أن يفعل ما ينبغي، العاقل هو الذي يفعل ما ينبغي، والحيوان هو الذي يفعل ما يشتهي الحمار إذا أراد شيئاً لا يمنعه شيء، ليس عنده عقل يردعه ولا حياء يمنعه، ولا خوف يقمعه ولا دين ينظم حياته، إنما الإنسان هو الذي يفعل ما ينبغي فهذا الدين جاء يعلمنا أن نفعل ما ينبغي في العلاقة بين الذكور والإناث ينبغي أيها المسلمون أن نقف عند المنهج الوسط الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لا ينبغي أن نضيق على النساء ونسجنهن، فإن حبس النساء في البيوت لم يكن إلا عقوبة في وقت من الأوقات لمن ترتكب الفاحشة (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً) فإذا أمسكنا النساء في البيوت باستمرار كأننا عاقبناها عقوبة من ترتكب الفاحشة، هذا ليس من الإسلام في شيء نحن ينبغي أن نعطي المرأة حقها، ولكن بضوابطها الشرعية لا يؤخذ كلامي في هذا ويُقال أنكم أبحتم كل شيء، لا .. نحن نبيح الأشياء بضوابطها الشرعية، وشروطها المرعية وقيودها اللازمة، فلا نفتح الباب لكل من هَبَّ ودَبَّ، ولكن نريد أن نقف عند حدود الشرع، وعند حدود النصوص من القرآن والسنة الصحيحة، وعند ما كان عليه سلف هذه الأمة وكان عليه مجتمع النبوة ومجتمع الراشدين ومجتمع الصحابة رضوان الله عليهم.
إلى أعلى
ذكرى الإسراء والمعراج
جرت عادة المسلمين منذ قرون عدة أن يحتفلوا بذكرى الإسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين من رجب، وهذا ليس عليه دليل، في الواقع لا يوجد دليل أن الإسراء والمعراج كان في ليلة السابع والعشرين من رجب ولكنه قول اشتهر وعمل به الناس، ونظراً لأنه لا يترتب عليه عمل، ليس هناكأي عمل مشروع في ليلة الإسراء، لا قيام هذه الليلة ولا صيام يومها لأنه لا يترتب عليه عمل فلا بأس بذلك، إذا كان المراد تذكير المسلمين بهذه الذكرى العظيمة، الإسراء والمعراج وهما رحلتان، رحلة أرضية ورحلة سماوية، رحلة أرضية من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ورحلة سماوية من المسجد الأقصى إلى السموات العلا إلى سدرة المنتهى، وما أحوجنا نحن المسلمين في هذا العصر إلى أن نتذكر الإسراء والمعراج، لماذ؟ لأن أرض الإسراء والمعراج يجري عليها ما يجري مما تعلمون، أرض الإسراء والمعراج منتهى الإسراء ومبتدأ المعراج، المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، هذه الأرض تتعرض للعدوان الصهيوني أو للاغتصاب الصهيوني، وأصبح المسجد الأقصى أسيراً في أيدي اليهود من أكثر من ثلاثين سنة، الله سبحانه وتعالى قال (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) وانظروا .. الله لم يصف المسجد الحرام إلا بأنه المسجد الحرام ولكن هذا المسجد قال (الذي باركنا حوله) كأنما يريد الله أن ينبهنا إلى بركة هذا المسجد وربط الله بين مبتدأ الإسراء ومنتهاه بين المسجدين العظيمين ليشير إلى أن من فرَّط في أحدهما أوشك أن يفرط في الآخر، من فرط في المسجد الأقصى فلا مانع أن يفرط في المسجد الحرام أو في المسجد النبوي، المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله والذي ابتدأت منه رحلة المعراج إلى السموات العلا، هذه الرحلة إلى السموات العلا كان يمكن أن تكون من مكة المكرمة أن يعرج رسول الله من المسجد الحرام إلى سدرة المنتهى ولكن أراد الله أن يمر بهذه المحطة القدسية، فهي مقصودة أن يمر بالمسجد الأقصى وأن يصلي بالنبيين إماماً وأن يكون في ذلك إعلان بانتقال القيادة من أمة إلى أمة، من أمة إسرائيل إلى أمة إسماعيل إلى الأمة العالمية الجديدة الخالدة..
إلى أعلى
تهويد القدس
أراد الله أن يربطنا بهذا المسجد الأقصى حتى لا نفرط فيه، المسجد الأقصى والقدس الشريف التي هي مجال البركة كما قال الله تعالى (الذي باركنا حوله) حوله أي القدس كلها أو أرض فلسطين بل يمكن أن تشمل أرض الشام والقريبة منها، كل هذه أرض مباركة (ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين) هذه الأرض المباركة تتعرض لما نراه اليوم، القدس تُهوَّد جهاراً نهاراً، ماذا فعلنا أمام هذا .. الاستسلام الفلسطيني والعجز العربي والوهن الإسلامي والغياب العالمي والكيد الصهيوني، ماذا فعلنا نحن أمام هذا كله، المسجد الأقصى تحفر الحفريات تحته ولا ندري متى قدر اليهود أن ينهار هذا البناء، نحن لا نعلم ماذا يصنع اليهود، اليهود يبيتون المؤامرة ويكيدون المكيدة ويعرفون هذا اليوم ونحن في غفلة لاهون وفي غمرة ساهون، لا ندري ماذا يدبَّر لهذا المسجد المبارك، ولهذه القدس، والعجيب أن الذين اتفقوا الاتفاقيات في أوسلو أو في غيرها تركوا قضية القدس معلقة إلى آخر المفاوضات، كأن هذه القضية هامشية، كان يجب أن تكون هذه القضية هي القضية رقم واحد، ما موقف القدس؟ ما موقف الصهيونية الإسرائيلية من القدس، كان هذا يجب أن يُبدأ به أما أن تُعلق المسائل الخطيرة والقضايا الكبيرة، قضية القدس وقضية المستوطنين وقضية اللاجئين المشردين الملايين من أبناء فلسطين وقضية الحدود وقضية المياه، والقضايا الخطيرة كلها معلَّقة إذا كان ما حدث هذا كله من أجل 13% تنسحب منها إسرائيل لا تظنوا أنها 13% من أرض فلسطين كلها وإنما من غزة والضفة الغربية، 13% وبقي 87% ولم يقولوا انسحاب بل قالوا إعادة الانتشار يعني القوات توزع بعد أن كانت في المكان الفلاني، تذهب للمكان الفلاني، هذه هي المعركة، المعركة على 13% في إعادة الانتشار وليس في تمام الانسحاب، كل هذا يتم تحت السيادة الإسرائيلية وتحت الوطأة الإسرائيلية، ومع هذا يريد الإسرائيليون بهذا الذي اعتبروه مكسباً ومغنماً، وما هو بمكسب ولا مغنم أن يقضوا على المقاومة وكل مقاومة..
إلى أعلى
أرادوا القضاء على حماس
كل ما فعلوه في الاتفاق الأخير هو إغراء للفلسطينيين بعضهم ببعض، إغراء السلطة بأن تضرب أبناء حماس وأبناء الجهاد وأن تقضي على القوة التي يمكن أن تعتز بها وتعتمد عليها في وقت من الأوقات، الإنسان يفرغ نفسه من كل قوة ويجرد نفسه من كل سلاح إرضاء لعدوه؟! هؤلاء إخوانك، هؤلاء أنصارك، هؤلاء عضدك، هؤلاء قوتك المذخورة والمرصودة، كيف تستجيب لعدوك في ضرب هؤلاء والقضاء عليهم، كيف تتقرب إلى هؤلاء بالقضاء على إخوانك، هذا عجيب، هذا ما يحدث للأسف، كل ما حدث في الاتفاق الأخير هو القضاء على هؤلاء، وإسرائيل تقول وأروني كيف قضيتم على هؤلاء، وقدِّموا الكشوف وقدِّموا الأرقام وقدِّموا الإحصائيات، وقدِّموا الدلائل الواقعية، وهم يقدمون وإسرائيل لا تقنع ولا تشبع، فهي كجهنم يقال لها هل امتلأت وتقول هل من مزيد، لا يشبعها شيء والله لو قضوا على حماس سيستديرون ويقضون عليكم إن مشروع إسرائيل الكبرى لم يمت إسرائيل من الفرات إلى النيل وكما زاد بعضهم ومن الأرز إلى النخيل، من أرز لبنان إلى نخيل خيبر هذه إسرائيل، ولكنهم يؤمنون بسياسة المراحل، سيقول هؤلاء يوم ذاك أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض لقد ضعنا يوم أضعنا إخواننا وساهمنا في القضاء عليهم وإن شاء الله لن يقضى على أبناء المقاومة وأبناء الجهاد، هؤلاء هم المعبرون عن ضمير الشعب الفلسطيني، عن روح هذا الشعب عن كفاحه الطويل، بل المعبرون عن ضمير الأمة الإسلامية التي غفت ونامت نومتها وكأنها نومة أهل الكهف والعياذ بالله، وقفت موقف المتفرج من هذه القضية.
إلى أعلى
قضية أمة الإسلام
والقضية كما قلت أبداً وأقول دائماً أنها ليست قضية الفلسطينيين وحدهم إنها قضية أمة الإسلام، أمة القرآن، أمة محمد عليه الصلاة والسلام، المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله أولى القبلتين وثالث المسجدين العظيمين، هذا المسجد ليس ملك الفلسطينيين وحدهم وليس ملك العرب وحدهم، وإنما هو ملك المسلمين جميعاً، وملك المسلمين ليس في هذا الجيل ولكن ملك الأجيال الإسلامية الحاضرة والمستقبلية، فإذا تقاعس جيل من الأجيال وفُتَّ في عضده ووهنت نفسه، فلا ينبغي أن يبيع بلده ويبيع وطنه ويبيع شرفه، ولكن ينبغي أن يترك الأجيال تقوم بحقها سيبعث الله في هذه الأمة من يسترد فلسطين، كما بعث من قبل عماد الدين زنكي ونور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي، والظاهر بيبرس وغير هؤلاء ممن قاموا بدورهم في إنقاذ فلسطين، لابد أن يهيئ الله لهذه الأمة جيلاً ينصر الله هذه الأمة على يديه ويعيدوا فلسطين ويعيدوا المسجد الأقصى (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، وذلك فضل الله لا يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) إننا لن نيأس أبداً ولن نقنط أبداً، اليأس من لوازم الكفر، والقنوط من لوازم الضلال (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) إننا نمتلئ ثقة وأملاً أن الغد لهذه الأمة وأن المستقبل لهذا الدين (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون * هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون).
http://qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=148&version=1&template_id=104&parent_id=15

خطب ومحاضرات : خطب الجمعة المرأة في الإسلام-الجزء الثالث
وأد البنات في الجاهلية
حسن اختيار الزوج لها

الخوف على الرزق
لابد من موافقة البنت

أفسدت الجاهلية عقل الإنسان
أثبت الإسلام حق البنت

البنت نعمة في الإسلام
حملة تنصيرية على نيروبي

بشرى لمن رُزِق البنات
علينا أن نمد يد العون لهم

واجبات الأهل نحو البنت
لا تبخلوا فهي صدقة جارية

عالِمات وفقيهات في الإسلام


وأد البنات في الجاهلية
لازال حديثنا متصلاً حول المرأة ومكانتها في الإسلام وحقوقها وواجباتها في هذا الدين العظيم، تحدثنا عن المرأة بوصفها إنسانة وتحدثنا عن المرأة بوصفها أنثى واليوم نتحدث عن المرأة بوصفها بنتاً. كان العرب في الجاهلية يتشاءمون بولادة البنات ويعتبرون ولادتهن كارثة أو مصيبة، وهذا ما قاله بعضهم حينما قيل له أن امرأتك ولدت، قال: وماذا ولدت؟ قيل له أنثى، قال: والله ما هي بنعم الولد نصرها بكاء وبرها سرقة، أي إذا أرادت أن تنصر زوجها فلا تملك إلا البكاء والصراخ ليس عندها قدرة على القتال والسلاح، فهذه هي منـزلة المرأة أو الطفلة أو البنت إذا ولدت، وقد صور ذلك القرآن أبلغ تصوير حينما قال (وإذا بُشِّر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بُشِّر به) يتخفي ويسلك الطرق الملتوية والأزقة البعيدة حتى لا يراه أحد كأنه ارتكب جريمة، أو عمل فضيحة (يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب) يظل يتردد في نفسه بين هذين الأمرين (أيمسكه على هون) يرضى بالواقع وبالذل والنائبة التي نزلت به والمصيبة التي حلت بساحته أم يتخلص من هذا الهوان و(يدسه في التراب) يدفن هذه الطفلة حية (ألا ساء ما يحكمون) بئس ما حكموا به على هذا المخلوق الذي وهبه الله تعالى لهم وكثيراً ما انتصر الخاطر الثاني على الخاطر الأول عند فئات من العرب فوأدوا بناتهم دفنوهن أحياء من أجل إملاق واقع أي فقر واقع أو إملاق متوقع، أو خشية عار قد يجلبنه عليهم في المستقبل بأن تسبى إحداهن وكان العرب يسبون النساء والبنات عندما يغيْر بعضهم على بعض، كان الآباء يخشون من هذا العار فماذا يفعل؟ يتخلص من البنت وهذا غباء وجهل لأن الإنسان لا يمكن أن يبقى إلا بالجنسين بالذكر والأنثى، الرجل ولدته الأنثى، وإذا أراد أن يتزوج فسيتزوج بأنثى ولولا الأنثى ما بقي الإنسان، لولا الأنثى لطُويت صفحة الحياة وانتهى هذا النوع من خريطة الوجود (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى).
إلى أعلى
الخوف على الرزق
فهذا الجهل الفاضح والذي أدى بهؤلاء إلى أن يقتلوا الأولاد عامة والإناث خاصة من إملاق أو خشية إملاق كما قال تعالى (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) في الوصايا العشر في سورة الأنعام (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم)، وفي وصايا سورة الإسراء (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيراً) خطيئة عظيمة كان إثماً كبيراً لأنه قتل وقطيعة رحم، والقتل في حد ذاته جريمة بشعة شنيعة لأنه هدم ما بنى الله عز وجل (أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً) فكيف إذا كان هذا المقتول نفسها زكية، طفلاً بريئاً، لم يقترف جرماً ولم يرتكب إثماً حتى يُقتل، وكيف إذا كان القاتل هو الأب الذي يُفترض فيه أن يحمي ولده وأن يؤثره على نفسه وأن يخرج اللقمة من فمه ليطعمه إياها، كيف إذا كان القاتل هو الأب تكون الجريمة أبشع وأبشع وأبشع، وكيف إذا كان القتل من أجل لقمة العيش الأب يقتل ابنته خشية أن تزاحمه في رزقه، أن تأكل معه!! كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد سُئل: أي الذنب أعظم؟ فقال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقه، قيل: ثم أي؟ قال "أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك" فهذه دوافع خسيسة لا تليق بالإنسان فكيف بالأب، ثم ليته يقتل ابنته بالسيف فيريحها ولكن كان قتلها بطريقة شنيعة، طريقة بالغة القسوة يأخذ الرجل ابنته وفلذة كبده فيذهب إلى الصحراء ويحفر لها حفرة ويدفنها فيها حية، أي قلب هذا القلب؟ أي حجارة بين ضلوع هذا الإنسان الذي يستطيع أن يفعل هذا بابنته؟ وقد حدَّثوا أن بعض الآباء كان يحفر لابنته هذه الحفرة والغبار يتطاير على لحيته وكانت البنت عندها سنوات، فكانت تنفض عن لحية أبيها الغبار، البنت تخشى الغبار على حية أبيها وهو يحفر لها هذه الحفرة ليدفنها حية، الجريمة بشعة بكل المقاييس، وهذا من جناية الجاهلية على الإنسان.إلى أعلى
أفسدت الجاهلية عقل الإنسان
الجاهلية أفسدت على الإنسان عقله فعبد ما لا يُعبد من دون الله، عبد حجارة لا تبصر ولا تسمع، ولا تضر ولا تنفع، نحتها بيده ثم ظل يسألها ويتعبد لها ويتضرع إليها ويرجوها ويخشاها وهو ناحتها وصانعها (أتعبدون ما تنحتون * والله خلقكم وما تعملون) هكذا أفسدت الجاهلية على الإنسان عقله ثم أفسدت عليه قلبه وعاطفته فحدث منه هذا الوأد الخطير، وأد ابنته من إملاق أو خشية إملاق ولذلك يقول القرآن (وإذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قُتِلت) وُجِّه إليها السؤال لأن هذا القاتل لا يستحق أن يُسئل لا يستحق أن يُخاطب ليس أهلاً أن يوجه السؤال إليه، وهذا غاية التبكيت ونهاية التوبيخ، والتقريع لهذا الأب القاتل الظالم. روى عبد الرزاق وابن أبي حاتم والبيهقي أن قيس ابن عاصم التميمي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أسلم وقال: يا رسول الله قتلت بنات في الجاهلية ـ قيل أنه قتل ثمانية من بناته ـ فماذا عليّ أن أفعل؟ قال "اعتق عن كل واحدة رقبة" اعتق عبداً أو جارية لأن القرآن جعل العتق وتحرير الرقبة كأنه إحياء نفس هو قتل أنفساً فعليه أن يحيي أنفساً ولا يملك الإنسان إحياء النفوس ولكن يملك تحرير الرقاب.
إلى أعلى
البنت نعمة في الإسلام
الإنسان اعتبر ولادة البنت نعمة من الله عز وجل وهبة منه سبحانه يقول الله تبارك وتعالى (لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير)، (يهب لمن يشاء إناثاً) اعتبر الأنثى هبة من الله كما أن الذكر هبة من الله عز وجل، ولذلك نرى كثيراً من المسلمين يسمون البنت هبة أو هبة الله، ومن الطرائف أن المسلمين يسمون الذكر في بعض البلدان عطية ويسمون الأنثى عطيات كأن الأنثى ليست عطية واحدة هي جملة عطيات، هذا ما أحس به المسلمين من هذه الآية (يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور) وشاع عند المسلمين هذا القول: "خير النساء من بكَّرت بأنثى" كأنما استرشدوا بهذه الآية حيث ذكر الله عز وجل هبة الإناث أولاً (يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور). حمى الإسلام البنت من الوأد، من هذه الجريمة البشعة واعتبر البنات نعمة من الله عز وجل وقال الشاعر المسلم يعبر عن هذا المعنى يقول:
لولا بُنيَّاتٌ كزغب القطـا رُددن من بعـض إلى بعــض
لكان لي مُضطَّرب واسـع في الأرض ذات الطول والعرض
وإنمــا أولادنا بيننــا أكـبادنـا تمشي على الأرض
لو هبَّت الريح على بعضهم لامتنعت عيني من الغمــض
قال إن الذي يمنعني من الضرب في الأرض والذهاب هنا وهناك للتجارة والسعي على الرزق أن عندي بنات لا أحب أن أفارقهن، أحب أن أعيش معهن وأن أسهر على رعايتهن، وزغب القطا هو الطير الأخضر، "إنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض" هذه هي عاطفة المسلم مع أولاده عامة وبناتنا خاصة.
إلى أعلى
بشرى لمن رُزِق البنات
وقد جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبشِّر من رزق البنات وصبر عليهن وأحسن إليهن ولم يأدهن ولم يُهِنهن ولم يؤثر وُلده عليهن ـ أي الذكور ـ إلا كان من أهل الجنة، وجاء في صحيح مسلم "ما عال جاريتين حتى تبلغا كان معي في الجنة" وضم أصابعه أب بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حديث الترمذي أشار بإصبعين السبابة والتي تليها أي كان رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريب المنـزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءت امرأة إلى عائشة تسألها الصدقة قالت: فكان عندي ثلاث تمرات فأعطيتها هذه التمرات فأعطت الابنتين كل واحدة تمرة وهمت الأم أن تأكل الثالثة فاستطعمتاها ـ أي طلبت البنتان من أمهما التمرة الثالثة ـ فشقتها بعد أن كانت تصل إلى فيها ـ تركتها وشقتها ـ نصفين ثم أعطت كل واحدة منهما نصف الثمرة، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّثته بذلك فقال: "إن الله تعالى أوجب لها بهما ـ أي بالبنتين ـ الجنة" أو قال "إن الله اعتقها بهما من النار" وجاءت الأحاديث أن "من رزق ثلاث بنات كُنَّ له ستراً من النار" أو "كُنَّ له طريقاً إلى الجنة" قال بعض الصحابة "واثنتان يا رسول الله؟" قال "واثنتين" قال الراوي: وأحسب لو قيل له وواحدة؟ لقال وواحدة، بل جاء في حديث أيضاً رواه الحاكم وصحَّحه أنه قال: وواحدة يا رسول الله؟ قال "وواحدة" هذه نظرة الإسلام إلى البنات لم تعد ولادة البنات شؤماً ولم تعد مصيبة إلا عند بعض الجاهليين الذين لا يزالون يحملون روح الجاهلية وهم في قلب الإسلام، أعرف أناساً، هناك من حلف على امرأته إذا لم تلد ذكراً فهي طالق!! هذا جاهل، هذا غبي، الذي يهب الذكور والإناث هو الله تبارك وتعالى، ومن نوادر الأدب العربي ما حكته كتب الأدب عن رجل يدعى أبا حمزة كان عنده زوجتان إحداهما تلد البنين والأخرى كل أولادها بنات، فكان الرجل غير عادل كان يؤثر أم البنين بالإقامة والهدايا والأشياء الأخرى ولا يكاد يعرف أم البنات فقالت المرأة:
مال أبي حمزة لا يأتينــا
يظل في البيت الذي يلينا
غضبان ألا نلد البنينــا
ونحن كالأرض لزارعينـا
تنبت ما قد زرعوه فينـا
يعني ليست المرأة مسؤولة، هذا الذي قالته المرأة العربية بفطرتها أثبته العلم الحديث الآن، أن الرجل هو المسؤول حسب سنن الله عن جنس الجنين ونوع الجنين، الحيوان المنوي من الرجل هو الذي تترتب عليه الذكورة والأنوثة وليست بويضة المرأة.
إلى أعلى
واجبات الأهل نحو البنت
لقد جاء الإسلام وأوصى بالبنات وعلى كل أب أن يفرح بالبنت كما يفرح بالولد، يذبح عنها شاة ويحسن اسمها ويتصدق عنها في اليوم السابع ويؤذن في أذنها بالآذان إذا وُلدت ويقوم بحقها، وعلى أمها أن ترضعها (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) وعلى الأب النفقة والكسوة والرعاية، وعليه أن يعلمها فطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، وعلى المجتمع المسلم أن يهيئ للفتاة أن تتعلم كما يهيئ للفتى أن يتعلم وإن كان الذي ينبغي أن تُخص الفتاة بتعليم يناسبها ما وجد إلى ذلك سبيلاً، فالفتاة تعد لتكون زوجة ولتكون أُماً ولقد أنكر العالم الشهير أليكسيس كاريل في كتابه "الإنسان ذلك المجهول" أنكر على الحضارة الغربية وعلى فلسفة التعليم الغربي أنها تسوِّي بين الذكور والإناث في التعليم وأثبتت أن الرجل والمرأة يختلفان حتى في التكوين العضوي وما ذلك أن لكل منهما مهمة في الحياة تختلف عن الآخر في بعض النواحي، لابد أن نعلِّم المرأة، وقد وجد في مجتمعاتنا الإسلامية المرأة الأديبة والشاعرة والعالمة والفقيهة والمحدثة.
إلى أعلى
عالِمات وفقيهات في الإسلام
ورأينا من كبار المحدثين من يقول: حدثتني الشيخة الصالحة المسلمة فلانة بنت فلان، وكان من النسخ التي اعتمد عليها الحافظ بن حجر في شرح صحيح البخاري نسخة كريمة بنت أحمد المروَسيَّة، كانت من النسخ المعتمدة عند الحافظ بن حجر، وقال الحافظ المذهبي: لم يعرف التاريخ الجرح والتعديل امرأة اتهمت بالكذب، وجد من الرجال كثيرون اتهموا بالكذب ووضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يُعرف امرأة واحدة اتهمت بالكذب، كان العالم الحنفي الشهير الكاساني صاحب كتاب "بدائع الصنائع" والذي كانوا يلقبونه بملك العلماء، كان له زوجة وكانت هي ابنة العالم الشهير السمرقندي شيخ الكاساني، فكان السمرقندي يصدر الفتوى فيوقع عليها وتوقع عليها ابنته زينب، كانت من أهل الفتوى، هكذا كان ثم زوَّجها السمرقندي للكاساني ولذلك قالوا عنه أنه: شَرَح تحفته وزوجه ابنته، أي شرح كتاب "تحفة الفقهاء" للسمرقندي في كتاب "بدائع الصنائع". وكان لسعيد بن المسيب ابنة أبى أن يزوِّجها لابن الخليفة ولي عهد المسلمين، وزوَّجها لأحد طلابه الفقراء، زوَّجها إياه بدرهم كان مهرها درهماً، وذهب بنفسه وأوصلها إليه بعد أن عقد العقد، وكان الرجل يتوقع أنه بعد مدة سيدخل بزوجته، فإذا بالباب يُقرع، قيل من الطارق؟ قال: سعيد، قال هذا الطالب ابن أبي وداعة: فخطر في بالي اسم كل سعيد في الدنيا إلا سعيد بن المسيب الذي لم يكن يفارق المسجد طوال سنين طويلة .. ففتحت فإذا سعيد بن المسيب وقال: هذه عروسك، ففي الصباح أراد أن يتركها، قالت له: أين تذهب؟ قال لها: أذهب إلى مجلس سعيد لأتعلم، فقالت له: اجلس أعلمك علم سعيد، فقد كانت وارثة أبيها، ذرية بعضها من بعض. هكذا كان بناتنا في أيام حينما كان الإسلام إسلاماً، وكان المسلمون مسلمين، كان الآباء يحسنون تربية بناتهم كما يحسنون تربية أبنائهم، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يخص فاطمة رضي الله عنها بمزيد من الحب والتكريم والعناية، وكان يقوم لها إذا جاءت إليه تزوره ويضمها إليه ويقبِّلها ويجلسها في مجلسه، وكان إذا سافر تكون هي آخر العهد به، يصلي ركعتين في المسجد ويسلم على فاطمة ويسافر، وكذلك حينما يعود يأتي إلى المسجد فيصلي ركعتين ويأتي إلى فاطمة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحسن إلى بناته وإلى بنات بناته، أمامة بنت زينب كان يحملها وهو يصلي، فإذا قام للقراءة حملها وضمها إليه، إذا أراد أن يركع أو يسجد أجلسها بجواره ثم إذا قام رفعها وضمها إليه مرة أخرى، هكذا كان صلى الله عليه وسلم فإكرام البنات هذا من أدب الإسلام ومن خلق الإسلام، ومن قيم الإسلام الأساسية.
إلى أعلى
حسن اختيار الزوج لها
وعلى الأب أن يحسن الاختيار لابنته بعد أن يربيها فيحسن تربيتها ويؤدبها فيحسن تأديبها، ويعلمها فيحسن تعليمها مثل الولد يأمرها بالصلاة لسبع ويضربها عليها لعشر، الأحكام في معظمها متساوية، إلا ما يخص البنات من أشياء لا يشترك فيها البنون، إذا بلغت الفتاة وأصبحت صالحة للزواج عليه أن يحسن الاختيار لها، بعض الآباء يهمه المال وبعض الآباء يهمه النسب وبعض الآباء يهمه المركز الاجتماعي ولا يهمه دين الخاطب ولا خلقه ولا أمانته، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ألا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" الخلق والدين هما المحور وهما المعيار، إنما يعرف الرجل بخلقه ودينه، ما قيمة أن يكون عنده من المال الآلاف والملايين ولكنه سكير عربيد أو إنسان لا أمانة له، ولا خلق عنده، ولا ضمير بين جنبيه، هذا لن يكون مصدر سعادة لابنتك، يقول الشعبي رضي الله عنه "من زوج ابنته من فاسق فقد قطع رحمها" ويقول آخر "إذا زوجت ابنتك فزوجها ذا دين إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها" هذا هو الذي ينبغي أن نبحث عنه، ما أكثر الرسائل التي تأتيني من بنات يشتكين من الآباء بل من الأمهات أحياناً حين يردن أو يريدوا أن يفرضوا عليهن من لا يرضيهن، وهذا لا يجوز شرعاً.
إلى أعلى
لابد من موافقة البنت
لابد أن يؤخذ رأي البنت فيمن تتزوج، النبي صلى الله عليه وسلم يقول "البكر تُستأذن وإذنها صماتها والثيب تُستأمر" يؤخذ أمرها صراحة، ولكن البكر لأنها تستحي يغلبها حياء العذراء فلا تستطيع أن تتكلم فإذا سكتت اعتبرنا سكوتها علامة الرضا، وينبغي أن تعرف الفتاة أن سكوتها يعتبر إذناً حتى لا تؤخذ على غرة، لابد أن تُعلم ذلك، فإذا سكتت كان ذلك إذناً وإذا قالت لا لم يجُز أن تزوَّج بغير رضاها، وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم نكاح امرأة ثيب من الأنصار الخنساء بنت خداد زُوِّجت بغير رضاها فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاحها، وجاءت فتاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تقول: إن أبي أراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا له كارهة، فقال لها: أجيزي ما صنع أبوكِ، وكرر عليها ذلك فرفضت فاستدعى أباها وأخبره أن الفتاة لها الخيار، فقالت: يا رسول الله قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن أعلم أللنساء من الأمر شيء؟ المرأة لها حق في نفسها أم يفرض عليها ما يريد الأب؟ هكذا ينبغي للآباء أن يعرفوا إرادة البنات وميول البنات ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم أمر الآباء أن يشاوروا الأمهات قال "آمروا النساء في بناتهن" يعني شاور امرأتك إذا أردت أن تزوج ابنتها، خذ رأيها فإنها أعرف بابنتها منك، الأم تعرف من أسرار ابنتها ما لا يعرف الأب، البنت لا تجترئ على أبيها ولا تستطيع أن تبوح له بشيء من عواطفها، الأم تعرف ذلك وتعرف إن كان بها عيب ربما يمنعها من الزواج، أو ربما كان هناك شيء خاص يمنعها من الزواج من فلان هذا خاصة، فأراد الإسلام ألا يتم الزواج إلا بتراضي الأطراف المعنية كلها حتى ينشأ الزواج على أساس سليم، المذاهب الثلاثة تشترط في أمر البنت أن يحضر أبوها أو وليها ومذهب أبي حنيفة يجيز للفتاة البالغة الرشيدة أن تزوج نفسها ولكن بكفء، فإذا زوَّجت نفسها من غير كفء فزواجها باطل.
إلى أعلى
أثبت الإسلام حق البنت
أراد الإسلام أن يثبت حق الفتاة أو يثبت حق الابنة على أبيها "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" كان أهل الجاهلية لا يورِّثون البنات من آبائهم ولا يورِّثون النساء لأنهم لم يكونوا يورِّثون إلا من حمل السلاح ودافع عن الحمى ولذلك لم يكن الصغار يرثون ذكوراً كانوا أو إناثاً ولم يكن الإناث يرثن صغاراً كُنَّ أو كباراً، فجاء الإسلام وأقر للبنات بحقهن (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً) هذا هو الإسلام جاء فوضع هذه المعالم وهذه الأحكام وهذه الآداب ليرتفع بقيمة البنت بعد أن كانت توئد في الجاهلية لتصبح مكرَّمة معزَّزة في ظل الإسلام وتحت راية الإسلام.
إلى أعلى
حملة تنصيرية على نيروبي
يزور قطر في هذه الأيام وفد من إخوتنا المسلمين في نيروبي عاصمة كينيا، والمسلمون في كينيا يبلغون أكثر من تسعة ملايين نسمة، هؤلاء لهم في العاصمة مسجد عريق كبير يصلي فيه نحو عشرة آلاف، وحول المسجد أرض ملاصقة للمسجد اشتراها المسلمون من فترة من بلدية العاصمة ودفعوا خُمس الثمن 20% من الثمن، وهي أرض في مركز المدينة في صُرَّة البلد وملاصقة للمسجد ثمنها يوم اشتُريت كان مليونين وسبعمائة ألف دولار (2,700,000)، اليوم هناك جهة تنصيرية تبشيرية تريد أن تشتري هذه الأرض من البلدية بسعر مضاعف وقد تضاعفت قيمة الأرض، والأخوة هناك يخافون أن تؤخذ هذه الأرض الملاصقة للمسجد فتُبنى عليها كنيسة أو ملاهي ليلية أو بارات أو نحو ذلك، وقد دفعوا خُمس المبلغ وجمعوا جزءاً آخر يقارب النصف وبقي نحو نصف المبلغ، وقد أنذرتهم البلدية إما أن يدفعوا بقية المبلغ حتى نهاية شهر ديسمبر أو تؤخذ الأرض منهم والمشترون جاهزون هؤلاء من رجال الكنيسة، جاء إخوتنا إلى هذه الديار الخيِّرة يلتمسون المعونة ويطلبون المساعدة و"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه يعضاً"، نحن أمة واحدة قبلتنا واحدة ووجهتنا واحدة ونبينا واحد وكتابنا واحد وربنا واحد، المسلمون يسعى بذمَّتهم أدناهم وهم يد على من سواهم، يصب الغني على الفقير، ويأخذ القوي بيد الضعيف، ويتعاطف المسلمون كالجسد الواحد "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر".
إلى أعلى
علينا أن نمد يد العون لهم
جاء إخواننا يطلبون النجدة، يطلبون الإسعاف فعلينا ألا نضِنّ عليهم، علينا ألا نخيِّب ظنهم فينا، نستطيع أن نساعدهم بما نستطيع حتى لا تذهب هذه الأرض إلى أيدي معادية للمسلمين وحتى لا يُقام فيها منشأة تجافي المسجد وتضاد مهمته، ونحن أيها المسلمون علينا واجب، واجب الأخوّة الإسلامية واجب المعونة، معونة المسلم لأخيه المسلم و"من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرَّج عن أخيه كربة من كربات الدنيا فرَّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة" من دفع في هذا فهذه صدقة جارية إذا قام فيها مشروع تابع للمسجد أو مدرسة أو دار لتحفيظ القرآن أو حتى محلات تجارية تنفق على المسجد وعلى خدماته، فكل هذا يعتبر صدقة جارية، مادام ينتفع بهذه الأرض، فلك أجره إلى يوم القيامة، فالله الله في إخوانكم أيها المسلمون، لا تبخلوا عليهم، المال مال الله وأنتم مستخلفون فيه، والله تعالى لا يضيع أجر عامل ولا مثقال ذرة ولا مثقال حبة من خردل، (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً)، (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم).
إلى أعلى
لا تبخلوا فهي صدقة جارية
نرى أهل الأديان المختلفة ينفقون من أجل أديانهم، يبذلون الأموال الطائلة بالملايين، بمئات الملايين بل بآلاف الملايين أيها الأخوة، آلاف الملايين تتدفق على الجهات التنصيرية كل عام، ونحن المسلمين نضِنُّ على نصرة ديننا وعلى خدمة ديننا، ينبغي ألا نبخل على هذا الدين بشيء، الله سبحانه سيخلف على كل من بذل كما قال سبحانه (ما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين)، (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ـ بالخصلة القبيحة، الفاحشة القبح وهي البخل ـ والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم)، فيا أيها الأخوة انفقوا في سبيل الله لا تبخلوا سيخلف الله عليكم، لله ملكان يناديان كل يوم: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً، فالمنفق له الخلف، الخلف في نفسه، الخلف في ولده، الخلف في ماله، الخلف في كل ما يتعلق به، والممسك ليس له إلا التلف، تلف كل ما يتعلق به. فيا أخي المسلم لا تبخل على إخوانك، الأخوة هنا من رجال المركز الإسلامي في كينيا وفي نيروبي لا ينبغي أن نخذلهم ولا أن نسلمهم "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه" أي لا يتخلى عنه، لا يتركه في ساعة الشدة بل يكون معه ومن وراءه هذا هو شأن المسلمين كما قال الله تعالى (إنما المؤمنون أخوة) يا أيها الأخوة لا تبخلوا على إخوانكم حتى لا تضيع هذه الأرض عليهم، نستطيع أن نعطيهم مما يسر الله لنا، هناك أخوة بالصناديق على المداخل الرئيسية لهذا المسجد ادفعوا لهم، ومن لم يكن معه الآن يستطيع أن يدفع إلى جمعية قطر الخيرية، يستطيع أن يدفع إلى إدارة الشؤون الإسلامية في وزارة الأوقاف ويستطيع أن يدفع إليّ لأوصل إليهم، أسأل الله تبارك وتعالى أن يعود هؤلاء الأخوة مسرورين مغتبطين وقد أدوا مهمتهم فيجب علينا أن نؤدي مهمتنا نسأل الله تبارك وتعالى أن يهيئ لنا من أمرنا رشداً .. آمين.

http://qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=147&version=1&template_id=104&parent_id=15


خطب ومحاضرات : خطب الجمعة


المرأة في الإسلام-الجزء الرابع


يقوم الكون على نظام الازدواج
بعض العادات الخاطئة

لا رهبانية في الإسلام
رؤية الخاطب للمخطوبة

الإسلام يرفض الإباحية
لابد للرجل أن يسأل عن المرأة

من رغب عن سنتي فليس مني
على المرأة وأهلها أن يسألوا عن الرجل

خير متاع الدنيا
الشيخ أحمد ياسين يُضرِب عن الطعام

ابحث عن المرأة الصالحة
حيَّا الله الشيخ أحمد ياسين


يقوم الكون على نظام الازدواج
أيها الأخوة المسلمون، قبل شهر رمضان تحدثنا في عدة خطب عن المرأة المسلمة، عن المرأة ومكانتها في الإسلام وموقعها في الحياة الإسلامية، تحدثنا عن المرأة بوصفها إنساناً وتحدثنا عن المرأة بوصفها أنثى وتحدثنا عن المرأة بوصفها بنتاً، واليوم نتحدث عن المرأة بوصفها زوجة، فالله سبحانه وتعالى قد خلق هذا الكون على نظام الازدواج على قاعدة الزوجية بهذا كان الزواج شرعة دينية وسنة اجتماعية وسنة كونية أيضاً، الكون كله يقوم على هذه الظاهرة العامة أن الله خلق الأشياء أزواجاً متقابلة، الأحياء ذكر وأنثى والجمادات موجب وسالب، حتى الذرة التي هي أساس البناء الكوني كله فيها موجب وسالب إلكترون وبروتون، شحنة كهربائية موجبة وشحنة إلكترونية سالبة وهذا ما قرره القرآن منذ أكثر من أربعة عشر قرناً (سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون)، (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) من كل شيء خلقنا زوجين، كان المفسرون قديماً أو بعضهم يقولون: هذه قاعدة أغلبية وإن عبَّر عنها القرآن بالكلية فخرجوا عن ظاهر النص والقرآن يقول (ومن كل شيء خلقنا زوجين) ومن هنا كانت حاجة الرجل إلى المرأة، والمرأة إلى الرجل تسير وفق هذه السُنَّة الإلهية، حاجة فطرية، خلق الله في الرجل الانجذاب إلى المرأة، وركَّب في المرأة الانجذاب إلى الرجل، وبهذا الانجذاب بين الطرفين يحصل التواصل والزواج ويقوم هذا اللقاء المشروع الذي ينتج عنه بقاء هذا النوع إلى ما شاء الله يعمر الأرض ويقوم بحق الخلافة فيها، ومن هنا حين خلق الله آدم وأسكنه الجنة لم يدعه وحده في الجنة، إذ لا معنى لجنة بلا جليس ولا أنيس، ما معنى جنة يعيش الإنسان فيها مستوحشاً وإن كان فيها ما لذ وطاب من الطعام والشراب، ومن هنا خلق الله لآدم من نفسه أي من جنسه زوجاً يسكن إليها، حواء وقال له (اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما).
إلى أعلى
لا رهبانية في الإسلام
حاجة الإنسان إلى الزواج حاجة فطرية، ولهذا كان عموم الأنبياء جمهور الأنبياء والرسل متزوجين إلا القليل منهم مثل يحيى وعيسى والله تعالى يقول (ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك) الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم (ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية) وحينما وجد النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أصحابه نزوعاً إلى ترك الزواج تأسياً بالنـزعة الرهبانية التي ظهرت عند النصارى، المتدين المثالي عندهم هو الذي يرفض الزواج ويترك الدنيا ويُعرض عن النساء وكان الرهبان في العصور الوسطى يبتعدون عن ظل المرأة حتى ظل المرأة يعتبرونه رجساً من عمل الشيطان ولعل هذه المرأة أخته أو أمه يريد أن يبتعد عنها، وقبل ذلك كان الفلسفة المانوية في فارس ترى أن هذا العالم شر وأن علينا أن نعجِّل بفناء العالم حتى نخلص من شره وليس هناك وسيلة للتخلص من هذا العالم إلا ترك الزواج، فإذا تركنا الزواج والتناسل يمكننا أن ننهي هذا العالم بعد جيل أو جيلين، كانت الرهبانية تسير على هذا المنوال وجاء الإسلام فشرع الزواج ورفض الرهبانية وحينما طلب سعد بن أبي وقاص وبعض الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لهم في التبتُّل رفض، وبعضهم استأذنه في الخصاء؛ أن يخصي نفسه حتى يقطع شهوته ولا يوجد أي مجال للغريزة الجنسية أبى النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: ولو أذن لنا في الخصاء لاختصينا، وبعض الصحابة رفض أكل اللحم ومشتهيات الطعام وطيباته حتى لا يؤدي ذلك إلى رغبته في النساء وشوقه إلى المرأة، ونزل قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) .
إلى أعلى
الإسلام يرفض الإباحية
رفض الإسلام نظام الرهبانية لأنه ضد استمرار هذه الحياة وهذا الكون كما أراد الله تبارك وتعالى، ورفض كذلك نظام الإباحية الذي يطلق للشهوات العنان ويدع الحبل على غاربه للغرائز كما هي بعض الفلسفات قديماً وحديثاً وهو ما تتبناه الحضارة الغربية المعاصرة، حضارة المادية والإباحية، اتركوا الجنسين يفعلان ما يشاءان، دعونا من العُقد، دعونا من الكبت، أطلقوا الحرية للرجل والمرأة يستمتع كلاهما بالآخر، هكذا نادى هؤلاء ولكن مع إطلاقهم الحرية لم يحلوا المشكلة، لأن هذه المشكلة لا تُحل بالإباحية، هذه الغريزة إذا تُركت وشأنها دون ضبط ولا تهذيب ولا تنظيم فلا يشبعها شيء، كلما ازداد الإنسان منها شرباً ازداد عطشاً، ولذلك الإباحية في الغرب لم تحل، وهي تزداد يوماً بعد يوم، وتؤدي إلى مشكلات لا حصر لها، الإسلام يرفض الإباحية ويرفض الرهبانية.
إلى أعلى
من رغب عن سنتي فليس مني
الإسلام يرفض الإباحية ويرفض الرهبانية ويشرع الزواج، رابطة لابد منها بين الرجل والمرأة، ولهذا حينما أراد عدد من الصحابة أن يتعبدوا الله وذهبوا إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وإلى أزواجه يسألونهن عن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرنهم أنه يقوم بعض الليل وينام البعض، ويصوم بعض الأيام ويفطر البعض، فقال بعضهم لبعض حينما تقالُّوا هذه العبادة، استقلًّوها أي أنها قليلة لا تُشبع نهمهم، فقالوا: وأين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، أما أحدهم فقال: أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر ـ صيام مستمر ـ وقال الثاني: أما أنا فأقوم الليل ولا أنام، وقال الثالث: وأما أنا فأعتزل النساء ولا أتزوج، سمع النبي صلى الله عليه وسلم بمقولاتهم فجمعهم وخطب فيهم مع غيرهم من الصحابة، وقال: "إنما أنا أخشاكم لله وأتقاكم له ولكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني". سنته منهجه هو التوازن، الاعتدال الذي يجمع بين حظ النفس وحق الرب، بين حسنة الدنيا وحسنة الآخرة (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) "فمن رغب عن سنتي فليس مني" .
إلى أعلى
خير متاع الدنيا
لهذا رغَّب الأمة في الزواج، واعتبره سنة من سنن المرسلين، واعتبر الزوجة الصالحة من أفضل نعم الله تبارك وتعالى على الإنسان وقال في الحديث الصحيح "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة" وقال "من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه ـ نصف دينه ـ فليتق الله في الشطر الثاني" وحينما سألوه عن أفضل ما يكتنـزه المرء قال: "أفضل ما يكتنـزه المرء لسان ذاكر وقلب شاكر وامرأة صالحة إن نظر إليها سرَّته، وإن أمرها أطاعته"، وفي حديث آخر "خير النساء من تسرُّك إذا أبصرت وتطيعك إذا أمرت وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك" هذه من نعم الله، اعتبرها النبي صلى الله عليه وسلم من عناصر السعادة، فعناصر السعادة أربع منها المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح والجار الصالح، هذه عناصر إذا توافرت سعد الإنسان، ومن عناصر الشقاء المرأة السوء والمركب السوء والمسكن السوء والجار السوء والعياذ بالله، لهذا قال "أربع من أوتيهن فقد أوتي خير الدنيا والآخرة: لسان ذاكر وقلب شاكر وبدن على البلاء صابر وامرأة لا تبغيه حوباً ـ أو خوناً لا تخونه ـ أو إثماً في نفسها وماله" .
إلى أعلى
ابحث عن المرأة الصالحة
ولهذا كان على الإنسان المسلم إذا أراد أن يتزوج أن يبحث عن المرأة الصالحة، المرأة الصالحة هي ذات الدين والخلق، لا يكن كل همه المال فبحث عن المرأة الغنية أو الحسب فيبحث عن المرأة الحسيبة ذات الأسرة الكبيرة، أو الجمال فيبحث عن المرأة الفاتنة لا مانع أن يبحث عن هذا كله ولكن قبل ذلك لابد أن يبحث عن الدين، لا قيمة لهذا كله، إذا كان المرأة قليلة الدين ضعيفة الإيمان سيئة الأخلاق ولهذا قال عليه الصلاة والسلام "تنكح المرأة لأربع لحسبها ولمالها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" اجعل همك ذات الدين هذه هي التي تجعل حياتك جنة تتقي الله فيك تخاف الله فيك، تؤدي لك الحقوق، تحفظك إذا غبت تحفظ مالك وولدك، وتحفظ سرك كما قال الله تعالى (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله) ابحث عن المرأة الديِّنة ذات الخلق ولا مانع أن تكون جميلة بل لابد أن يكون بها قدر من الجمال يسُرُّك إذا نظرت، والجمال أمر نسبي، فهذا يرى هذه جميلة والآخر يراها عادية، وآخر يراها دون العادية، ولذلك شرع الإسلام قبل الزواج أن ينظر الخاطب إلى المرأة، أن ينظر الخاطب إلى المرأة ليرى موقعها من قلبه والعين رسول القلب، الإنسان ربما من النظرة الأولى تقع المرأة في قلبه موقعاً وقد يرى النفرة منها بمجرد النظرة الأولى لهذا كان لابد من هذا النظر، الذي يتساهل الناس فيه ولا يهتمون به.
إلى أعلى
بعض العادات الخاطئة
بعض المجتمعات تطلق العنان لبناتهن يخرجن مع خاطبيهن إلى المتنـزهات والخلوات والسينمات يتأبط ذراعها يذهب بها هنا وهناك ، ولا عقد بينهما، وبعض المجتمعات لا تسمح للخاطب أن يرى مخطوبته كما هو الحال في بلادنا هنا في الخليج، الفتاة تذهب إلى المدرسة وتذهب إلى الجامعة وتذهب إلى السوق وتذهب إلى المعارض وتسافر إلى الخارج ويراها كل الناس، إلا واحداً لا يجوز له أن يراها وهو خاطبها بل ربما زوجها، قد يكون عقد عليها حتى بعد العقد لا يرى هذه الفتاة إلا ليلة الزفاف، قد يسمحون في عصرنا بأن يرسلوا إليه بصورة وربما فُعل هذا من غير علم الأب أو الولي، ولكن الصورة لا تعبِّر تماماً عن الحقيقة، فكم من حقيقة تخالف الصورة ولهذا قد يفاجئ المرء ليلة الزفاف بوجه ولم يكن يتوقعه وبجسم لم يكن يتخيله وبإنسانة غير التي رسم لها صورة في مخيلته، فيفاجئ وتكون هذه هي الصدمة الأولى، ويظل يعتمل هذا في نفسه يوماً بعد يوم وأسبوعاً بعد أسبوع، وشهراً بعد شهر، وسنة بعد سنة، حتى ينتهي إلى الانفصال وإلى الطلاق وهو أبغض الحلال إلى الله تبارك وتعالى، كان ينبغي أن نعالج هذا الأمر من أصله بأن يبدأ الزواج على ما شرع الإسلام النظر، نحن نحترم التقاليد ولكن إذا كانت التقاليد ضارة وهي على غير ما شرع الله فينبغي أن نطوِّر التقاليد، هذه التقاليد ليست تنـزيلاً من حكيم حميد، إنما هي أعراف صنعها الناس فهي قابلة للتغيُّر والتبدُّل، إذا كانت فتوى الفقهاء تتغير بتغير الزمان والمكان فما بالكم بأعراف الناس وتقاليدهم، نحن الآن في زمن غير الزمن، وفي طور غير الأطوار الماضية، المرأة تعلمت وتثقفت ودخلت الانتخابات وزاحمت الرجال بالمناكب وأصبحت عضواً في مجالس الجامعات ومجالس الكليات، وفي البرلمانات وفي كذا وكذا، لابد أن نطوِّر من تقاليدنا، لا ينبغي أن نجمد كالصخر ونقول هذه تقاليد آباءنا، آباؤنا عاشوا حياة غير حياتنا وما يدريك لعل آباءنا كانوا أشجع منا لو رأوا ما رأينا وعاشوا ما عشنا لغيَّروا هذه التقاليد.
إلى أعلى
رؤية الخاطب للمخطوبة
لابد أن نسمح للخاطب أن يرى المخطوبة وللمخطوبة أن يراها الخاطب، هذا هو ما جاء به الإسلام، النبي عليه الصلاة والسلام قال للمغيرة بن شعبة وقد جاءه يقول له: خطبت امرأة من الأنصار، قال: "هل نظرت إليها؟" قال: لا، قال: "اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"، أي يحدث بينكما الائتدام والائتلاف والوفاق، فهذا ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم المغيرة وأمر به غيره، وقال لآخر: "اذهب إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً"، أعين الأنصار ليست كأعين القرشيين لعله لا يعجبك هذا النوع من الأعين، فهذا ما ينبغي أن نفعله نحن المسلمين، أن نقتدي بالسنة النبوية، سنة الصحابة جاء ابن عبد الله يقول أنه كان يتخبأ لامرأته وراء شجرة حتى نظر إليها فرأى منها ما أعجبه وتقدَّم إليها وهذا يدلنا على أنه يجوز للإنسان أن يرى المرأة المخطوبة ولو لم تعلم، كما يراها غيره من الناس خصوصاً في عصرنا دون أن يجرح شعورها فإن الرؤية الرسمية أن يُدعى الرجل إلى البيت ويُستقبل من الأب والأم والأخوة ثم ينظر إلى الفتاة وقد لا تعجبه، فإذا تركها بعد ذلك ترك في نفسها أثراً وجرحاً، فإذا استطعنا أن نعالج هذا بالرؤية الخارجية يرتبها بعض الأهل والأصدقاء كان هذا خيراً فإذا أعجبته تقدَّم لها لتراه هي أيضاً، فمن حقها أن تراه كما من حقه أن يراها، والرؤية ليست فقط لرؤية الوجه أو الملامح أو الجسم .. لا، هي رؤية شخصية إنه إذا لقيها ولقيته وكلمها وكلمته، يريد أن يسمع صوتها لعله يجد في صوتها ما لا يحب .. خنفاء أو ما شابه، لعله يجد في عقلها ما لا يحب أيضاً، امرأة ثرثارة أو امرأة لا تفهم، هو يقول يمين تقول شمال، فهذه بلهاء أو ما شابه، فالرؤية ليست فقط لمجرد رؤية الجسم أو الوجه، الرؤية أعم لأن المقصود بها معرفة الشخصية بهذا اللقاء.
إلى أعلى
لابد للرجل أن يسأل عن المرأة
الإسلام يعتبر الزواج أمراً مهماً، القرآن سماه ميثاقاً غليظاً كما سمى النبوة، الله تعالى قال عن الأنبياء (وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً) أولو العزم من الرسل، وقال عن عقد الزواج (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً) هذا العقد الوثيق المتين المكين ولذلك يحرص الإسلام على أن يبدأ الزواج على بصيرة وعلى نور لا على غش ولا على دَخَل، لابد أن يعرف كل من الطرفين صاحبه، وهذا ما تعارفه الناس، إذا أراد رجل أن يخطب امرأة فلابد أن يسأل عنها وعن أهلها وعن بيئتها، ولا يغتر بالمظاهر الجوفاء فقد ورد في بعض الآثار التحذير من خضراء الدمن، وخضراء الدمن هو النبات الأخضر الذي يظهر في المستنقعات وأماكن القاذورات، فلونه أخضر زاه، ولكنه نبت في مرتع القذارة ولذلك قالوا: وما خضراء الدمن، قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء، إياك أن تغتر بمظاهر ثم تبتلي ببلية ومصيبة بعد ذلك، ابحث عن البيئة الصالحة عن المرأة الصالحة، الغالب أن البيئة الصالحة تنتج امرأة صالحة، تنتج فتاة صالحة، الإنسان ابن البيئة وابن أهله، هذا هو الغالب ولكن أحياناً توجد أشياء خارقة للعادة وخارجة عن المعتاد وإنما على الإنسان أن يعمل بما هو غالب وما هو معروف.
إلى أعلى
على المرأة وأهلها أن يسألوا عن الرجل
وكما أن على الرجل أن يفعل ذلك فإن على المرأة وأهلها أن يفعلوا ذلك، إذا تقدم لهم خاطب لا ينبغي أن يكون كل همهم ابن من؟ ابن فلان الفلاني، لعل أباه رجل صالح وهو سيئ كما نرى في أحوال كثيرة، لعل أباه لم يوله العناية الكافية فمضى على حل شعره وأصبح إنساناً فاسداً والعياذ بالله، اصطاده أصدقاء السوء فأفسدوه وأبوه لا يدري، لا يكون كل همه ماذا يملك ماذا ورث عن أبيه، كم مليوناً عنده، كم رصيده في البنك، لا يكون كل همه عن راتبه الذي يتقاضاه، لا بأس أن يسأل عن هذا كله ولكن قبل هذا كله، ما دينه؟ ما خُلقه؟ ما سلوكه؟ ما علاقته بربه؟ ما علاقته بإخوانه؟ ما علاقته بالناس؟ كل إنسان تنبئ عن سيرته، مهما حاول أن يخفيها كما يقول الشاعر:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تُعلَمِ
سيُعلم ما يخفيه، وكما قال الآخر:
ثوب الرياء يشف عما تحته فإن اكتسيت به فإنك عار
اعرف الشخص على حقيقته، اسأل عنه من يعرفه، من يعرف مدخله ومخرجه، جاء رجل يشهد لرجل بالصلاح عند أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فقال له: أأنت جاره الأدنى الذي يعرف مدخله ومخرجه؟ قال: لا، قال: أسافرت معه في سفر طويل يسفر عن أخلاق الرجال؟، قال: لا، قال: أعاملته بالدينار وبالدرهم ـ الذي به يظهر ورع المرء من شرهه ـ؟ قال: لا، قال: لعلك رأيته في المسجد يمسك بالمصحف، يقرأ القرآن، يرفع رأسه تارة ويخفضها تارة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: اذهب فلست تعرفه، وقال للرجل: ائتني بمن يعرفه، فهل بمجرد أن رأيته تقول أنه ولي من أولياء الله، لأنه يمسك المصحف ويقرأه، لا لابد أن تعرف دينه وخُلقه وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، ألا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" الدين والأخلاق هي الأهم، لا يكفي أن يكون إنساناً مؤدياً للصلوات ولكنه سيئ الأخلاق، غضوب يغضب لأدنى شيء، بخيل لا يعطي الحق، حسود للناس حقود عليهم، هذا إنسان مهما صلى وصام لا تصلح العشرة معه، لا يزال الموضوع رحباً ولا يزال المجال فيه سعة فموعدنا الخطبة القادمة إن شاء الله.
إلى أعلى
الشيخ أحمد ياسين يُضرِب عن الطعام
أيها الأخوة المسلمون .. منذ أيام شاهدنا في نشرات التلفاز وقرأنا في الصحف خبراً أزعجنا وأقلقنا وهو أن الرجل المجاهد الشيخ أحمد ياسين أعلن إضرابه عن الطعام تضامناً مع إخوانه وأبنائه في سجون السلطة الفلسطينية الذين اعتُقِلوا منذ أشهر ولم يُنظر في أمرهم وكنا نظن أن السلطة الفلسطينية تقدر حق القدر موقف هذا الرجل القعيد المريض الذي زلزل أركان الصهاينة وأرعب قلوبهم رغم قعوده ومرضه، كنا نظن من السلطة أن تستجيب له وأن تنظر في أمر الأخوة الذين اعتُقلوا، لقد اعتقلت السلطة الفلسطينية الأخوة من أبناء حماس إرضاءً لإسرائيل ولنتنياهو وتنفيذاً لما اتفقوا عليه، في الاتفاق الأخير في أمريكا أن يضربوا قاعدة الجهاد، ويضربوا أبناء المقاومة، وأن يحاولوا القضاء على هؤلاء، السلطة الفلسطينية مخلصة في تنفيذ الاتفاق، سارعت بالتنفيذ بنداً بنداً ولكن إسرائيل لم تنفِّذ، إسرائيل تتلاعب، إسرائيل تتباطئ، إسرائيل تلعب بعقولنا وبعقول إخوننا ولا تريد أن تنفِّذ شيئاً، أما آن لنا أن ننظر في هذه الأمور، نتقرب إلى نتنياهو ومن ورائه باعتقال إخواننا ولم يُجدِ ذلك فتيلاً، ولم يُغنِ عنا شيئاً.
إلى أعلى
حيَّا الله الشيخ أحمد ياسين
نحن لا نحب للفلسطينيين أن يتقابل بعضهم ضد بعض، وأنا حذرت منذ اتفاق أوسلو أن يؤدي هذا إلى أن يقاتل الفلسطيني أخاه الفلسطيني لكن الذي طمأننا هو ذلك الرجل القعيد الذي يقول: لن نمد أيدينا ولن نوجه سلاحنا أبداً إلى إخواننا، حينما جاء إلى هذا البلد إلى قطر وحاصروه بالأسئلة وحاول الصحفيين إحراجه وإدخاله في مأزق ضيق حتى يجيب أنه عند الضرورة سنضرب، أبداً لم يقبل هذا أبداً، وقال سنكون كخير بني آدم الذي قال لأخيه وقد مد إليه يده بالعدوان وبنية السوء قال له (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) لن نقتل إخواننا، لن نوجه إليهم سلاحنا أبداً كل أسلحتنا موجهة إلى عدونا إلى الاحتلال الذي لازال يحتل أرضنا ويدوس حقوقنا وينتهك حرماتنا ويهوِّد مقدساتنا وينتزع أراضينا بالقوة، ويفعل ما يفعل لن نوجه سلاحنا إلا إلى هذا العدو الغادر الفاجر، حيا الله الشيخ أحمد ياسين وقوى الله الشيخ أحمد ياسين وهيأ الله له من الأسباب ما ينصره هو وإخوانه على أولئك الطغاة الظالمين الذين احتلوا الأرض وانتهكوا العرض، وهتكوا الحرمات وسفكوا الدماء، وهدموا الديار على رؤوس أصحابها ونحن كل يوم نرى بأعيننا، نسأل الله أن ينصر أحمد ياسين وإخوانه على اليهود الغادرين وأن يرينا في هؤلاء يوماً قريباً، اللهم نكِّس أعلامهم وزلزل أقدامهم وأنزل عليهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين .. اللهم آمين.
إلى أعلى






http://qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=145&version=1&template_id=104&parent_id=15


خطب ومحاضرات : خطب الجمعة


المرأة في الإسلام-الجزء الخامس


أسس المؤسسة الجديدة
خيركم خيركم لأهله

حسن الاختيار
على الزوج أن يكون لطيفاً مع زوجته

المهر أول حقوق المرأة
حق المعاشرة الجنسية

خير الصداق أيسره
مؤامرة لإشعال نار الفتنة بين السُنَّة والشيعة

الزفاف وإشهار الزواج
التقريب بين المذاهب

أصول وآداب الزواج والمعاشرة
النصارى أقرب للمسلمين من المجوس

المعاشرة بالمعروف
نحن ضد القتل وندعو إلى التعايش


أسس المؤسسة الجديدة
أيها الأخوة المسلمون .. لازلنا في الحديث عن المرأة، تحدثنا عن المرأة إنساناً والمرأة بنتاً ونتحدث عن المرأة زوجة، المرأة هي الزوجة التي جعلها الله سكناً في البيت وأساساً للمودة والرحمة وقال القرآن الكريم (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) جعل الله ذلك آية من آياته مثل خلق السموات والأرض، ومثل خلق الإنسان من تراب آية من آيات الله عز وجل أن يجمع بين هذين الطرفين على ميثاق غليظ، على شريعة من الله تبارك وتعالى، فتَدَعُ المرأة أهلها أباها وأمها وأخوتها وتنضم إلى رجل، ويَدَعُ الرجل أهله وينضم إلى امرأة يكونان معا شركة جديدة ومؤسسة جديدة تقوم على هذا الرباط المقدس الذي سماه الله تبارك وتعالى ميثاقاً غليظاً. هذه الحياة كما شرعها الإسلام ينبغي أن تقوم على أسس متينة وعلى دعائم مكينة حتى لا تتزعزع ولا تزلزلها العواصف أو الرياح أو الحوادث..
إلى أعلى
حسن الاختيار
وإنما تقوم على ذلك إذا بدأت باسم الله وعلى بركة الله، وأحسن الرجل اختيار المرأة الصالحة وأحسنت المرأة وأهلها اختيار الرجل الصالح، تبدأ ذلك بالاستخارة والاستشارة فما خاب من استخار وما ندم من استشار، على الإنسان إذا أقدم على أمر ذي بال أن يستخير الخالق ويستشير المخلوق، ولذلك عليه أن يبدأ بصلاة الاستخارة وهي صلاة ركعتين ثم دعاء معروف ورد في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم وإن كنت تعلم أن زواجي من فلانة بنت فلان .." وهي تقول "اللهم إن كنت تعلم أن زواجي من فلان بن فلان خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي وبارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ـ أو في عاجل أمري وآجله ـ فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به" الاستخارة صلاة ودعاء، أن يهدي الله الإنسان لأحسن الأحوال وأفضل الأمور، وليس من الضروري أن يرى رؤية أو نحو ذلك، المهم أن يُقدِم على ما ينشرح له صدره ويسهل منه أمره، فهذا كما قالوا: التيسير دلالة الإذن من الله تبارك وتعالى، يستخير ويستشير، يستشير من يثق برأيه ويثق بأمانته ويثق بدينه، لا يستشير الحمقى ولا يستشير من لا يحبون له الخير ولا يستشير من لا دين لهم، فهؤلاء لا يُؤتَمَنون لا على دين ولا على دنيا، ينبغي أن يستشير الإنسان من يحسن الإشارة والمستشار مؤتمن عليه، أن يقول رأيه بصراحة لا يخشى في الله لومة لائم دون أن يجرح أو يطعن لكن بالرفق وبالكلمة الطيبة المعقولة، يقول له رأيه، وقد استشارت فاطمة بنت قيس النبي صلى الله عليه وسلم حينما تقدم لها رجلان من الصحابة أحدهما معاوية بن أبي سفيان والثاني أبو جهل أيهما تتزوج؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أما معاوية فصعلوك لا مال له، لم يكن يملك شيئاً، المال لأبيه، وأما أبو جهل فلا يضع عصاه عن عاتقه، رجل كل شيء عنده بالعصا، ثم زوجها من أسامة بن زيد حب رسول الله وابن حبه، فهكذا ينبغي أن يستشير المرء.
إلى أعلى
المهر أول حقوق المرأة
ثم إذا تم الزواج على بركة الله فهناك حقوق، أول هذه الحقوق حقوق للمرأة حقوق للرجل، أول حقوق المرأة المهر الصداق كما قال تعالى (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً) وفي عصر النبي صلى الله عليه وسلم تفاوتت المهور، هناك من قال له النبي صلى الله عليه وسلم: التمس ولو خاتماً من حديد، ومع هذا لم يجد هذا الخاتم من حديد، فزوَّجه على ما معه من سور القرآن، ما كان يحفظه من سور القرآن، قال له: زوَّجناكها بما معك من القرآن أي على أن تحفِّظها وتعلمها هذه السور، فهو مهر معنوي وليس مهراً مادياً، ولذلك قالوا: لا حد لأقل المهر، وهناك من تزوجت بـ 500 و 400 درهم، وهناك من تزوجت بـ 4000، النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان وكانت مهاجرة إلى الحبشة وارتد زوجها والعياذ بالله وبقيت وحدها فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكرمها في غربتها وهي بنت سيد قريش أبي سفيان بن حرب، فبعث إلى النجاشي يخطبها ويوكِّله في أن يزوجها، فالنجاشي ملك الحبشة فمما يليق به أن يعطيها مهراً مناسباً فأعطاها 4000 درهم وجهَّزها، وهناك من تزوج بدرع، النبي صلى الله عليه وسلم حينما خطب إليه علي بن أبي طالب فاطمة الزهراء أحب بنات النبي صلى الله عليه وسلم إليه قال: ماذا عندك؟ فليس عنده مال، قال: عندي هذه الدرع الحطمية التي تتحطَّم عليها السيوف، قال: أعطها هذا الدرع، ماذا ستفعل المرأة بالدرع، هي أشبه بمهر رمزي، وهكذا وجدنا الصحابة من يزوجه النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يدفع مهراً، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل تتزوج فلانة؟ هل تقبلها زوجة لك؟ قال: نعم يا رسول الله، وقال للمرأة: هل تتزوجين فلاناً؟ قالت: نعم يا رسول الله، فزوج الرجل من المرأة ودخل بها ولم يكن فرض لها مهراً، ثم بعد صلح الحديبية كان لكل من شارك في الحديبية سهم في خيبر، في غزوة خيبر حينما غزا النبي مع الصحابة خيبر أرض اليهود فكان لهذا الرجل سهم في خيبر فحينما أدركته الوفاة قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم زوجني من فلانة ولم أدفع لها مهراً أشهدكم أن مهرها سهمي بخيبر ـ نصيبي في أرض خيبر ـ فباعت المرأة هذا السهم بمئة ألف درهم يعني دخلت بلا شيء وانتهت إلى مئة ألف درهم.
إلى أعلى
خير الصداق أيسره
وعلى كل حال النبي عليه الصلاة والسلام يحبذ قلة المهر ويقول: "خير الصداق أيسره"، الميسر، لا يريد أن يعنت الناس كما يفعل في عصرنا يبالغون في المهور فيعوقون طريق الحلال وطريق الزواج، الناس هم الذين عسروا على أنفسهم ما يسر الله عز وجل، ولهذا ندعو المسلمين أن يخفِّفوا من غلوائهم في المغالاة في المهور ووقف عمر بن الخطاب على منبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو المسلمين إلى تخفيف المغالاة في المهور ويقول: لو كان مكرمة في الدنيا أو مثوبة في الآخرة لكان أحق الناس به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الرسول لم يصدق امرأة من نسائه أكثر من 400 درهم أو 500 درهم وكذلك لم يزوج أياً من بناته على مثل ذلك أو على أكثر من ذلك، كما رأينا كيف زوج ابنته فاطمة رضي الله عنها على درع، لهذا نقول أول حق للمرأة هو المهر فإذا دخل بها الرجل استحقت المهر كله، وإذا لم يدخل بها استحقت نصفه (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) ولو مات عنها قبل أن يدخل بها، فلها مهرها كاملاً، هذا ما يفرضه الإسلام. في بعض البلدان المرأة هي التي تدفع للرجل كما في الهند وغيرها النساء يدفعن للرجال وللأسف المسلمون في الهند وباكستان وبنجلاديش وهذه المناطق قلَّدوا الوثنين فأصبحت البنت المسلمة هي التي تدفع للرجل وعلى قدر قيمة الأسرة يكون ما يُدفع، أحياناً الرجل يطلب منـزلاً مسكناً شقة فيلا من أب البنت، وإن كان الرجل عنده عدد من البنات تكون كل بنت مصيبة عليه، إذا كان عنده 4 بنات أي عنده 4 مصائب كبيرة، وهذا ليس من الإسلام في شيء المرأة هي التي تأخذ (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة)، (نحلة) أي عطية ومنحة وهبة هدية مودة (فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً) إذا تنازلت المرأة لزوجها عن شيء من مهرها فهي صاحبة الحق وكذلك لو تنازلت لأبيها، بعض الآباء يأخذون مهور بناتهم وهذا لا يجوز هو في غير حاجة إلى هذا ولذلك يغالي بعضهم في مهر البنات لأنه مكسب له، وهذا قد يعوق زواج الابنة وينتهي بها الأمر إلى أن تظل عانساً في بيت أبيها وهذا ظلم مبين.
إلى أعلى
الزفاف وإشهار الزواج
من حق الزوجة المهر ومن حق الزوجة عندما يعقد عليها ويراد الدخول بها أن تزف علانية وأن يُشهر زواجها ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال: "أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدفوف" أباح ضرب الدف بل استحبه في هذه المناسبة، ليكون ذلك بمثابة الإعلان عن هذا الأمر الذي يحبه الإسلام ويحبذه ويحث عليه ويدعو إليه، وحينما زَفَّت عائشة فتاة قريبة لها إلى رجل من الأنصار سألها النبي صلى الله عليه وسلم: "هل كان معهم لهو فإن الأنصار قوم يعجبهم اللهو، الأنصار قوم فيهم غزل ويحبون اللهو والغناء وهذه الأمور فقالت: لم يكن معهم لهو، فقال: هلا أتيتم معها بمن تغني وتقول:
أتيناكـم أتيناكــم فحيونـا نحييكـم
ولولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم
ولولا الذهب الأحمـر ما حلَّت بواديكـم
اقترح صيغة للغناء، انظروا إلى هذه الروح السمحة الطيبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يريد هذا العرس الصامت وإنما يريد عرساً يظهر فيه الفرح والسرور ويعلق على الناس، من حق الرجل ومن حق المرأة أن يستمتعا بهذا الزفاف وهذا الزواج وأن تظهر فيه الأغاني والدفوف في غير مغالاة بحيث نتجاوز الحلال إلى الحرام كما يفعل بعض الناس الذين يأتون بالفرق الراقصة والمغنية ويتجاوزون الحدود، لا .. ينبغي أن تظل أعمالنا كلها مشدودة إلى الإسلام، مقيدة بأمر الحلال والحرام، فلا نتعدى الحلال إلى الحرام.
إلى أعلى
أصول وآداب الزواج والمعاشرة
إذا دخل الرجل بامرأته ينبغي أن يبدأ بالدعاء وباسم الله، يصلي ركعتين معها أو يصليان العشاء جماعة ليس معنى الاستمتاع بالحلال أن نترك فرائض الله، كيف يدخل الإنسان في هذه الليلة وقد ضيَّع فرضه، لا .. لابد أن يعلِّم زوجته أنهما يقيمان بيتاً مسلماً والبيت المسلم يقوم أول ما يقوم على احترام فرائض الله ورعاية حدود الله، وأولها الصلاة ولذلك من السُنَّة أن يمسك الرجل بناصية زوجته عندما تدخل عليه ويقول: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما هي له وأعوذ بك من شرها وشر ما هي له، ومن حقها هي أيضاً أن تقول ذلك: اللهم إني أسألك من خيره وخير ما هو له، وأعوذ بك من شرها وشر ما هو له، كل شيء في الإسلام يبدأ باسم الله وكل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه باسم الله فهو أبتر حتى قضاء الشهوة، حينما يعاشر الرجل امرأته لا ينبغي أن ينسى ذكر الله عز وجل، وهذا ما حثنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم "لو أن أحدكم حينما يأتي أهله يقول باسم الله اللهم جنِّبنا الشيطان وجنِّب الشيطان ما رزقتنا، فإنه حينما يؤتى بولد يحميه الله من الشيطان" أو كما قال بهذا الذكر ينبغي أن تمتزج المادة بالروح، أن تمتزج الحياة بذكر الله، هذا هو شأن الإنسان المسلم.
إلى أعلى
المعاشرة بالمعروف
بعد ذلك للمرأة حق المعاشرة بالمعروف أو هو حق مشترك بين الطرفين، الله تعالى يقول (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) المعاشرة بالمعروف كلمة جامعة منها النفقة بالمعروف، أن ينفق عليها بالمعروف (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) كما قال تعالى (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله) المعروف يختلف من رجل إلى آخر، ومن بيئة إلى أخرى (على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) الرجل القادر الموسر ينبغي أن يسكنها في بيت يليق بيساره ومقامه والرجل الفقير لا يُطالب بما لا يقدر عليه (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها) كل إنسان على قدر حاله فمن كان قادراً على أن يسكنها في فيلا فعليه أن يسكنها في فيلا، في قصر يسكنها في قصر لو كان أميراً من الأمراء، كل إنسان على قدر حاله ولا يجوز له أن يضيق على امرأته وهو قادر على السعة ولا أن يعسر عليها وهو موسر فهذا ليس من المعروف، ليس من المعاشرة بالمعروف، وليس من المعاشرة بالمعروف أن تطالب المرأة زوجها بما لا يستطيع تريد أن تكون مثل فلانة امرأة فلان، وهو ليس في يسار ذلك الرجل ولا في غناه فالمعروف هو ما تعرفه الفطرة السليمة، والعقول الرشيدة، وما يُقِره الفضلاء من الناس، وهذا يختلف ولذلك على الرجل أن ينفق على امرأته من حيث مأكلها ومشربها وكسوتها ومسكنها وكل ما يطلبه لها العرف حتى تعيش حياة مطمئنة لائقة بمثلها هذا من المعاشرة بالمعروف، وليست المعاشرة بالمعروف مقصورة على النفقة المادية، فقد يوسع بعض الناس على امرأته من الناحية المادية ولكنه لا يدخل البيت إلا عابساً مكفهر الوجه لا تسمع منه المرأة كلمة طيبة ولا ترى بسمة في فمه ولا إشراقة في وجهه فتعيش معه حياة نكدة كأنها جحيم مستمر والعياذ بالله، ما قيمة المال والنفقات ما قيمة القصر الذي تعيش فيه وهي تعيش وحيدة لأن الرجل في معزل عنها إما بتجارته وبأعماله وإما بأصدقائه وسهراته، وإما بشهواته وانطلاقاته في المتع الحرام، وإما .. وإما..، مثل هذه المرأة المسكينة، المرأة التي لا تجد زوجها، تجد مال زوجها ولكنها لا تجد الزوج نفسه، ما قيمة هذا كله؟
إلى أعلى
خيركم خيركم لأهله
النبي عليه الصلاة والسلام يقول: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" أفضل المسلمين أفضلهم معاشرة مع أهله هذا هو الميزان الذي نتبين فيه صدق الإيمان، صدق الإيمان يتجلى في معاشرة الرجل لأهله، كيف يعاشرهم كيف يؤدي إليهم حقوقهم، بهذا يتمايز الرجال بعضهم عن بعض، وأفضل الناس في ذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المثل الأعلى في ذلك هو أسوة المسلمين كما قال الله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) كان هو الأسوة الحسنة في معاشرة نساءه وقد أراد الله تبارك وتعالى أن يعيش بعض فترات حياته زوجاً لامرأة واحدة وهي خديجة رضي الله عنها، لنعرف كيف يكون الرجل مع زوجة واحدة، وعاش فترات أخرى مع أكثر من زوجة فيهن الصغيرة والكبيرة ، والبكر والثيب والعربية وغير العربية، وذات الأولاد وغير ذات الأولاد، كيف عاشرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف ضرب المثل في ذلك كله، وكان أعدل ما يكون بين هؤلاء الزوجات، كان يقول حينما يقسم النفقة والكسوة والمبيت "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلُمني فيما تملك ولا أملك" يعني أمر القلب والعواطف، لا يستطيع أن يحب هذه مثل ما يحب هذه، أمور القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، المعاشرة بالمعروف مطلوبة من الرجال للنساء ومن هذه المعاشرة بالمعروف أن يأمر الرجل أهله بالخير وأن يعلِّمهم الخير كما قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) قال علي بن أبي طالب: "علموهن الخير، علموا أهليكم الخير" قال الله تعالى (وأمُر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) أمُر أهلك بالصلاة، أنت مسؤول عن أهلك "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" فلابد أن تأمر أهلك بالصلاة وتصطبر على هذا، لا تقل قلت لها مرة ومرتين وثلاث ثم تتركها، لا .. لابد أن تصطبر على ذلك حتى تؤدي الصلاة، المفروض المسلم من أول الأمر لا يتزوج إلا مُصلِّية، إنما لو أن المسلم وقع في هذا الأمر أو كان هو قبل ذلك لا يهمه أو الصلاة ثم هداه الله وتاب عليه وأصبح ملتزماً بفرائض الله فلابد أن يحاول أن تكون امرأته في طريقه، في طريق الخير حتى يتعاونا جميعاً على إنشاء البيت المسلم المنشود وعلى التنشئة الصالحة للأبناء والبنات فلا يمكن أن تتم هذه التنشئة بمعزل عن الأم ولا يمكن أن تؤتمن امرأة لا تؤدي حق الله عليها لا تؤدي فرائض ربها، المرأة التي تخون الله لا يبعد عليها أن تخون زوجها، أو تخون أولادها أو تهمل في تربيتهم، حق الله أحق أن يؤدَّى ويُقضَى ولذلك فواجب الزوج أن يرعى زوجته وأن يأخذها بالرفق والأناة والصبر والتدرج وأن يأتي لها من صالحات النساء من يقرِّبها من ذلك، يختار لها صديقاتها الصالحات ويبعدها عن الصديقات السيئات المتفرنجات، فهؤلاء خطر على حياتها وعلى دينها وعلى دنياها.
إلى أعلى
على الزوج أن يكون لطيفاً مع زوجته
ومن واجب الزوج في المعاشرة بالمعروف أن يكون لطيفاً مع زوجته، حسن المعاشرة، يتلطَّف بها يستمع إلى حكاياتها كما رأينا النبي صلى الله عليه وسلم يستمع إلى عائشة وهي تحدِّثه عن إحدى عشرة امرأة كل واحدة تصف زوجها بوصف وهذا حديث البخاري معروف حديث أم زرع هذه تقول عن زوجها: زوجي لحم جمل غث على رأس جبل وعر، لا سمين فيُنتقى ولا قريب فيُنتقل، وهذه تقول: زوجي عياياء كل داء له داء، وهذه تقول زوجي إذا دخل فهد وإذا خرج أسد، هناك من تمدح زوجها ومن تذم زوجها، والنبي صلى الله عليه وسلم يستمع إليها حتى إذا جاءت إلى المرأة الحادية عشرة أم زرع، مدحت أم زرع، وأم زرع تتحدث عن زوجها أبو زرع وعن حماتها أم أبي زرع وعن أحمائها أقربائها وعن ابن أبي زرع، ولكنه في النهاية وجد امرأة أخرى فطلقها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير إني لا أطلِّقك" انظر إلى هذه الملاطفة، بعض الناس لا يجد عنده طاقة لأن يستمع من زوجته، وبعض الناس يسكت امرأته يقول لها: اسكتي اسكتي، كأن هذه المرأة لا قيمة لها أو لا وزن لها، الحياة الزوجية لا تقوم بهذا، الحياة الزوجية عبارة عن انسجام وتوافق، الله تعالى يقول (خلق لكم من أنفسكم) المرأة جزء من النفس، جزء منك (خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها) يحصل هذا السكون وهذه المودة وهذه الرحمة، هذه هي أركان الحياة الزوجية كما صورها القرآن الكريم والله تعالى يقول (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) وانظر إلى كلمة اللباس ماذا تعني؟ وبماذا توحي؟ أي المرأة للرجل كاللباس والرجل للمرأة كاللباس، كلاهما .. بما توحي به كلمة اللباس من الستر والوقاية والدفء والتجميل والزينة، هذا هو معنى (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) والقرب واللصوق معنى اللباس، فلا يستغني الرجل عن المرأة ولا تستغني المرأة عن الرجل.
إلى أعلى
حق المعاشرة الجنسية
ومن الحقوق حق المعاشرة الجنسية، لا يجوز للرجل أن يهمل المرأة ولا يجوز للمرأة أن تمتنع عن الرجل إلا بعذر، والله تعالى يقول (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم) حتى في أيام رمضان أيام الصيام وأيام الارتقاء الروحي، يقول الله تعالى (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) فهكذا أباح الإسلام حتى في ليالي هذه العبادة أن يعاشر الرجل امرأته ولا حرج في ذلك شرعاً إلا في أوقات معينة مثل أيام الحيض (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم منع الرجل أن يتصل بامرأته ـ أي يجامعها ـ ولكن لا مانع أن يستمتع بها خارج نطاق الجماع، كان اليهود إذا حاضت المرأة ابتعدوا عنها، كان الرجل في حجرة وهي في حجرة، لا يأكل معها ولا يشرب معها وكأنها نجسة إذا أكلت من قصعة لا يأكل منها، إذا شربت من إناء لا يشرب منه، وكان النصارى على عكس ذلك، فجاء الإسلام بهذه المنزلة الوسط، شرع للرجل أن يعايش امرأته ويستمتع بها ولكن بعيداً عن الجماع حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة: ناوليني خمرتك هذه ـ أي الخمار الذي تلبسيه ـ فقالت: يا رسول الله إني حائض، قال لها: إن حيضتك ليست في يدك، فهذا من بقايا التأثر باليهود ولذلك قالت عائشة بعد ذلك كنت أشرب وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب من الإناء الذي أشرب منه ويضع فاه موضع فِيّ، ومن ملاطفته عليه الصلاة والسلام أنه كان يشرب مكان ما شربت ليشعرها بحبه، ونجده عليه الصلاة والسلام يلاطفها فيما هو أكثر من ذلك أن يسابقها وتسابقه، يقول لها: هذه بتلك، سابقها مرة أول ما تزوجها فسبقته وكان صغيرة خفيفة، بعد ذلك سمنت وثقلت فسبقها النبي صلى الله عليه وسلم في العدو في الجري وكان عمره حوالي الستين فسبقها فقال لها: هذه بتلك، يعني صار تعادل أنتي غلبتني مرة وأنا غلبت مرة، وخرج من البيت مرة فتسابقا كل منها يريد، هذه كله من باب الملاطفة، المسلم ينبغي أن يلاطف زوجته والزوجة ينبغي أن تلاطف زوجها فهما حقان متقابلان وكل حق يقابله واجب، والأساس في ذلك قول الله تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة).
إلى أعلى
مؤامرة لإشعال نار الفتنة بين السُنَّة والشيعة
أيها الأخوة المسلمون في الأسبوع الماضي حدث حادث لا ينبغي السكوت عليه وهو قتل المرجع الديني الشيعي الشيخ محمد صادق الصدر، هذه قضية خطيرة، أياً كان القاتل، المعارضة تتهم النظام بأنه هو الذي قتل الرجل وولديه وصهره، والنظام يتهم المعارضة أو يتهم الأمريكان وهناك من يشير إلى أصابع الموساد في هذه القضية التي تريد أن تشعل نار فتنة بين السُنَّة والشيعة وهذا ما أعرفه منذ سنين طويلة، أن هناك مؤامرة أيها الأخوة تكيد بها القوى المعادية للإسلام، تريد أن توقد نار حرب بين السُنَّة والشيعة حرب دينية، لم يكفهم ما أشعلوا من حرب بين العراق وإيران باسم العرب والفرس، هذه المرة يريدونها باسم السُنَّة والشيعة، وينبغي أن نكون على وعي بكيد هؤلاء الكائدين للإسلام وأن نفوِّت عليهم أغراضهم ولا نكون من الغباء والغفلة بحيث نُستخدم أدوات لتحقيق أهداف هؤلاء، الشيعة يعيشون في بلاد السُنَّة والسُنَّة يعيشون في بلاد أهل الشيعة، هنا في قطر في بلاد الخليج يعيش الشيعة ويعيش الشيعة في أفغانستان ويعيش الشيعة في الهند، وفي بنغلاديش وفي باكستان وفي العراق وفي إيران وفي عدد من بلدان إفريقيا، ويعيش أهل السُنَّة في إيران، فلابد أن يدرك الجميع أن عليهم أن يتعايشوا تعايشاً سلمياً لن يعجزوا أن يجدوا من القواعد في دينهم وفي تراثهم ما يجعلهم يعيشون بسلام وأمان..
إلى أعلى
التقريب بين المذاهب
لقد رأينا العالم يتقارب، اليهود تقاربوا مع النصارى، وأظهروا قضية براءة اليهود من دم المسيح هذه الوثيقة والنصارى يتقاربون المذاهب التي يعتبر كل منها دين برأسه الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذوكسية، كل هذه المذاهب تتقارب فما بالنا نحن المسلمين وحدنا نتباعد، لحساب مَن؟ ولمصلحة مَن؟ نحن نخالف الشيعة في بعض فروع العقائد ولكن الشيعة مهما كان هم مسلمون في الأصل يؤمنون بألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولقد قال لي بعض الأخوة، أنهم لا يؤمنون بالقرآن قلت له يا أخي هذا ظلم، لم نَرَ عندهم مصحفاً غير هذا المصحف، هذا المصحف هو الذي يطبعونه في مطابعهم، ويوزعونه على العالم، ويحفظونه لأبنائهم ويذيعونه في إذاعاتهم وتلفازاتهم ومنه يستمدون الأحكام في العقائد وفي الفقه، كتبهم العقائدية تستدل بهذا القرآن، كتبهم الفقهية تحتج بهذا القرآن، فلماذا نقول عنهم أنهم لا يؤمنون بالقرآن هذا ليس من الإنصاف في شيء، نحن نقول: الشيعة مسلمون لهم عقائدهم التي نبدِّعهم فيها ونحكم عليهم بالانحراف، ولكن هذا لا يجعلنا نقبل أن تُمد اليد إلى أحد منهم ليُقتل، لا ينبغي أن نتحاور بالرصاص وبالقنابل، وإنما نتحاور بالحجج بالإقناع بأن يلتقي أهل العلم يحاور بعضهم بعضاً، أما أن يقتل بعضهم بعضاً هؤلاء جند محمد وهؤلاء جند الصحابة وهؤلاء .. كما يحدث في باكستان وغيرها فهذه في الحقيقة فتنة لا يستفيد من ورائها إلا أعداء الإسلام، ينبغي أن يكون عندنا صيغة نستطيع أن نتعايش بها، وكما دعا العلامة الشيخ رشيد رضا رحمه الله في قاعدة المنار الذهبية إلى هذا التعامل تحت هذه القاعدة "نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه"، هناك أشياء كثيرة نتفق عليها، نتفق على محاربة الصهيونية، نتفق على محاربة الاستعمار، نتفق في قضايا المسلمين في البوسنة والهرسك، وفي كشمير وفي كذا وفي كذا، نتفق على مقاومة الإلحاد على مقاومة الإباحية والتحلل، على مقاومة المظالم الاجتماعية على الوقوف مع المستضعفين في الأرض نتفق على ألف قضية وقضية، فلنتعاون على هذه القضايا.
إلى أعلى

النصارى أقرب للمسلمين من المجوسc
وهناك أشياء نختلف فيها ليجلس أهل العلم بعضهم مع بعض في هذه القضايا أو ندع الأمر فيها إلى الله، كما نختلف مع النصارى ومع أهل الكتاب ومع غيرهم، الله تعالى يقول (فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير) هذا ما ينبغي أن يتبناه المسلم في قضايا الخلاف، الخلاف بين المختلفين، سيحكم الله به يوم القيامة (الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون) لابد أن نصل إلى صيغة نتعايش بها وإذا كان الإسلام يعتبر النصارى أقرب إلى المسلمين من المجوس كما حدثتنا سورة الروم، سورة الروم حينما حدث صراع بين الفرس والروم قديماً أكبر دولتين تتنازعان السيادة على العالم ـ مثل ما كان يتنازع الأمريكان والسوفيت في الزمن الماضي ـ دولة شرقية ودولة غربية تنازعا وغلب الفرس ففرح المشركون وحزن المسلمون لماذا حزن المسلمون؟، لأن الفرس كانوا مجوساً يعبدون النار ويقولون بإله للخير وإله لشر، أو إله للنور وإله للظُلمة أما الروم فكانوا نصارى فهم أقرب إلى المسلمين فحزنوا وعرف ذلك المشركون ففرحوا انظروا ونزل القرآن يقول (غُلِبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيَغلِبون * في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله) يفرح المسلمون بانتصار الروم وهم نصارى كلاهما في نظر المسلمين كافر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ولكن كفر دون كفر بعض الكفار أقرب من بعض فكيف نحن والشيعة وخصوصاً أن هذا الرجل الذي قُتِل وقُتِل ولداه معه كان معروفاً بالاعتدال والتسامح والدعوة إلى التقريب ولم يُعرف عنه التعصب ضد أهل السُنَّة، ومساكين عائلة الصدر كم من إنسان ظُلِم وقُتِل في هذه الأسرة، قبل ذلك قُتِل العلامة محمد باقر الصدر صاحب الكتب الرائعة "اقتصادنا وفلسفتنا" وموسى الصدر الذي اختفى منذ سنين ولا يعرف أهو حي أم ميت، هؤلاء عائلة مبتلاة..
إلى أعلى
نحن ضد القتل وندعو إلى التعايش
ونحن نقف ضد القتل وضد الاغتيال وضد هذه المظالم أياً كان مصدرها نحن ندعو إلى التعايش، إذا كنا ندعو إلى التعايش بين الأديان والحضارات إلى حوار الأديان والحضارات، إلى حوار النصارى إلى حوار غيرهم، فكيف لا ندعو إلى التعايش بين المسلمين مهما يكن بينهم من خلاف، المصلحة الإسلامية اليوم وغداً تقتضي أن نتحاور فيما بيننا وأن نتعايش سلمياً، وأن يعطي كل منا الحق لأخيه وأن تُبحث هذه الأمور بالمصارحة وهذا ما قلته للأخوة في إيران حينما زرتهم في العام الماضي وقلته في ندوة التقريب بين المذاهب التي عُقِدت في الرباط منذ سنوات، هذا ما ينبغي أن يكاشف بعضنا بعضاً وأن يعطي بعضنا الحق لأهل الحق، لا يجوز لشيعي أن يظلم أهل السُنَّة في بلده، ولا يجوز لسني أن يظلم الشيعة في بلده، ولا يجوز للشيعة أن يقتلوا علماء السُنَّة كما يُشاع في إيران ولا يجوز للسُنَّة أن يقتلوا علماء الشيعة، لا يجوز هذا في منطق الإسلام ولا في منطق المصلحة ولا في منطق العقل، أسأل الله تبارك وتعالى أن يهيئ لنا من أمرنا رشداً وأن يجمع كلمة هذه الأمة على الهدى وقلوبها على التُقى وأنفسها على المحبة، ونيَّاتها على الجهاد في سبيله، وعزائمها على عمل الخير وخير العمل ..اللهم آمين
إلى أعلى











المصدر

No comments: