Saturday 7 June 2008

فتيات يفضلن العنوسة..!! 0




القاهرة/ مروة حمزة 16/3/1429
24/03/2008

"نار العنوسة ولا جنّة الزواج".. مقولة باتت رائجة على لسان حال فئة كبيرة من الفتيات في عدد من البلدان العربية هذه الأيام؛ فلم يعد الزواج ذلك الحلم الذي تنتظره الفتاة لتحقيق أمنية العمر، بعدما دخلت على خط الزواج عوامل عديدة أفقدته وهجه، ولم يعد الرجل هو "السند" لدى هذه الفئة الكبيرة من الفتيات، ولم تعد العنوسة ذلك الشبح المخيف عندهن.
فالسترة والبيت وإنجاب الأولاد كان همّ المرأة العربية في الماضي، لكن العقدين الأخيرين غيّرا الكثير من مفاهيمها؛ إذ أصبحت تنشد العلم والعمل وراحة البال، وظاهرة العنوسة عند فتيات الوطن العربي في هذه الأيام أصبحت منتشرة بشكل كبير. وتشير الإحصاءات الواردة في عدد من البلدان العربية أن فئة كبيرة من الفتيات اخترن العنوسة بدلاً من الزواج لأسباب عديدة، منها: النفسي والاجتماعي والاقتصادي.
فكانت القراءات التحليلية لهذه الظاهرة متعددة، لكنها كلها أجمعت على أن العنوسة باتت خياراً عند قطاع كبير من الفتيات.
لا.. لن أتزوج!
سارة، وهي طبيبة تتمتع بجمال واضح، ومن أسرة ميسورة الحال وتبلغ (37) عامًا، تؤكد لـ(الإسلام اليوم): "أرفض الزواج؛ لأني أكره الخضوع لأوامر الزوج وخدمته كما كانت تفعل أمي، فأنا طبيبة ناجحة ومعي المال، فلماذا أبحث عن رجل يتحكم في مشواري وطموحي، ويكفي ما أراه من عشرات الزيجات المخفقة التي تحطم حياة السيدات، فما الذي سأستفيده عندما أخرج من تجربة زواج مخفقة لأصبح مطلقة ومعي طفل أو أكثر".
وفي نفس السياق، تؤكد ناهد- رئيس قسم بأحد البنوك وتتمتع بجمال وأناقة راقية- رفضها لفكرة الزواج: "اكتشفت أن كل من تقدم لي يطمع في مرتبي الكبير ومركزي المالي، خاصة وأنني من عائلة ثرية؛ فأنا لن أتزوج من مجرد صورة لرجل، وأقوم أنا بالصرف عليه، وربما على أهله أيضاً، فأنا أرفض أن أكون مجرد صفقة تجارية لأي رجل يحلم بالزواج مني كي أحقق له كل أنواع الرفاهية، ابتداء من الشقة الكاملة وحتى السيارة، ولهذا طردت من حياتي شبح الزواج أو الحب".
وردًا على سؤال مراسلة (الإسلام اليوم)، حول احتياج المرأة لغريزة الأمومة أجابت ناهد: " أنا أحب الأطفال، ولهذا اعتبرت أولاد أختي هم أطفالي، وأقوم بتفريغ مشاعر الأمومة معهم، وهذا يكفيني".
زواجي.. وتحقيق الذات!
وإذا كانت "سارة" ترفض الزواج لعدم رغبتها في الخضوع لأوامر الزوج وتحكماته، و"ناهد" تكره الزواج برجل يطمع في راتبها أو تقوم هي بالإنفاق عليه، فإن هناك فئة أخرى من الفتيات يرفضن الزواج رغبة منهن في تحقيق طموحهن ونجاحهن في العمل.
"نرمين" مخرجة في إحدى القنوات الفضائية، وشارفت على الثلاثين، تعلق بدورها لـ(الإسلام اليوم): "عملي في التليفزيون وفّر لي دخلاً كبيراً، وحقق لي استقلالية مادية بعيداً عن أسرتي، وطموحي في عملي ليس له حدود، وأعتقد أن هذا الطموح لن يتحقق في وجود زوج، وبخاصة أن المتقدمين لي أقل مني علميًا وماديًا، ولهذا قلت لنفسي "وداعاً للزواج"؛ لأن أي رجل لا يريد أن تكون زوجته ناجحة أكثر منه حتى لا يُقال عليه زوج المخرجة".
وتقول غادة(34) عاماً، وتعمل بإحدى الشركات السياحية، مؤيدة وجهة النظر ذاتها: "عملي يجعلني أغلب الوقت خارج المنزل، وأحياناً أعمل في فترات ليلية، فمن هذا الزوج الذي سيسمح لي بالاستمرار في عملي الذي لا أرغب أبداً في فقدانه؛ لأنه يحقق لي مركزاً اجتماعياً مرموقاً ودخلاً مادياً كبيراً، لن يستطيع أي رجل أن يحققه لي، حتى لو أرتبط بزميلي في العمل فلن يقبل أن أستمر في عملي، وهذا ما حدث معي بالفعل، فكل مَن تقدم لي يخيّرني بينه وبين العمل، وبالطبع أختار العمل، ولهذا رفضت الزواج".
فلم يقتصر رفض الزواج على كبريات السن فقط، بل امتد إلى الصغريات أيَضًا، فداخل أسوار الجامعة "آية"، إحدى الطالبات بكلية العلوم تقول: "أرفض الزواج؛ لأنني أرى إخفاق زيجات كثيرة في العام الأول للزواج وارتفاع نسبة الطلاق, وأرى أن المشكلة ليست في الفتيات، وإنما في الرجل الذي يرفض إلاّ وأن يرسم صورة لأمه في زوجته، وأنا لي أخت مطلقة بعد زواج دام فقط ثلاثة أشهر، على الرغم من أنها تزوجت بشخص تحبه، فلماذا أكرر هذه التجربة القاسية".
صراع مع المنصب
وعن هذه الظاهرة التي أصبحت منتشرة وواضحة للعيان في مجتمعاتنا العربية، تؤكد د. سامية الساعاتي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس في تصريحات خاصة لـ(الإسلام اليوم): "إن رفض مبدأ الزواج عند بنات اليوم ليس مطلقاً، بل هناك شرائح من المجتمع تدفع الفتاة إلى التردد في الإقدام على الزواج، على سبيل المثال تلك الفئة التي تحتل مكانة أو منصباً وتحصل على مرتب كبير، هذه الفئة ترفض الزواج ممن يطمع في دخلها من جانب، ثم يصبح بعد الزواج ناقمًا على نجاحها وتقدمها من جانب آخر، ويبدأ في الغيرة منها، فهذه الفئة تفضل عدم السقوط في هذا الفخ الذي ينتهي دائمًا إلى الطلاق السريع.
وتضيف "الساعاتي": "وفئة أخرى من بنات اليوم التي تدرس بعد التخرج من الجامعة وتحصل على الماجستير والدكتوراه، هذه النوعية من البنات فرص الزواج لديها قليلة؛ لأن تعليمها محسوب عليها بسبب الموروث الثقافي الشرقي الذي يفرض على الرجل أن يكون أعلى من زوجته خاصة في مجال التعليم... وهناك فئة ثالثة وهي الفتاة التي عاشت معاناة الأم العاملة التي قاست سواء في مجال العمل أو في البيت، وتحملت المشقة، فهذه الفتاة أصبحت تخاف من الزواج وتكرار المأساة التي عاشتها أمها، لذلك تهرب من الزواج بل وترفضه وتعتبره نوعاً من الأشغال الشاقة"!
الرجل لم يتغير
وبدورها أشارت د. ناهد رمزي -أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية- لـ(الإسلام اليوم): "إنها فعلاً ظاهرة استجدت على مجتمعنا، وهذا يرجع إلى عدة أسباب، أهمها من الجيل الجديد من الرجال الذي لم تتبدل أفكاره عن الزواج، ومازال يعتقد أن المرأة خُلقت لخدمة الرجل والخضوع له وإطاعة أوامره، وكأنها واحدة من الجواري، في نفس الوقت بنت اليوم أصبحت أكثر نضوجًا بعد أن تعلمت وأصبحت عضوًا فعالاً وناجحًا في المجتمع، وتحرّرت اقتصاديًا، ولم تعد تعتمد على الرجل" .
وتؤكد أن هذا "النضج النسائي والتغيير لم يقابله من جانبه بتغيير في علاقته بالمرأة؛ فهي مازالت في تفكيره مجرد حواء التي تخدم وتنجب وتتحمل سطوته وسلطانه، حتى لو كانت هذه الأيام تساعده في مصروف البيت والأولاد، لذلك تخفق نسبة كبيرة من الزيجات، وينتهي المطاف بالطلاق، ولهذا كثير من الفتيات يخفن من الزواج، ويفضلن العنوسة ولا يخجلن منها".
وتضيف د. ناهد: "من هنا تلك الفئة من بنات اليوم لم تعد تشعر بالأمن والأمان مع الرجل الذي مازال تقليدياً في أسلوب تعامله معها، بل وأصبح عبئاً عليها، من حيث الخدمة وتحمل المسؤولية مادياً ونفسياً" وتشير د. ناهد رمزي "أن هذه الظاهرة في رفض البنات للزواج لن تتراجع، بل سوف تزداد النسب في السنوات المقبلة، إذا لم يطور الرجل أسلوبه في التعامل مع المرأة التي لم تعد تلك المخلوقة الضعيفة التي تبحث عن الحماية بمختلف أنواعها لدى الزوج، مثلما كان شائعاً في الماضي".
الإسلام و الزواج!
وفي هذا الإطار يقول الشيخ د."أحمد طه ريان" : "لاشك أن شرائع الدين، وأهدافه النبيلة جاءت لعزة الإنسان، ورفعة مكانته، وتكريمه، وتفضيله على بقية الكائنات، وفي مجال الزواج، الإسلام حث على الزواج ورغّب فيه وأمر به، ويحث الإسلام الفتيان والفتيات للإسراع بالزواج متى ما توفّرت الإمكانيات لذلك، وينهى عن رفض السنة والفطرة وتأخير الزواج أو العزوف عنه، أو تفضيل المصالح الدنيوية المادية عليه؛ لأن فيه مصلحة دينية ودنيوية، وبالنسبة للفتاة إذا جاءها الكفء من الرجال عليها ألاّ تتردد، بل أن تجعل أمرها بيد الله، وأنصح أولياء الأمور بأن يتقوا الله في بناتهم، وأن يتذكروا بأنهن أمانة عندهم، وأن الله سائلهم عن هذه الأمانة، فعليهم أن يصونوها عن السوء وأهله، وألاّ يشجعوها على البقاء بدون زواج".
ويضيف الشيخ قائلاً: "وقد قال صلى الله عليه وسلم: "تناكحوا تكاثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة"، فإذا رفضت الفتاة الزواج في مقتبل عمرها، ثم حرّمت هي الزواج باقي عمرها أو في زهرة عمرها فإنها تكون قد عطلت شرع الله، وحرمت البشرية من الخير الذي كانت ستناله بتكوين الأسرة وزيادة الولد، وخالفت أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، بالتكاثر والتناكح، وبالتالي أصبح الضرر هنا مركباً وليس قاصراً عليها وحدها".
وكذلك يقول الشيخ أحمد طه ريان عمّن ترفض الزواج بحجة إكمال الدراسات العليا أو الطموح في العمل: "إن ذلك مخالف لأمر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم؛ إذ يقول: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير



المصدر

No comments: