Tuesday 10 June 2008

العنوسة


برامج ولقاءات: المنتدى
مقدمة
الفتاة هي السبب أحياناً

أسباب العنوسة
كلمة للفتيات اليائسات


مقدمة
شرع الإسلام الزواج لمقاصد سامية ولتحقيق غايات عظيمة جليلة، منها على سبيل الذكر لا الحصر أنه وسيلة من وسائل العفاف والإحصان والعفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" ثم أن من أهداف الزواج أنه سبب لبقاء النوع البشري والإنساني، ثم أنه وسيلة إيجابية لتحقيق الأمومة والأبوة وصناعة الأجيال المتلاحقة لإقامة المجتمع المسلم، هذه الأهداف وهذه الغايات السامية إذا تعطل هذا الزواج ولم يتم فإنه يحدث فيها خلل كبير.
وسنناقش في هذه الحلقة خطر يهدد الزواج ويهدد هذه الأهداف السامية، تعطل الزواج أو ما يسمى بظاهرة العنوسة وهو تأخر الفتاة عن سن الزواج وبقاءها في بيت أهلها هذه الظاهرة تكاد تكون ظاهرة عامة في بلاد العالم الإسلامي والعربي وكان لابد لنا من وقفة معها مع الأسباب وكيفية حل هذه المشكلة والحد من هذه الظاهرة.
إلى أعلى
المقدم
شيخنا الكريم .. يقول الإمام المنظور في لسان العرب في تعريف مادة "عَنَسَ" يقول أنها هي الجارية إذا طال وقتها في بيت أهلها بعد إدراكها ولم تتزوج، هذا المصطلح هل هو وارد من الناحية الشرعية وما هي الأسباب التي تؤدي إلى تأخر الفتاة عن الزواج؟
القرضاوي
لاشك أن العنوسة هي إحدى المشكلات الكبيرة التي تعانيها مجتمعاتنا العربية والإسلامية عامة ومجتمع الخليج بصفة خاصة، وهي مكملة لمشكلة أخرى هي مشكلة العزوبة بالنسبة للرجال، هما مشكلة واحدة تأخر الزواج بالنسبة للفتاة وبالنسبة للفتى، والفتى الذي يتعزب أو يتعذب إذا لم يتزوج وهذا أيضاً موجود، وأيضاً الفتاة وإن كانت ظاهرة العنوسة تأخر الفتاة في بلاد الخليج أكثر منها بالنسبة للبنين الذكور، والواقع أن لها أسباباً كثيرة في الواقع من أسبابها أن الزواج أصبح يكلف كثيراً جداً، ولا يستطيع الشاب في بدء حياته العملية حينما يخطو الخطوات الأولى في السلم الوظيفي عندما يتخرج من الجامعة ثم يتسلم عمله لا يستطيع أن يتحمل أعباء الزواج وحده، والواقع أن الناس هم الذين عسروا ما يسَّر الله عز وجل، وعقَّدوا ما سهله الشرع، الزواج في الشرع أمر سهل ويسير ولكن الناس هم الذين عسَّروه وصعَّبوه بما وضعوا من عقبات وما وضعوا من تكاليف، فأصبح الشاب لا يستطيع ذلك فيتأخر الزواج وربما فكر أن يتزوج من الخارج، قد يكون يدرس في الخارج ويتزوج أجنبية، طبعاً البلاد هنا لا تجِيز الزواج من أجنبية إنما يتزوج ويبقى مدة حتى يسهّل الله أمر إدخالها، فهذا هو أول الأسباب، كثرة الأعباء والتكاليف التي ترهق الشاب، وتحمله ما لا يطيق فيتأخر عن الزواج، هناك أيضاً أشياء وهي بعض الآباء يشدد فيمن يأتي ويتزوج ابنته، يشترط شروطاً معينة فكثيراً ما يأتي الخُطَّاب لابنته ويردهم، هذا لأنه من قبيلة دون قبيلته، القبائل مصنفة رقم 1، ورقم 2، فهذا يقول لك نحن رقم 1 وهؤلاء رقم 4، أو نحن رقم 2 وهذا رقم 4، يعني تصنيفات ما أنزل الله بها من سلطان، وقد يكون الشاب لونه أسمر وهذا عنده غير مقبول وهو مثلاً إنسان ذو دين وذو خلق، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" هناك بعض الأمهات تأتيني رسائل كثيرة وهواتف من فتيات، حتى الأم نفسها تقف ضد زواج بناتها وبعض الأمهات عندهن عُقَد معينة فكلما يأتي لابنتها عريس تطفشه لا تفتح له صدرها ولا بابها فهذه من الأسباب هناك أيضا بعض الأعراف مثلا إن البنت لازم تتزوج ابن عمها، ونفرض أن ابن عمها لا يريد أن يتزوج الآن، فتظل محجوزة له فقط وهو لا يريدها وهي لا تريده، وهذا موجود في بلاد كثيرة، حتى في مصر القبائل العربية في الصعيد لا تقبل إن يتزوج البنت إلا واحد من أبناء القبيلة ويسمون كل من هم خارج القبيلة فلاحين فعندهم مثل يقولون "يأكلها تمساح ولا يأخذها فلاح"، وقد يكون هذا الفلاح أستاذ جامعي ومعه دكتوراه وقد يكون وكيل وزارة وله من العلم والعمل مرتبة عظيمة إلا أنه ليس من القبائل فهو فلاح ولازال في بلاد الخليج إن البنت مرهونة ومأسورة لابن عمها، وابن عمها أحياناً لا يفك أسرها وأحياناً لو هو قبل فأسرته لا تقبل بينما هو قد يتزوج من قبيلة أخرى ولكن هي لا تستطيع أن تتزوج إلا من ابن العم وقد يتزوجها عدة أشهر ثم إما أن يتركها معلقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة، وإما أن يطلقها ويتزوج من يشاء وتظل هي مسكينة أصبحت مطلقة، والمطلقات في مجتمعنا كأنها ارتكبت جريمة وربما ليس لها أي ذنب في الطلاق هي ضحية في ذلك.
إلى أعلى
المقدم
ألا ترى أن حجة بعض الفتيات هي إكمال الدارسة والوظيفة والعمل، فنحن أحياناً نرمي مشكلة العنوسة على الآخرين، أحياناً تكون من الفتاة نفسها هي التي تكون سبباً في تأخيرها وبقائها في بيت أهلها.
القرضاوي
الحقيقة أن هناك مشكلة عامة في المجتمع، هي تأخير الزواج، المسلمون في العصور الماضية كان الزواج عندهم يبدأ مبكراً، سواء بالنسبة للفتى أو بالنسبة للفتاة، أنا عندما نشأت في القرية كان الشبان في عمر الـ 18 يتزوج والفتاة تصل لـ 16 سنة وتتزوج وأحياناً أقل، ولكن جاء القانون بعد ذلك منع الزواج قبل سن الـ 16 سنة فكانوا يتحايلون على هذا بالتسنين، الطبيب يسننها ويقول هي 16 سنة وهي قد تكون 15 أو أقل والقانون الآن جعله 18، أما الآن الشاب يتخرج من الجامعة عمره 24 ولا يتزوج، 25 ولا يتزوج، 28 ولا يتزوج، 30 ولا يتزوج، والفتاة تتأخر بحجة أنها تكمل الدراسة ثم تريد أن تدرس الماجستير، فبعض الفتيات وهذا نادر تضيع على نفسها الفرصة إنما الواقع أن كثيراً من الفتيات تقبل وخصوصاً إذا انتهت من المرحلة الثانوية، فالمفروض أن الفتاة بعد الثانوية قابلة للزواج، فهي في سن معقول وتكمل الدراسة ولا يتعارض إكمال الدراسة مع الزواج، وأنا أنصح الشباب ألا يمنعوا هؤلاء الفتيات الراغبات في استكمال دراستهن لأننا نحن في عصر أصبح العلم فيه فريضة وضرورة وأصبحت الفتاة تحتاج إلى أن تسلح نفسها بالثقافة والعلم وهو ضروري لها وضروري لمساعدة أولادها، نحن نعلم الآن أن التعليم ليس مهمة المدرسة فقط لابد أن يتعاون البيت والمدرسة ولابد أن يعاون الأب والأم والآباء كثيراً ما يكونوا مشغولين في أعمالهم، فالأم عليها العبء الأكبر ولذلك الأم المثقفة مهمة ومن هنا أنا أنصح الشاب الذي يتزوج فتاة أنهت المرحلة الثانوية يسمح لها بإكمال الدراسة وخصوصاً إذا كانت الجامعة في نفس المدينة لا تحتاج إلى السفر أو خلافه، فيسمح لها بهذا الأمر فهذه كلها من الأسباب التي تؤخر الزواج وتسبب هذه المشكلة التي يعانيها بناتنا، فأنا كنت أستاذ في الجامعة وأدرس البنات وأحياناً يكون 30 أو 40 طالبة في القاعة وأسألهن من منكن متزوجة، فيطلع منهن مثلا 2 أو 3 بنات متزوجات، إذن من منكن مخطوبة يطلع أيضاً 3 أو 4 طالبات وحوالي 30 من الأربعين لا هن متزوجات ولا هن مخطوبات، ولا أجد أي عيب فيهن، بنات عائلات في الجامعة على قدر من الثقافة وحسب الظاهر لي في غاية من الأدب، ومن ناحية الشكل مقبولات جداً، ومع هذا فهن غير متزوجات، فهذه ظاهرة لاشك تحتاج منا إلى علاج، كل يدلي بدلوه حتى لا تبقى الفتاة محرومة من حق الفتاة أن تكون زوجة، ومن حق الفتاة أن تكون أما فهذه أمور فطرية، الله سبحانه وتعالى أقام هذا الكون على ظاهرة الزوجية، أي الازدواج كما جاء في القرآن الكريم (سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون) وأيضاً في الآية الأخرى (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)، (خلقنا زوجين) أي أن هناك ذكر وأنثى في الحيوان والإنسان وحتى في النبات هناك حبوب التذكير وحبوب التأنيث، وحتى الكهرباء فيها موجب وسالب، وحتى الذرة فيها إلكترون وبروتون، شحنة كهربائية سالبة وشحنة كهربائية موجبة، أساس البناء الكوني هذا الازدواج، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش وحده لذلك ربنا لما خلق آدم لم يدعه وحده خلق له من نفسه زوجاً ليسكن إليها، تسكن أنت وزوجك الجنة إذ لا معنى أن يعيش الإنسان في الجنة وحيداً فريداً فمن أجل هذا لابد أن نساعد على أن تستكمل الحياة الزوجية مقوماتها بهذا الاقتران بين الذكر والأنثى في ظل الشرع وتحت أحكام الشريعة الغراء وذلك بالزواج.
إلى أعلى
مشاهد من جدة (السعودية)
السؤال الأول: بالنسبة للزواج من الأجنبيات المسيحيات أو اليهوديات هل يستطيع الإنسان أن يتزوجها وتبقى هي على دينها وتربي أطفاله؟
السؤال الثاني: إذا كان الإنسان مديون ديون كبيرة وحاول أن يسددها بكل الطرق المشروعة ولكن لم يتسنى له ذلك وليس له أملاك يمتلكها والبنك يعطي له قرض بتيسير كبير جداً وهو بنك ربوي يعطي تسهيلات كبيرة جداً، فهل يجوز الاقتراض من هذا البنك لتسديد الديون ثم إن البنك بعد ذلك يستقطع من راتبي مبلغ شهري بدون أن يؤثر عليّ؟ فأنا عليّ ديون كبيرة جداً، ولأكثر من جهة فأنا أستفيد من هذا أجمع ديوني في منطقة واحدة وهي البنك.
القرضاوي
بالنسبة للسؤال الأول وهو الزواج من نصرانيات أو يهوديات أولاً في عصرنا هذا لا يجوز الزواج من يهودية لأنه كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لا يجوز الزواج من أهل الحرب، لأن أهل الحرب ليس بيننا وبينهم صلة ولا مودة، كما قال الله تعالى (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادَّ الله ورسوله) أي حارب الله ورسوله، فالزواج من شأنه أن يقيم مودة بين الزوجين (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) فلا مودة بين الإنسان وبين من يحارب الله ورسوله، ولذلك اليهود في عصرنا هذا لا يجوز الزواج منهم لأنك لو تزوجت يهودية فكأنك تزوجت جاسوسة لإسرائيل وتدخلها بيتك، فلا يجوز الزواج من يهودية وإن كانت كتابية، الزواج من نصرانية يجوز في رأي جمهور المسلمين ما عدا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما إنه ما كان يجيز الزواج من نصرانية وكان يقول: إن الله يقول (ولا تنكحوا المشركات حتىيؤمنّ) وأي شرك أكبر من أن تقول إن ربها عيسى وهو عبد من عباد الله فكان يراها مشركة ولكن جمهور الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين خالفوا ابن عمر وأجازوا الزواج لقول الله تعالى (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان) لكنني وضعت عدة شروط للزواج من كتابية خصوصاً الكتابية من خارج المجتمعات الإسلامية مثل الذي يتزوج أوروبية أو أمريكية، أولاً لابد أن تكون كتابية، فقد يتزوجها على أنها مسيحية وهي غير مؤمنة بأي كتاب وبأي رسول وبأي دين، ملحدة أو شيوعية، شخص تزوج من واحدة على أساس أنها كتابية وقال وجدتها بهائية، فهي ليست كتابية، الأمر الآخر أن تكون محصنة أي عفيفة شريعة لا تبيع جسدها لأي إنسان، ولو حدث منها هذا سابقاً تكون قد تابت.
المقدم
بالمناسبة فضيلة الشيخ، هناك ظاهرة بدأت تنتشر عند البعض وهي الزواج من روسيات بعد الانفتاح الذي حدث الآن في روسيا، فهو يتزوج من روسية وتقول له أن أصولها مسيحية فهل هذا الزواج شرعي وصحيح؟
القرضاوي
إذا لم تكن مسيحية بمعنى أنها كتابية ومحصنة فلا يجوز الزواج منها فهذان شرطان الكتابية والإحصان، الشرط الثالث ألا يكون هناك مضرة على المسلمات من هذا الزواج، فالآن نحن نتكلم عن عنوسة بناتنا فعندما تذهب وتتزوج واحدة من الخارج معناها أنك عطلت زواج إحدى بناتنا المسلمات، فهذا من أسباب العنوسة، إن الشخص يذهب ويتزوج روسية أو يتزوج واحدة من أي ملة ويترك بنات بلده فلا يجوز، ولذلك سيدنا عمر لما سمع أن سيدنا حذيفة بن اليمان ـ وهو من خيار الصحابة ـ تزوج من يهودية فأرسل يطلب إليه أن يطلقها، فبعث إليه سيدنا حذيفة يقول: يا أمير المؤمنين أحرام هو؟ فقال: لا، ولكن أخشى أن يكون في ذلك فتنة على نساء المسلمين، فلعل الواحد ينظر إلى هؤلاء الفتيات فيجدهن شقراوات فيتزوجوهن ويدع المسلمة فيكون في ذلك فتنة وفي بعض الروايات قال: أخشى أن تواقعوا المومسات منهن، يعني لا تتحرى من شرط الإحصان فتتزوج واحدة لا تعلم هل هي محصنة أم لا، أيضاً من أخطر الأشياء، الخطر على الذرية الأولاد خصوصاً ممن يتزوج مثلا من أمريكية وهو يعيش في المجتمع الأمريكي وهو يدرس أو يتاجر أو يشتغل وزوجته هي التي تنشئ وتربي هؤلاء الأولاد، فعلام تنشئهم؟ تنشئهم على دينها وعلى قيمها وعلى أخلاق قومها وعلى تقاليد قومها، وينشأ هؤلاء بعيدين كل البعد عن الإسلام، حتى قال لي بعض الأخوة أنه ذهب يدرس في الخارج فخاف على نفسه فتزوج من واحدة من هؤلاء وخلّف منها 3 بنات، فسألته كيف هم؟ قال هن مسلمات اسما، قال نحن خفنا من خطأ فوقعنا في خطيئة، أي وقعنا في خطأ أكبر وضيعنا أولادنا فهذه عملية في غاية الخطورة.
بالنسبة لسؤاله الثاني: والله أنا لا أرى فائدة من هذه العملية فبدلاً من أن يدفع للبنك يدفع لأصحاب الديون مباشرة، ولكن يبدو أن البنك يعطيه كل المبلغ فيدفع لكل هؤلاء مرة واحدة، يدفع لهم ويقسط له الدين على 5 سنوات، والدائنين لا يمهلونه كما يفعل البنك، المفروض المسلم رفيق بأخيه المسلم، أولاً المفروض الإنسان المسلم بقدر الإمكان لا يستدين إلا لحاجة، الناس تستسهل الديون والنبي عليه الصلاة والسلام استعاذ بالله من غلبة الدين وقهر الرجال، وكان يستعيذ بالله في دبر صلاته من المأثم والمَغْرَم فقيل له: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم، يا رسول الله ـ المغرم هو الدين ـ، فقال: إن الرجل إذا غَرِم حدَّث فكذب ووعد فأخلف، هذا حديث للبخاري. وورد أيضاً: إن الدَين هم بالليل ومذلة بالنهار. فلماذا يغرق الإنسان نفسه في الدَين، بعض الناس تتوسع أحياناً وتستدين وترهق نفسها ثم تقع في هذه الضائقة. على كل حال قد يكون الدَين في تجارة خسرت أو نحو ذلك ولا يد له فيه المفروض أيضاً إسلامياً أن يُعان المدين، فإن الإسلام جعل من مصارف الزكاة مصرف (والغارمين) الغارمين هم المدينون، فالمدين يعطَى من الزكاة ما يساعده على التحرر من رقة الدين، والوقوف على القدمين، إذا لم يجد هذا وكان الدائنون راكبين على أنفاسه ولا يستطيع الفكاك ولا يجد أحداً يقرضه قرضاً حسنا ليسدد لهؤلاء وليس عنده شيء يبيعه ليسدد لهم وضاقت به الأسباب وتقطعت به الأسباب وسُدت في وجهه الأبواب هنا يلجأ إلى البنك الربوي من باب الضرورة، فهو يفتي نفسه في هذه الحالة هل هو واقع في الضرورة أم لا، إذا وقع في الضرورة فالضرورة تُقدَّر بقدرها، يعني لو كان يحتاج إلى 10 آلاف لا يأخذ 12 ألف، إذا كان محتاجهم لمدة 5 سنين لا يأخذهم لمدة 6 سنين، إنما على أقل ما يمكن وأضيق ما يمكن (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم).
إلى أعلى
مشاهد من العين (الإمارات)
هل هناك علاج للعنوسة في الإسلام؟ وهل عولجت العنوسة في أيام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؟
القرضاوي
في الواقع أنه في عصر النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن الناس يشكون لا من عنوسة الإناث ولا من عزوبة الشباب، لأن الزواج كان سهلاً وميسراً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "أقلهن مهراً أكثرهن بركة" ولم يكن الناس يعسِّرون في هذه الأمور، النبي عليه الصلاة والسلام زوَّج سيدة نساء العالمين فاطمة رضي الله عنها لعلي بن أبي طالب بمهر عبارة عن درع اسمه "الحطمية" فالمرأة ماذا تفعل بالدرع ولكنه أشبه بشيء رمزي، فهل تبيعه! أو تتزين به! كانت الأمور ميسرة والإنسان كان يعرض أحياناً ابنته، فسيدنا عمر عرض على سيدنا أبي بكر حينما أصبحت حفصة بغير زوج فقال له: هل لك في حفصة ابنتي ـ أي هل تتزوجها ـ فلم يرد عليه، ثم ذهب إلى عثمان وسأله: هل لك في حفصة؟ فلم يرد عليه، وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له يا رسول الله عرضت حفصة على كل من أبي بكر وعثمان فلم يردا علي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يزوج الله حفصة خيراً من عثمان ويزوج الله عثمان خيراً من حفصة"، وفعلا تزوج عثمان ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم الثانية، فكان الأمر سهلاً لم يكن الناس يعسرون، الآن نحن عندما نريد أن نتزوج اخترع الناس هدية أو شيء سموها الشبكة ثم يعمل حفلة للخطوبة، ثم حفلة عقد القِران، وحفل الزواج ويا ليته مثل السابق، كان الشخص يذبح خروفين ويدعي عليه الناس، إنما الناس الآن أصبحت تعمل حفلات زواجها في الشيراتون أو الهيلتون أو الفنادق الأخرى، وتتكلف أضعاف مضاعفة، والهدايا في فترة ما قبل الزفاف والولائم والأثاث، تأثيث البيوت والمفاخرة والرياء الاجتماعي، كل واحد يحب أن يباهي الآخرين ويكلِّف نفسه ما لا يقدر عليه لماذا كل هذا؟ المفروض كما يقولون "على قدر لحافك مد رجليك" (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً) إنما الشخص يريد أن يفاخر ويباهي ويشتري من الأثاث ما لا يستطيع فكل هذه التكاليف تعرقل الزواج وتعوق خطواته، في عصر النبي عليه الصلاة والسلام كان الأمر سهلاً وما كانوا ينظرون إلا إلى دين الشخص وخلقه "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وبالنسبة للمرأة أيضا "تنكح المرأة لأربع لحسبها ولمالها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم أن نهتم ونركز على الدين والخلق سواء بالنسبة للمرأة أو بالنسبة لمن يريد أن يخطبها ويتزوجها وكانوا يقولون إذا زوجت ابنتك فزوجها ذا دين إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها، فهي كسبانة كسبانة، ويقول الإمام الشعبي وهو من أئمة التابعين: من زوَّج ابنته من فاسق فقد قطع رحمها. فهذه كانت أمور الزواج في الحياة النبوية، وكانت المرأة تتزوج بسهولة والرجل يتزوج بسهولة مثلاً الرجل استشهد ونحن نعرف أن عصر النبوة عصر جهاد فالنبي عليه الصلاة والسلام غزا سبعاً وعشرين غزوة شهدها بنفسه وبعث بضعة وخمسين سرية بعث فيها الصحابة وكان هذا في تسع سنوات فكانت الحياة بهذه الصورة، وهذه الحروب أدت إلى شهداء والشهداء وراءهم أرامل، هؤلاء الأرامل كن يتزوجن بسهولة بعد استشهاد أزواجهن أحياناً، الآن نجد أن المرأة إذا مات زوجها لا تتزوج وكأن الزواج عيب، أضرب لكم مثلاً أسماء بنت عميث رضي الله عنها كانت زوجة لجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ولقد استشهد زوجها في مؤتة وهو أحد القواد الثلاثة الذين استشهدوا في مؤتة فانتهت عدتها وتزوجها أبو بكر رضي الله عنه، وبعد أبو بكر الذي عاش بعد جعفر سنتين ونصف، عندما توفي أبو بكر فخطبها علي بن أبي طالب وتزوجها وكان عندها أولاد من جعفر وأولاد من أبي بكر وأولاد من علي وكان أولادها يأتي كل واحد يقول للآخر: أنا أبي خير من أبيك، وحينما تحتد بينهم المنافسة يحتكمون إلى الأم فكانت تحل المشكلة بفطنة وحكمة تقول لهم: أبو بكر سيد الشيوخ، وجعفر سيد الكهول، وعلي سيد الشباب وترضي الجميع، فأنا أقول أن الحياة كانت فطرية والأمور سهلة ولذلك لم تكون العنوسة مشكلة ولا العزوبة مشكلة في هذا المجتمع المسلم الذي يعتبر نموذج المجتمعات.
إلى أعلى
مشاهد من عجمان (الإمارات)
أنا أب وعندي مشكلة عندي بنت وحسب عاداتنا في بلادنا خطبت فكتبنا كتابها وكانت تستعد للزواج ولكن لظرف أو لآخر تأخر الزواج لمدة 4 أشهر في هذه الأثناء كانت تخرج مع خطيبها بما أنها كتبت كتابها، وبعد ذلك ومع الوقت بدأ الشاب يظهر على حقيقته ولم نكن نعرف عنه شيئاً فكانت أخلاقه لا تُحتمل فكانت البنت صامتة لمدة طويلة بدون أن تخبرنا أي شيء حتى بعد 4 أشهر فاض بها الكيل ولم تستطع السكوت فأصبحت تخاف أن تخرج معه فعرضت علينا الأمر وأنها لا تريد أن تتزوج هذا الشاب فرفعنا قضية طلاق فطلقتها المحكمة الابتدائية خُلع على أساس أننا نرد المهر وكل الأشياء التي أحضرها أهل الشاب، ولكن الأهل رفضوا هذا الطلاق، ورفضوا أخذ كل ما أحضروه فرفعوها للاستئناف، وقد حكمت محكمة الاستئناف بالطلاق أيضاً فرفعوها لمحكمة النقض ورفضت محكمة النقض القضية والسبب أن الضرر لن يتكرر، فكيف الضرر لن يتكرر بل سيتكرر، المهم أننا رفعنا قضية ثانية أريد من فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي أن يوضح لنا هذا الموضوع، بالرغم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة متزوجة وكل الذي قالته له هو أنني لا أحب زوجي فقال لها الرسول: ماذا قدم لك؟ قالت له: بيعة، قال لها: أعيديها له، فأعادتها له وطلقها الرسول صلى الله عليه وسلم وقد كانت متزوجة، فكيف بشابة لم تدخل بعد؟
القرضاوي
أولاً الحقيقة أنا لا أحب أن أعلِّق على الأمور التي قضى فيها القضاء، فليس من أدب المفتي أن يعلِّق على حكم المحاكم، حكم المحاكم يجب أن يُحترم لأن الأمور الخلافية إذا حكم فيها الحاكم رُفِع الخلاف، قال العلماء: حكم الحاكم يرفع الخلاف، وهذه قضايا اجتهادية ممكن أن يختلف الناس فيها فإذا قضى فيها قاض ففتوى المفتي لا ترفع حكم القضاء، لأن قضاء القاضي ملزم وفتوى المفتي غير ملزمة، ولذلك أنا عادة الحقيقة الأمور التي تُنظر في المحاكم لا أفتي فيها حينما يأتي أحد ويقول لي أنا لي قضية رفعتها إلى المحكمة أقول له لا تسألني فيها ما دمت رفعتها إلى المحكمة وحكمت فيها المحكمة، على كل حال هذه هي درجات الحكم في القضاء هناك محكمة ابتدائية وهناك استئناف وهناك نقض فالنقض هو الدرجة العليا، إذا حكمت المحكمة العليا بهذا الأمر فيجب أن يُحترم ولا مانع أن تجرب الفتاة حظها مع هذا الرجل لعل الله يصلحه بعد ذلك، وقضية الخُلع مشروعة في الإسلام، ولكن هناك بعض المذاهب لا تلزم الزوج بالخُلع، وترى أن الخُلع من حقه، اقبل الحديقة وطلقها، فإذا لم يقبل الحديقة فما الحكم في هذه الحالة فهناك كلام كثير في هذه القضية لا يتسع المجال لذكره.
إلى أعلى
مشاهد من الكويت
أنا عندي بنت عندما كان عمرها 5 سنوات مرضت مرضاً في اللثة واضطرت إلى خلع كل الأسنان طبعاً ركبت طقم أسنان، هذه العملية سببت لها مشكلة نفسية وكلما تقدم لها عريس للزواج ترفضه خوفاً من أن ينكشف أمرها ونحن بصراحة كنا متخوفين من ذكر هذا الشيء لمن يتقدم لها خوفاً من أن يرفضها وينشر هذا الشيء عنها بين كل الناس، فلن يتقدم لخطبتها أحد أبداً، فهذا منعنا من أن نقول الصراحة حتى جاء لها عريس ديِّن، وقد توخينا فيه الأمانة فقلت لها: يا ابنتي اقبلي الخطبة وبعد الخطبة عندما تطمئني إليه قولي له هذا الأمر، وقد كان عمرها 32 عاما، وبالفعل قبلت الخطبة وبعد مرور عدة أشهر على ذلك عندما حصل تجاوب ومحبة بينهما قلت لها: لابد أن تقولي له الحقيقة قبل عقد القِران أم أقول له أنا فأنا أريد أن أُرضي ضميري فقالت لي أنها ستقول له ذلك ولم أسألها بعد ذلك وكنت أثق في ذلك، وعلى ذلك عُقد القِران وتم الزواج وبعد عدة شهور فوجئت بالطلاق، جاء زوجها وقال لي لقد كذبت عليّ ولم تخبرني بحقيقتها من البداية، وحصل الطلاق وحتى الآن وقد أصبح عمرها 38 عاماً كل ما جاء لها عريس مازالت المشكلة قائمة وأنا لا أدري كيف أتصرف، فترفضهم خوفاً من تكرر المشكلة، أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم الله خيراً.
القرضاوي
الواقع أن الزواج لابد أن يُبنى على الصدق والمصارحة والمكاشفة وكما قال الشاعر:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تُعلِم
فالإنسان لا يستطيع أن يخبئ ما عنده مهما طال الزمن خصوصاً مثل هذه الأشياء فالمصارحة قبل الزواج مطلوبة، لاشك أن الفتاة أخطأت خطأً كبيراً في إخفاء هذا الأمر عن خاطبها، وكان على الأب أن يحسم الأمر مبدئيا ويصارح من أول الأمر ولا ينتظر عليه مدة حتى يصارحه بالحقيقة بل يجب عليه من أول الأمر أن يقول له أن في الفتاة كذا، وهناك بعض الناس عقلاء وواقعيين ويقول لك نحن في النهاية ننتهي إلى هذا مادام الطقم مركب بطريقة جيدة فلا يهم هذا، فبعض الناس قد يقبل هذا إنما إخفاء الأمر والخوف من انتشار الخبر هو لابد أن يُعرف هذا الأمر التكتم على هذا الأمر لا فائدة منه، لابد إن الفتاة تواجه الحقيقة ويواجه أباها الحقيقة وسيأتيها ما قُدِّر لها إن شاء الله، ولعل فيها أشياء تعوض هذا العيب وربنا إذا أخذ من ناحية يعطي من ناحية أخرى، الله عدل وحكيم فهو لا يأخذ من الإنسان كل شيء بل يأخذ من ناحية ويعطي من ناحية أخرى، فلعل فيها مميزات لا توجد عند غيرها، أنا على العموم ما أنصح به أنه لابد من المكاشفة في هذه الأمور ولا يقلق الأب ولا البنت إن شاء الله سيأتيها نصيبها وربنا يهيئ لها ابن الحلال الذي يعوضها عما فاتها إن شاء الله.
إلى أعلى
المقدم
فضيلة الشيخ أحياناً من مخاطر العنوسة ومن الآثار السلبية أنها قد تصيب بعض الفتيات بعقدة، وبالنظرة التشاؤمية للمجتمع وأن هذا المجتمع ظلمها أنها بقيت إلى 35 سنة أو 36 سنة أو تعداها كما يقال قطار الزواج فتصاب بإحباط ويأس وكأن هذا الأمر توقف عند هذا الحد، فما هي كلمتك وتوجيهك إلى هؤلاء الفتيات وإلى من وصلت منهن إلى هذا السن؟
القرضاوي
هناك كلمة للفتيات وأخرى للمجتمع، أنصح الفتيات أولاً ألا ييأسن أبداً، المؤمن لا ييأس من روح الله (إنه لا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون) وكثير من النساء تزوجن بعد أن فاتهن القطار ويسَّر الله لهن زواجاً طيباً ومباركاً وسعدن فيه لأن الله يعوِّض فالإنسان لا يدري أين الخير (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم) فالفتاة التي لم تتزوج في السن المبكرة فإن هذا لا يعني أنه قد انتهت حياتها، الحياة لازال فيها أمل، ومادام الإنسان حياً لا ينبغي أن يقلق أبدا (فإن مع العسر يسراً) وإن بعد الليل فجراً، فلابد أن تصبر الفتاة وتأمل الخير إن شاء الله، وإن غداً لناظره قريب.
بالنسبة للمجتمع فلابد أن يبذل جهداً في هذه القضية يعني أنا أعجبني في الحقيقة منذ سنة أو أكثر سمعت من صاحب السمو الشيخ زايد رئيس الدولة هنا حديثاً طيباً عن قضية الزواج، وكيف يعالجها، وكان الرجل مهتماً بهذه القضية وأنا أعيب على كثير من الناس أنهم لا يهتمون بهذا حتى بعض الآباء عندهم برود في علاج هذه القضية، يعني أنا أرى بعض الآباء عنده أكثر من بنت في البيت وهو غير مهتم بذلك ويقول لك ما الذي سيحدث هم يأكلون ويشربون، وكأن الحياة كلها أكل وشرب، لابد أن يكون عند الإنسان نوع من القلق عندما يحدث هذا، فالأب الحريص على بناته عنده غيرة الأبوة لابد أن يهتم، وكذلك المجتمع فبالنسبة لقضية التكاليف التي تكلمنا عنها هذه قضية حقيقية لابد أن نساعد فيها، مثلاً نعمل صندوق الزواج نساعد فيه غير القادرين ولكن الآن عملوا طريقة الزواج الجماعي، ففي قطر تزوج حوالي 50 شاب في ليلة واحدة وعُمل لهم مهرجان كبير في إحدى القاعات الكبرى وأُناس دُعوا إليه وبعض الناس ساهموا في إقامة هذه الحفلات وكان مهرجان عظيم، فلماذا لا نفعل مثل هذا، لأن تكاليف الزواج كبيرة جداً فلابد أن يتدخل المجتمع والله تعالى يقول (وأنكِحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)، (وأنكِحوا) أي زوِّجوا هذا الخطاب لمن؟ هل هو لأولياء أمور الفتيات أو أولياء أمور الفتيان أو لأُولي الأمر في المجتمع، أم للأمة كلها؟ كل هذا وارد، الكل مسئول عن تزويج الأيامى، الأيم من لا زوج له من النساء ومن لا زوجة له من الرجال و(إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) الناس يقولون في الأمثال "خذوا فقراء يغنيهم الله" والحديث الذي رواه الإمام أحمد وغيره والذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم "ثلاثة حقٌ على الله عونهم، الناكِح الذي يريد العفاف ـ المتزوج الذي يريد إعفاف نفسه ـ والمكاتَب الذي يريد الأداء ـ العبد الذي يريد أن يحرر نفسه ويدفع لسيده أقساط لذلك ـ والمجاهد في سبيل الله" هؤلاء حقٌ على الله عونهم فلابد أن يكون للمجتمع دور في علاج هذه المشكلة.
إلى أعلى
مشاهدة من الرياض (السعودية)
أنا لي بنت تخرجت من الجامعة وهي على خلق ودين وهي من عائلة طيبة والحمد لله، وقد خُطِبت وهي في السنة الأولى من الجامعة وبعد ذلك خُطِبت أكثر من مرة بدون أن يحصل نصيب، قالوا لي أن خطيبها الأول عمل لها عمل، وبالفعل كنت في كل خطوبة أجد أشياء ملقاة على الباب، وأنا في الحقيقة استحرم هذه الأشياء وأخاف أن أخوض في هذا الموضوع، فماذا أعمل حتى أنقذ ابنتي من هذا الموضوع؟ مع العلم أنها هي التي تركت خطيبها الأول لأن أخلاقه لا تتناسب مع أخلاقها، فهي أسرية جداً وهو يحب أن تتفرق الأُسر، فما الحل؟ وجزاكم الله خيراً.
القرضاوي
تعليقي على هذا أن معظم هذه الأشياء هي نوع من الاتكال على الأوهام فعندما تعجز الناس عن حل هذه المشكلة فتقول أن فلان معمول له عمل، فإذا عجزت المرأة عن أن تتعامل معاملة طيبة مع زوجها فيطلقها فتقول أنه معمول له عمل، ولكنها مع خيبتها لم تحسن التعامل مع زوجها، كثير من الأشياء عندما يخفق الإنسان ويفشل في قضية يحيلها على السحر وعلى الأعمال، هو في الحقيقة هناك سحر إنما هو ليس بهذا الشيوع وبهذا الانتشار الذي يحكيه الناس، كل قضية يقول فيها عمل، أنا أرى أننا نتعامل مع الأمور على الطبيعة وعلى أنه ليس هناك عمل ولا سحر وليس هناك شيء ونرى الأشخاص الذين جاؤوا لها بعد الأخ الأول لماذا تركوها لابد أن يكون هناك سبب، فبدل أن ندرس الأسباب نقول أن هناك سحر لابد أن نعرف الأسباب ونحاول علاج هذه الأسباب فربما أحد الأشخاص الذين تركوها يقول عنها أنها متكبرة أو أن أخلاقها كذا، فنحاول أن نرى الأسباب، فلابد أن يكون هناك سبب يحتج به هؤلاء الذين تركوها، إنما أنا لا أظن أن السحر بهذه القوة وهذه القدرة إنه قادر على أن يفرق بين الناس وأن يفعل الأفاعيل كأن هناك ألوهية غير الله سبحانه وتعالى تحكم هذا الكون، ليس السحر بهذه الطريقة، فأنا أرى إن الأَولى في هذه القضايا ألا نعتمد على أن هناك سحراً ونحاول علاج الأمور علاجاً طبيعياً ونتحصن بالقرآن وبالاستعاذة بالله نقرأ آية الكرسي، نقرأ المعوذات الثلاثة ونستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وندعو الله تبارك وتعالى، هذه أشياء مشروعة، إنما لا نضع كل همنا أن هناك سحراً ولا يوجد حل وأن البنت مسحورة لأن هذا معناه أنه يلقينا إلى جبرية ليس لها علاج.
إلى أعلى
مشاهد من عُمان
إذا كان رجل ليس على كامل قواه العقلية ـ على سبيل المثال شارباً للخمر أو ما شابه ذلك ـ وطلق زوجته هل يعتبر الطلاق شرعياً؟
القرضاوي
طبعاً هناك خلاف بين العلماء في طلاق السكران هل يقع أو لا يقع؟ بعض الفقهاء لا يوقعونه وبعضهم يوقعونه ويقولون أنه يجب أن يعاقَب على شربه الخمر وعلى سُكرِه المحرَّم فكيف يرتكب هذا المحرَّم ثم لا نوقع طلاقه، ولكن أنا أرى إن هذا ليس بعدل لأن الطلاق لا تقع عقوبته على المطلِّق وحده، المرأة تتضرر ولا ذنب لها وقد يكون له منها أولاد يتشتتون ولا ذنب لهم، ولذلك هذا السكران ليس له إرادة وليس له عقل، وقد جاء في حديث "لا طلاق في إغلاق" والإغلاق فُسِّر بحالة الإكراه وفُسِّر بحالة الغضب، ومعناه أن الحالة التي ينغلق على الإنسان فيها قصده وتصوره، فالإنسان في حالة السكر يكون أشد فُقدِ عقله ولذلك ورد عن سيدنا عثمان من الصحابة إن طلاق السكران لا يقع وأنا مع هذا الرأي، إن طلاق السكران لا يقع لأننا إذا عاقبنا السكران فنحن نعاقب أسرته معه ولكن بشرط أن يكون سكراناً وذلك لأن بعض الناس يشرب الخمر ولا يسكر سكراً يفقده عقله، إنما لو سكر بحيث لم يعد يعي ما يقول فمثل هذا لا يقع فيه الطلاق



المصدر

No comments: