Saturday 7 June 2008

ظلم الزوجات




د.خالد الجابر | 26/4/1425
أسأل الله _تعالى_ الذي قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء ، أن يحبب الزوجات إلى أزواجهن والأزواج إلى زوجاتهم ، ويحننهم عليهن ويحننهن عليهم ، آمين .
ليس أقسى على المرء من أن يرى أسرة مسلمة تشكلت وتكونت ، ثم إذا هي بين عينيه يراها يأكل بعضها بعضاً! ويضرب بعضها بعضاً . إنها نواة الحالقة التي خاف منها علينا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ .

والتآكل من الداخل في الأسر له صور كثيرة وأنماط مختلفة ، غير أن الحديث هذه المرة عن نوع واحد منه ، وهو قسوة الزوج على زوجته ، وظلمه لها وضربه إياها، وهذا فوق أنه ليس من خلال أهل المروءة والشرف إلا أنه أيضاً ليس من الإسلام في شيء .
يالله! هذا النبي الكريم يقرر للأمة كلها أن أفضل أفراد الأمة هم الذين يحسنون التعامل مع زوجاتهم ، قال الحبيب الكريم _صلى الله عليه وسلم_: "خيركم خيركم لأهله" ، ثم يقول: " وأنا خيركم لأهله" ، وقال في الذين يضربون زوجاتهم: "ليس أولئك بخياركم" .

ومع ذلك فإن مشكلة ضرب الأزواج لزوجاتهم شائعة جداً في العالم كله ، حتى البلاد التي يسمونها بلاد الحرية ، بل إنها عندهم أخطر مما عندنا بسبب كثرة تعاطيهم الخمر.

أنماط قسوة الأزواج
قسوة الأزواج لها أنماط وصور كثيرة ، وليست هي مقتصرة فقط على الضرب الجسدي ، وهذه بعض صور قسوة الأزواج أخذت غالبها من أفواه الزوجات أنفسهن ، ويتضح منها بجلاء أن الضرب هو نوع واحد فقط لا غير من أنواع القسوة ..
1) يضربها
2) لا يحترمها ، يكسر كلامها ويسفه رأيها ، ويهينها عند أولادها وأهله ، ويشتمها ويسبها.
3) عصبي ، غضوب لأدنى سبب ، سريع الغضب.
4) شديد مرعب ، يعتمد النظام العسكري .
5) مقطب معبس .
6) شرس ، عنيف ، فظ ، غليظ .
7) لا يلاعب أولاده ، عنيف معهم .
8) شكاك ، لا يثق .
9) يستهزئ بأهلها ، يمنعها من زيارة أهلها.
10) نقاد لكل شيء لا يقبل الأعذار ، ألفاظه جارحة.
11) يهدد بالطلاق في كل مناسبة.
12) ممتاز مع الآخرين ، سيئ معها .
13) لا يتنازل عن حقه.
14) دائم الحديث عن رغبته في الزواج .
15) لا يسعى لإرضائها عند غضبها.
16) لا يستقر في البيت ، كثير السهر ، مشغول ، يسافر كثيراً.
17) لا يصلي ، يشرب .
18) له علاقات محرمة.
19) عواطفه باردة تجاهها ، لا يبادلها كلمات الحب .
20) عيونه زائغة.
21) لا يراعي حاجتها الغريزية.
22) لا يباشر مسؤولياته في البيت ، ولا يشارك في أي عمل من أعمال المنزل ، ولا في تربية الأولاد ، ولا في شراء الحاجيات.
23) بخيل .
24) لا يدافع عنها عند أهله.



لكن .. لماذا يتعامل بعض الأزواج بقسوة مع زوجاتهم ؟ وهل من حل ؟
هذا هو السؤال الجوهري ، وله أسباب كثيرة ، ليس المجال لاستقصائها ، وكتبت فيها دراسات كثيرة ، لكن سأتناول هنا أهمها مع الإشارة إلى بعض الحلول الممكنة لكل سبب ، وأنت أيتها القارئة الكريمة _إن شاء الله_ تتأملين في هذه الأسباب وتنظرين منها ما يكون أقرب لحالتك ، وفقك الله وأعانك .

1) قسوة الزوج بطبيعة شخصيته ..
وهذا السبب ليس قليل الانتشار ، خاصة في البيئات التي يقل فيه العلم ، وتقل فيها مخافة الله ، وهؤلاء ربما لم يسمعوا قول النبي _صلى الله عليه وسلم_: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله" ، وقوله: "استوصوا بالنساء خيراً ، فإنهن عوان (أي: أسيرات) عندكم" ، يعني بسبب ضعفهن وعاطفتهن فهن كالأسيرات ، وهذا واقع، فالمرأة مهما تجبرت فهي في النهاية محتاجة إلى بيت الزوجية ، والعامة يقولون: "نار زوجي ولا جنة أبوي!!" ، وهذا المثل ليس على إطلاقه .
والحل مع مثل هذا الزوج أن تسعى الزوجة بحكمتها وبدون توجيه اتهامات إلى محاولة إيصال هذا المفهوم لزوجها ، بكل ما يمكنها من وسيلة ، ومن أهمها الذهاب إلى من بيده مفاتيح أخلاق الناس وقلوبهم وهو الله _تعالى_ ، بالدعاء واللجوء والتضرع والإلحاح عليه ، شهراً بعد شهر وسنة بعد سنة، ومن صبر ظفر ، والعجلة والتسرع تعقبها الندامة .
ومن الطرق إهدائه الأشرطة والكتب العامة التي تتكلم عن الحياة الزوجية .
ومنها : جلسات المصارحة والمكاشفة ، والملاحظ أن كثيراً من الأزواج يخبرني أن جلسات المصارحة هذه تزيد الأمور تعقيداً بسبب ما يكون فيها من الصراخ وتبادل الاتهامات ، وهذا سببه أننا للأسف الشديد في كثير من الأحيان لا نعرف كيف نحاور ، فنحن ندخل للحوار عادة متشنجين منفعلين؛ لأنه يكون عقب حدث معين ، وهذا لا ينفع فلابد للحوار أن يكون مجدولاً في موعد يتفق عليه ، في جلسة هادئة في مكان هادئ والله يعينهما ؛ لأنه قال: "إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما"

ومنها : أن الزوجة كلما زاد زوجها قسوة تزيد معه ليناً ورفقاً ورقة وتودداً ، فإن كان فيه خير فستعلمه الأيام أن يقابل إحسانها بإحسان، لكن إذا كانت الزوجة تعامل زوجها القاسي الغليظ بمثل صنيعه وأخلاقه ، فالنار لا تزيدها النار إلا اضراماً ، وللأسف فالانتقام للنفس أحياناً يعمي ويصم .

2) قسوة الزوج بسبب مرض نفسي أو ضغوط نفسية ..
وهذا كثير جداً وتغفل عنه النساء ، لكني رأيته كثيراً في العيادة ، ولهذا كلما اشتكت لي زوجة من زوجها طلبت حضوره لأتحقق من ذلك بنفسي .
وعلى الزوجة أن تلاحظ زوجها فربما كان يمر بظروف صعبة أو تحت ضغوط نفسية أو ما هو أدهى قد يكون متورطاً في مخدرات وشراب .

3) سوء تعامل الزوجة ورداءة أخلاقها ..
وربما تنكر الزوجة هذا وتقول : "عجزت عنه!" ، والواقع أن بعض قسوة الأزواج سببه سوء خلق الزوجة ، فلتنظر المرأة في حال نفسها ، ولتكن مع زوجها لطيفة رقيقة ودودة ..
فمثلاً قد يكون سوء تعامل الزوجة مع أهل زوجها أو نفرتها منهم سبباً في قسوته وغلظته، ومن ذلك إلحاحها المستمر للخروج في بيت مستقل ، فهو وإن كان أمراً تحبه المرأة لكن لكل زوج ظروفه الخاصة ... وهكذا.
4) ضعف آليات الحوار والنقاش بين الزوجين ..
ولو قال قائل: إن نصف مشاكل البيوت من ضعف آليات الحوار بين الزوجين لكان صادقاً .
يا جماعة نحن لا نعرف كيف نتحاور في الظروف العادية ، فكيف في حالات الخلاف!! اسألي يا أختي عن دورات في فن الحوار وبالذات الحوار العائلي ، وستكتشفين _بإذن الله_ إن وفقت في دورة جيدة وقمت بتطبيق مهاراتها كيف ستتغير حياتك _بعون الله_ .

5) تدخل أطراف خارجية.
وهذا أيضاً ليس قليلاً في مجتمعاتنا العربية، وإني والله لأعجب من أم أحد الزوجين أو أبيه كيف يكون سبباً في تدمير بيت بنته وولده! إنها فعلاً كارثة ! لكن ماذا نصنع ليست أخلاق الناس على سنن مشط واحد ، ولله في خلقه شؤون .
وفي هذه الحالة فالحكمة واللطف والرفق حل وأي حل .

6) قلة الصبر .
وربما تعجبين يا أختي من كلامي هذا ، لكن الواقع غير المثالية . فالصبر واحتساب الأجر في الآخرة وانتظار الفرج قد يكون هو غاية ما تقدر المرأة على صنعه، وكثير من النساء تقول : أنا لا أطيقه ولا أريده ، لكن لو طلقني فأين أذهب ؟
وأنا أقول هذا هو عين العقل أحياناً ، إذا لم يكن بد من البقاء معه .

7) برود العاطفة .
وهذا أسبابه كثيرة .

8) آخر الدواء الكي ..
فإذا لم ينفع شيء مما مضى ، ولم تتعجل المرأة وحاولت سنوات ، وليس مجرد شهرين أو ثلاثة ، ولم يقض الله _تعالى_ لحكمته أن يستجيب لدعائها وإلحاحها وتضرعها ، فإن هذا إيذان من الله _تعالى_ بأن الحل هو "التسريح" ، ويرزق الله كل واحد منهما من واسع فضله .


ماذا تفعل الزوجة ؟
المشاكل قد تقع من الزوج وقد تقع من الزوجة .
ماذا تفعل الزوجة إذا كانت المشكلة من الزوج ؟
1) لابد من مصارحة الزوج ، لابد! لابد!
2) لابد من إبداء التعاطف مع مشكلة الزوج.
3) لابد من إشعار الزوج بمعاناتها .
4) لابد من إشعار الزوج رغبتها في استمرار الحياة الزوجية ، لكن لابد من التغيير.
5) لابد من إشعار الزوج أنها مستعدة للتعاون لحل المشكلة ، ولكن لابد من تعاونه معها.
6) لابد من الاستمرار على ذلك.


المصدر

No comments: