Tuesday 10 June 2008

دور المرأة في الحياة



مقدمة

موقف الإسلام الصحيح من القضية
وقرن في بيوتكن

مجالات عمل المرأة وضوابطها
مبدأ سد الذرائع

عمل المرأة في المجال النيابي
منع المرأة من الولاية العامة

فتوى تقول أن الترشيح تزكية
أين المشكلة في هذا الخلاف؟



المقدمة
قرار أمير الكويت إعطاء المرأة حق الترشُّح والانتخاب، والمعارضة التي لقيها هذا القرار من بعض العلماء وقيادات العمل الإسلامي في الكويت أثار من جديد الحديث عن المرأة ودورها في الحياة وخصوصاً الحياة السياسية، وعن موقف الإسلام والإسلاميين من ذلك، لم يفرِّق الإسلام في التكليف الديني بين الرجل والمرأة فكلاهما على السواء مطالب بعبادة الله تعالى وإقامة دينه والدعوة إليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد حمَّل القرآن الكريم الرجال والنساء جميعاً مسؤولية تقويم المجتمع وإصلاحه أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قوله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله) ومن هنا شاركت المرأة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين في مختلف مجالات الحياة وعبر شتى مراحل الدعوة من البعثة إلى إقامة الدولة إلى عهود الفتح ضمن آداب الإسلام وضوابطه وأخلاقه التي لم تستثن الرجال من دون النساء، فلماذا إذن يتشدد بعض علماء الإسلام واتباعه تجاه المرأة فيمنعونها حقوقاً أساسية تصل عند البعض إلى منع خروجها من البيت وعند آخرين إلى منعها من التعلّم وعند غيرهم إلى منعهم من المشاركة في الحياة السياسية، فأين تكمن المشكلة هل في عدم وضوح نصوص الشريعة من القرآن والسنة أم في الأعراف والتقاليد التي لا تكترث لما يترتب عليها من ظلم وإجحاف بحق المرأة أم في ثقافة العصر الإباحية التي هدمت المقدسات وقلبت المعايير فدفعت إلى مزيد من التشدُّد والتطرُّف بدعوى سد باب الذرائع، أم في المزاج النفسي والميول الشخصية التي سرعان ما تتحول إلى قوانين ودساتير تجبر الآخرين على العمل بها. هذه الأسئلة وغيرها نطرحها على فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي في هذا اللقاء الذي نتناول فيه دور المرأة في الحياة ونظراً لطول الموضوع فسنقتصر في مناقشتنا هذا اليوم على دور المرأة في المشاركة في الحياة النيابية.
إلى أعلى
المقدم
فضيلة الشيخ ..المرأة كما ذكرنا في المقدمة والمسلمون في مواقفهم تجاه المرأة بين مفرِط ومفرِّط، من يرى أن المرأة لم تخلق إلا للبيت وللفراش وأن مكانها البيت ولا يجوز لها أن تخرج من بيتها إلا مرتين كما قال بعضهم مرة من بيت أبيها إلى بيت زوجها ومرة من بيت زوجها إلى قبرها، وهناك من يدعو إلى تحرير المرأة بالكامل دون قيد أو شرط لا من وازع ديني ولا أخلاقي ولا من حياء أو أعراف أو تقاليد فأين الموقف الإسلامي الصحيح من هذين الموقفين؟
القرضاوي
لازالت قضية المرأة تفرض علينا أن نعود إليها ما بين الحين والآخر ولا عجب فالمرأة نصف المجتمع .. هي نصف المجتمع من حيث العدد ولعلها أحياناً تكون أكثر من النصف من حيث التأثير فهي تؤثر على زوجها وعلى أولادها سلباً أو إيجاباً، والمرأة هي أمنا وهي بنتنا وهي زوجتنا وهي أختنا، وهي عمتنا وهي خالتنا، فالرجل والمرأة كل منهما يكمِّل صاحبه والقاعدة في ذلك هي قول الله تبارك وتعالى (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) معنى (بعضكم من بعض) أي المرأة من الرجل والرجل من المرأة، ليس الرجل خصماً للمرأة ولا المرأة عدوة الرجل، إنما كل منهما يكمِّل الآخر، هو منها وهي منه، هو يكمِّلها وهي تكمِّله، لا غنى للمرأة عن الرجل ولا غنى للرجل عن المرأة، ولو نظرنا إلى القضية على هذا الأساس القرآني ما وجدت مشكلة، المشكلة توجد ـ كما أشرت في مقدمتك ـ بين المفرِطين والمفرِّطين وهذه هي مشكلتنا في قضايانا الكبرى كلها أننا نقع بين طرفي الغلو والإفراط أو التقصير والتفريط والخير كل الخير في الوسط.
فالعاصم لنا من غلو المفرِطين وتقصير المفرِّطين هو الاعتصام بالنصوص الشرعية المحكمة في هذه القضية، أي نصوص القرآن والسنة الصريحة الصحيحة التي لا خلاف عليها، هذه هي التي تعصمنا من الغلو وهي التي نحتكم إليها عند الخلاف، لا نرجع إلى حديث ضعيف ولا نرجع إلى نص يحتمل أكثر من فهم، إذا احتمل النص أكثر من فهم فلا يستطيع أحد أن يقول رأيي أفضل من رأيك أو فهمي أصح من فهمك، فلابد أن نرجع إلى المحكمات والمحكمات من كتاب الله تقول المرأة كائن حي عاقل مفكِّر مثل الرجل، هي مكلَّفة مثله ومجزية على الخير في الدنيا والآخرة مثله، القرآن الكريم يقول (ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) والمرأة والرجل من أول تكليف إلهي اشتركا معاً، منذ أسكن الله آدم الجنة قال (اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) فالأمر إليه وُجِّه إلى الرجل والمرأة جميعاً، والنصوص القرآنية موجهة إلى الجنسين معا، يعني حينما يقول الله تعالى (يا أيها الناس) أو (يا أيها الذين آمنوا) هذه موجهة إلى الرجل وإلى المرأة جميعاً، حينما سمعت أم سلمة الرسول صلى الله عليه وسلم يقول "يا أيها الناس" وكان هناك ماشطة تمشطها قالت لها: دعيني أذهب، فقالت لها أنه يقول يا أيها الناس فقالت لها: أنا من الناس، فالنصوص القرآنية تخاطب الجميع على حد سواء وخصوصاً في مثل الآية التي ذكرتها (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) وبعدها يقول (فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن ..) أي من الرجال والنساء، فالمرأة تهاجر وتخرج من ديارها وتُؤذى في سبيل الدين وتُضطهد وتتحمل المحن مع الرجال، والنساء هاجرن إلى الحبشة وهاجرن إلى المدينة وأصابهن ما أصابهن، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول "إنما النساء شقائق الرجال" فالمرأة شقيقة الرجل وعلى هذا الأساس يجب أن ننظر في موضوع المرأة ونشاطها وعملها في الحياة السياسية والحياة الاجتماعية ..الخ.
المقدم
إذن نستطيع أن نخلص من هذا الكلام أن التكليف موجه للرجل والمرأة على حد سواء.
القرضاوي
الأصل في هذا، ولكن هناك أحكام قليلة تختص بالنساء لأن المرأة تختلف عن الرجل في طبيعة تكوينها، الرجل لا يحيض ولا ينفس ولا يحمل ولا يلد ولا يرضع، ولذلك كان هناك أحكام تختص بالنساء وأحكام قليلة تختص بالرجال إنما الأصل هو أن الأحكام العامة أحكام التكليف للرجل والمرأة جميعاً.
إلى أعلى
المقدم
في مجالات العمل .. هل هناك مجالات معينة يسمح الإسلام للمرأة العمل فيها أم أن الأصل في مجالات عمل المرأة الأصل فيها الإباحة إلا في مجالات معينة، وما هي الضوابط لعمل المرأة خارج بيتها؟ فالمرأة تقوم في البيت بعمل وعمل مهم أيضاً.
القرضاوي
طبعاً عملها في بيتها وفي رعاية أولادها ورعاية زوجها هذا عمل لا ينافسها فيه أحد، هي ملكة هذا البيت وربة هذه المملكة وهذا عمل لا يمكن أن يقدَّر بأي قيمة، ولكن العمل الذي يتعيَّش منه، العمل الاقتصادي عمل المعيشة والارتزاق فللمرأة أن تعمل فيما تقدر عليه من عمل، فلا تكلفها أن المرأة تعمل مع هؤلاء الذين يحفروا في المناجم فهذا لا يليق بالمرأة وضوابط عمل المرأة كالتالي:
أولاً أن يكون العمل مشروعاً، يعني لا يجوز أن تعمل في عمل غير مشروع كأن تعمل مثلاً راقصة في ملهى أو تشتغل في كباريه أو تشتغل في بار وتقدِّم الخمر، هذا محرم حتى على الرجال ولكن هناك أشياء تختص بالمرأة فلا تعمل كخادمة عند رجل أعزب ولا تشتغل سكرتيرة خاصة لمدير يقتضي عملها أن تختلي به وأن توضع لمبة حمراء ممنوع الدخول، لأن الخلوة محرمة وهكذا فلابد أن يكون العمل مشروعاً.
الأمر الثاني أن يكون هذا العمل بضوابطه الشرعية يعني إذا خرجت للعمل تخرج ملتزمة بالآداب الشرعية في غض البصر (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن)، وفي الكلام (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)، في المشي تمشي على استحياء (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن)، في التحرك ونحو ذلك. يعني تلتزم بالآداب الإسلامية.
الأمر الثالث أنها تلتزم بالزي المشروع وهذا أمر لا شك فيه، والزي المشروع عند جمهور العلماء أن تغطي جسمها ما عدا الوجه والكفين.
الأمر الرابع وهو المهم ألا يكون ذلك على حساب عملها الأصلي، يعني لا يكون هذا على حساب بيتها وزوجها وأولادها، إذا كان هذا سيعطل عملها الأصلي فنقول لها: لا. فهذا العمل قد يكون جائزاً وقد يكون مستحباً وقد يكون واجباً أحياناً، فإذا كانت هي محتاجة إلى العمل وليس لها مورد ولا عائل وهي قادرة ومعها شهادة أو نحو ذلك، هل نقول لها أن تمد يدها للناس أم تشتغل؟ تشتغل في هذه الحالة، أحياناً عملها تحتاج إليه الأسرة، ففي كثير من البلاد المرأة تساعد زوجها ويتفقوا أحياناً عند الزواج أنها تعمل لتساعده والقرآن ذكر لنا قصة ابنتي الشيخ الكبير ما ذُكر في سورة القصص حينما سأل موسى (ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير) معنى أبونا شيخ كبير أي ليس لنا أخوة ذكور ونحن في حاجة إلى رعاية الغنم التي نأكل منها، أحياناً المجتمع نفسه، المجتمع في حاجة إلى أن المرأة تطبِّب المرأة، والمرأة تمرِّض المرأة والمرأة تعلِّم المرأة، بدل أن يعالج المرأة طبيب رجل وخصوصاً في أمراض النساء، وبدل أن يمرِّضها رجل وبدل أن يعلِّم المرأة أو البنات رجل الأولى أن يعلِّمهن مثلهن، فالمجتمع نفسه يحتاج إلى هذا، فهذه أشياء لا نقول أنها مجرَّد جائزة بل هي مطلوبة طلب استحباب أو طلب إيجاب، أحياناً يكون هذا واجب على المجتمع أن يوفِّر من نسائه من يعلِّم ومن يطبِّب ومن يمرِّض.
المقدم
إذن لو قلنا هذه الضوابط مع إضافة قضية أن يكون العمل متلائم مع طبيعة المرأة كألا تعمل في الأعمال الشاقة التي تتنافى مع الأنوثة أو تعمل مثلاً في دوامات ليلية تقتضي مثلاً أن تبيت خارج بيتها أو نحو ذلك فتصبح جميع المجالات وفق هذه الضوابط متاحة للمرأة.
القرضاوي
نعم مادامت روعيت هذه الضوابط فلا حرج في ذلك وعلى المجتمع المسلم أن يوفر الضوابط الشرعية للمرأة، يعني مثلاً في قطر يحاولوا أن يعطوا المرأة في الشرطة أنها تفتش على النساء، هذا عمل لائق بالمرأة، لو اشتغلت في مختبر في المستشفى يكون هناك مجموعة من البنات يعملن معاً حتى يتوفر لهن مكان معين بعيداً عن الرجال، يعني المجتمع نفسه يمكن أن يساعد في هذه القضية.
إلى أعلى
المقدم
هذا يجرنا للحديث عن ما يدور هذه الأيام في وسائل الإعلام عن قضية قرار أمير الكويت في إعطاء المرأة حق الترشُّح والانتخاب والضجة التي أحدثها هذا القرار وبالذات موقف بعض الإسلاميين منهم من أيَّد ومنهم من عارض تماماً المرأة سواء كان في الانتخاب أو في الترشح ومنهم من أقر الانتخاب وعارض الترشُّح فما حكم الإسلام في عمل المرأة في المجال النيابي ترشُّحاً وترشيحاً؟
القرضاوي
القضية هنا إذا أردنا أن نحرِّم شيئاً على المرأة هل الأمر هو على هوانا، أي نحرِّم ما نشاء ونبيح ما نشاء، الأصل أن الأعمال والتصرفات من الإنسان المكلَّف الأصل فيها كما يقول الجمهور وكما هو الرأي الراجح والذي اختاره المحققون أن الأصل هنا الإباحة سواءً في الأشياء أو في التصرفات العادية يعني غير العبادية، الأصل في العبادات المنع إلا أن يرد نص، الأصل في المعاملات والأمور العادية وأمور الحياة هو الإذن إلا أن يرد نص يمنع، معنى النص يعني آية قرآنية أو حديث صحيح الثبوت صريح الدلالة، ونحن لا نجد ما يمنع المرأة أن تقوم بها، لأنه إذا نظرنا إلى قضية مثل قضية التصويت أو الانتخاب أن المرأة تنتخِب هذه كيف نكيِّفها، هي ممكن نكيِّفها على إحدى الصورتين إما أن نكيفها على أنها شهادة وهذا الذي اخترته أنا أرى أن الانتخاب شهادة، يعني أنت مطلوب منك أن تشهد أن هذا الشخص شخص صالح لأن يمثل الأمة أو يمثل الدائرة أو المنطقة هذه في مجلس النواب أو مجلس الشعب أو مجلس الأمة سمِّه ما تسميه، يعني أنت حينما تختاره أو تصوِّت له تشهد له، وهذه الشهادة تكون بناءً على معرفة تجمعها من الناس الذين يعرفونه بحيث تقول والله هذا أصلح الناس فأنت تشهد فهذه شهادة لله (وأقيموا الشهادة لله) والمرأة قادرة على أن تشهد في هذا كما يشهد الرجل، خصوصاً في عصرنا، يمكن في الزمن الماضي ما كانت المرأة تستطيع أن تشهد لأنها كانت حبيسة الدار، لا تخرج ولا تتعلم ولا تعمل، الآن أصبح لدى المرأة قدر من المشاركة في الحياة ومن العلم ومن الدراية عن طريق القراءة وعن طريق التلفاز وعن طريق الإذاعة وعن طريق الثقافة العامة بحيث أنها تستطيع أن تشارك وتقول هذا الشخص بالسمعة على الأقل أفضل الجميع، هذا إذا قدَّرنا أنه نوع من الشهادة فشهادة المرأة مثل شهادة الرجل في مثل هذه القضية.
إلى أعلى
المقدم
هناك فتوى فضيلة الشيخ صدرت من وزارة الأوقاف الكويتية سنة 1985م ترى أن قضية الترشيح ليست شهادة بل تزكية، وترى أن تزكية المرأة لا تجوز معتمدة على قول للإمام مالك في المدونة يقول نصه "لا تجوز تزكية النساء في وجه من الوجوه لا فيما تجوز فيه شهادتهن ولا في غير ذلك ولا يجوز للنساء أن يزكين النساء ولا الرجال وليس للنساء من التزكية قليل ولا كثير" هذا في المدوَّنة للإمام مالك الجزء الخامس ص 161، كذلك يعتمدون على نص لإمام الحرمين الجويني في غياث الأمم يقول "إن ما نعلمه قطعاً أن النساء لا مدخل لهن في تخيُّر الإمام وعقد الإمامة والنساء لازمات دورهن مفوِّضات أمورهن إلى الرجال القوَّامين عليهن، فلجنة الإفتاء في وزارة الأوقاف الكويتية رأت أن الترشيح هذا تزكية للمرشَّح والتزكية للنساء غير جائزة اعتماداً على هاتين المقولتين.
القرضاوي
لو ذكرت لي آية من كتاب الله أو حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حتى قولاً لصاحبي، إنما هذه أقوال العلماء هي متأثرة بمكانها وزمانها وعصرها من غير شك، ومن قال أن النساء لا مدخل لهن، سيدنا عبد الرحمن بن عوف حينما أراد أن يختار للخلافة واحداً من الستة نزع نفسه من الستة وبحث بصدق وسأل قالوا سأل المخدَّرات في بيوتهن، سأل النساء وهذا أحد الصحابة المرشَّحين للخلافة، وسيدنا عمر جعل صوته بصوتين، قال الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف يرجحون فهو اختار النساء وعندنا القرآن الآية التي أنت ذكرتها في مطلع الحديث (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) فقولهم أن صوت المرأة تزكية هذا القول ليس مُلزِماً هذا إذا قلنا أنه تزكية ولكن أنا أقول هو ليس تزكية هو شهادة كأن أمير الكويت حفظه الله قال للشعب الكويتي: أيها الشعب كل من عنده علم عن شخص أنه شخص قوي أمين وأنه أصلح من غيره في تمثيل الأمة فعليه أن يدلي بشهادته هذا للرجال وللنساء فمن لم يذهب فقد كتم الشهادة، من عرف أن هذا الشخص شخص صالح فهذا يدخل في كتمان الشهادة (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) وقد قال تعالى (ولا يأب الشهداء إذا ما دُعُوا) وقال (وأقيموا الشهادة لله) ووصف الله المؤمنين بقوله (والذين هم بشهاداتهم قائمون) فأداء الشهادة أمر مهم، ثم هناك تكييف آخر ذكره الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله في ندوة كان هو مع مجموعة من العلماء والمفكرين الإسلاميين حول هذه القضية وانتهوا إلى أن الانتخاب هو عبارة عن توكيل، أن الذي يعطي صوته يوكِّل هذا الشخص ينوب عن الأمة في المجلس النيابي، والتوكيل من حق الرجل ومن حق المرأة، من حق الرجل أن يوكِّل غيره ومن حق المرأة أن توكِّل، فإذا كان توكيلاً فقد خرج عن فتوى لجنة الفتوى بوزارة الأوقاف.
إلى أعلى
المقدم
هناك من يعترض على هذا الكلام يقول أن أصل المرأة أن تبقى في بيتها لقوله تعالى (وقرن في بيوتكن) فترشيح المرأة للانتخاب يستدعي أن تخرج من بيتها وأن تختلط مع الرجال وتناقش وما إلى ذلك فهذا يتعارض مع أمر الله للنساء بالقرار في البيوت.
القرضاوي
أولا هذه الآية جاءت في سياق خطاب لنساء النبي، السياق كله (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيراً * ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرتين..) ثم قال (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) وجاء في الآية التالية (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) فالآية في خطاب نساء النبي وهي تنص أنهن متميزات ولسن كأحد من النساء ولذلك غُلِّظ عليهن ما لم يغلَّظ على غيرهن، من الأحكام المضاعفة الثواب والعقاب وتحريم الزواج بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.. الخ، فهذه أحكام خاصة بهن. الأمر الثاني وإن كانت حتى خاصة بنساء النبي، نساء النبي خرجن للحج وخرجت عائشة لأمر سياسي، يعني قادت معارضة ولم تخرج فقط من بيتها بل خرجت من بيتها وخرجت من المدينة وخرجت من الحجاز إلى العراق وإلى البصرة وقادت المعركة المعروفة وكان معها من الصحابة اثنان من المرشحين للخلافة طلحة والزبير فهذا لم يمنعها من الخروج، ثم إن قوله تعالى (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) هل المرأة تتبرج داخل البيت أم خارج البيت؟ التبرج خارج البيت فمعنى (وقرن في بيوتكن) أي أن الأصل أن المرأة لا تخرج من بيتها إلى لحاجة فهذا حتى لو أخذناه على عمومه لا يمنع خروج المرأة ولكن متأدبة بأدب الإسلام غير متبرجة تبرج الجاهلية. الأمر الثالث أن الذي حدث أن المرأة أصلاً خرجت، الآن لو طبقنا هذا هل نمنع المرأة أن تخرج إلى المدرسة وإلى الجامعة وإلى السوق وإلى العمل، ما قال هذا عالم ولا قال هذا أحد فلو أخذنا الكلام على إطلاقه لمنعنا النساء من هذا وهذا لا يمكن أن يقول به عالم.
إلى أعلى
مشاهدة من بلجيكا
نحن في حاجة إلى تكثيف هذه الحصص خاصة تلك التي تهم المرأة ولي مداخلة أقول أنه يجب على بعض الحركات الإسلامية وخاصة المتزمتة منهم بأن يعلموا أن الحقوق متساوية وإن كانوا بحاجة إلى صوت المرأة والانتخابات فوجودها في البرلمان أولى ثم إن كانوا لا يسمحوا لها بهذا فليتذكروا أنها بحجابها وأتكلم خاصة عن الموجودات في أوروبا خير دليل عن وجودنا وعن دورنا في هذا المجتمع الأوروبي، وهذا يدل على أن دور المرأة في الحياة ليس بالأمر الهين وأقول: نحن كموجودات في أوروبا نحاول أن نفتك حقوقنا ودورنا نرى أن هذه المواقف المتطرفة ضد المرأة تسيء للإسلام أولاً ثم للمرأة المسلمة ثانياً وليكن في علمكم أيها الأخوة أن في بلجيكا لنا أخت متحجبة انتُخبت في المجلس الأعلى للمسلمين وهذا دليل على أن المرأة المسلمة بإمكانها فرض وجودها في المجتمع ثم أقول لا ندري نحن النساء المسلمات الداعيات هل نواجه الحركات الإسلامية المتطرفة أم نواجه الأنظمة الديكتاتورية التي تحاربنا في كل مكان؟
إلى أعلى
مشاهدة من أسبانيا
أولا أريد أن أعبر كمسلمة وكإنسانة وكامرأة وكفرد في هذه الأمة عن ألمي العميق للسهولة الفائقة التي يمكن أن نُجَر من خلالها إلى المعارك الهامشية هنا وهناك .. ومتى؟ في هذا الزمن الذي تُغتصب فيها أعراضنا ويُحرق فيه وجودنا في الجزائر وفي فلسطين وفي كوسوفا يبدو وبكل بساطة أننا نتخلى لأبسط صيحة هنا وهناك نتخلى عن هذه المعارك المصيرية في وجود الأمة الإسلامية وننزلق إلى هذه المعارك الهامشية، وهذه المعارك في الواقع تحتاج إلى إعداد وإلى دراسات ميدانية إلى إحصائيات إلى سبب اجتماعي وتحضير إعلامي وإلى وعي حقيقي بهويتنا من نحن؟ من حولنا؟ من نحاور؟ ومن هو عدونا الحقيقي؟ أما نحن في الواقع والذي أراه أننا نزج أنفسنا في المعارك هذا كمن يرمي نفسه في البحر دون أن يتعلم العوم، وثالثاً عندما تكون المعركة على أمور خلافية لا تتعلق بما نسميه "الأولويات الشرعية" فإنه لا يحق لأحد كائناً من كان أن يدَّعي أنه يمثِّل الإسلام والمسلمين وإذا كان هذا ليس من حق أحد فإنه ليس من حق أحد كذلك أن ينصِّب نفسه وصياً على المسلمين ومهما بلغ من العلم ومهما ادعى من الدين، المسلمون يا سيدي ليسوا فقط الأمة العربية أو سكان الخليج العربي وليسوا هذه الدولة أو تلك المسلمون هم شعوب وقبائل بمئات اللغات وآلاف العادات والتقاليد لا يمكن أن نحصرهم في مفاهيم إقليمية ضيقة نسقطها على الإسلام من مفهوم زاوية معينة ضيقة تخص هذا الزمان أو هذا المكان أو هذا الشعب. أعود الآن إلى قضية المرأة هذه القضية الموجعة والمؤلمة والتي نؤتى منها يوماً بعد يوم وفترة بعد فترة، هذه القضية ـ كما تفضل شيخنا ـ التي لا نجد نهاية لهذا النفق الحضاري الذي حُفِرنا فيه، يعني هناك أولويات أساسية الإسلام خاطب الإنسان يعني أنا أريد أن أقول لكن شي بسيط جداً لفظ كلمة "الإنسان" بكل اشتقاقاتها جاءت في القرآن الكريم 90 مرة، لفظ النفس البشرية الإنسانية ورد 300 مرة، لفظ "الناس" 240 مرة أما لفظ "النساء" أو "المرأة" فقد جاء فقط 86 مرة، لفظ الرجال أو المرء جاء 67 مرة، إذن خوطب الإنسان على أنه إنسان في القرآن الكريم 700 مرة فالإسلام وجَّه الخطاب إلى هذا الإنسان ثم أعطاه كلمة أنثى أو ذكر وفي الإسلام كما تفضلتم وكما تفضل شيخنا هناك مساواة كاملة في كل شيء ما عدا تلك الأمور التي تتعلق بالوظائف الإنسانية لكل من الرجل والمرأة في إطار المهمات الأسرية والاجتماعية.
القرضاوي
أريد أن أقول للأخت أنه للأسف نُجَر إلى هذه المعارك ودون معنى ولو أن الإسلاميين فقهوا أن الأمور الخلافية، يعني هذا أمر معروف أنه أمر خلافي والأمور الخلافية تحتمل الوجهين والعلماء من قديم قالوا لا ينكر لا مجتهد ولا مقلِّد على آخر في الأمور التي تحتمل الاجتهاد وتحتمل الخلاف، خصوص إذا حكم فيها حاكم أو قضى فيها قاض أو اتخذ فيها أمير قراراً يرفع الخلاف، لو كان الأمر كذلك كنا استرحنا ولكن نحن في حاجة إلى توعية باستمرار لهذه القضايا الأولية للأسف.
إلى أعلى
المقدم
لكن هناك من يعترض على قضية حق المرأة في الترشيح أو الانتخاب بما يسمى بمبدأ سد الذرائع، يقول بأن خروج المرأة لكي تنتخِب أو حتى لو رشحت نفسها هذا يؤدي إلى أن تختلط بالرجال وقد تخلو بهم في خلال حملتها الانتخابية أو في خلال الاجتماعات في لجان في مجلس النواب أو مجلس الأمة أو مجلس الشورى كائناً ما كان اسمه وقد تختلط مع رجال من خلال مراجعة المواطنين لتقديم شكاواهم وتقديم اقتراحاتهم وما إلى ذلك وهذه الأشياء من الأشياء المحرمة فكل ما أدى إلى حرام فهو حرام، فبما أن ترشيح المرأة أو عضويتها في مجلس مثل مجلس الأمة سيؤدي إلى هذا وهو حرام فإذن عضويتها في مجلس الأمة حرام.
القرضاوي
نحن خرجنا من قضية الانتخاب إلى قضية الترشيح فقد كنا نتكلم عن الانتخاب لأن هناك من منعوا المرأة من مجرد أنها تدلي بصوتها، أن تقول هذا يصلح وهذا لا، فدخلنا في قضية عملية الترشيح وعملية الترشيح هناك من يمنعون ولهم أدلة غير قضية سد الذرائع إنما قضية سد الذرائع هذه قضية تُتَّخذ في أمور كثيرة، البعض يريد أن يحرِّم الحلال بحجة سد الذرائع نحن حينما نجيز هذه القضايا، البعض حينما منعوا المرأة أن تتعلم من أجل سد الذرائع، ففي فترة منعوا المرأة من مجرد التعلم، أنا أذكر من حوالي 40 سنة أوائل ما جئت قطر كان هناك خلاف هل تتعلم المرأة أو لا، البعض قال تتعلم ولكن حتى المرحلة الابتدائية حتى تستطيع فقط أن تقرأ وتكتب يعني تفك الخط، إنما بعد ذلك لا، لماذا؟ بحجة سد الذرائع وكذلك العمل، تُمنع من العمل، بحجة سد الذرائع، قضية سد الذرائع إذا بولغ فيها مثل فتح الذرائع، ففتح الذرائع إذا فتحناه يمكن يفتح شر كبير وسد الذرائع أيضاً إذا بالغنا فيه ممكن يمنع خيراً كثيراً، كأن يقول لك بعض الناس لا نزرع العنب حتى لا يُتَّخذ خمراً، هل نمنع الناس من التجاور في البيوت حتى نمنع الزنا، هذا مستحيل إذا أجزنا الشيء نجيزه بضوابطه الشرعية بحيث نقول لا يجوز للمرأة أن تكون متبرجة، لا يجوز أن تخلو برجل، لا يجوز كذا ولا يجوز كذا، فنجيزه بضوابطه ولكن لا نمنع الشيء ونحرِّم ما أحل الله بآرائنا.
إلى أعلى
مشاهد من الإمارات
لدي مداخلة أو سؤال حول حديث النبي صلى الله عليه وسلم "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" نحن نعرف أن ملكة سبأ التي قص علينا القرآن قصتها أفلحت في قيادة قومها، فهل يمكن أن نفهم هذا الحديث على أنه خبر أم إنشاء، إذا كان خبر فهذا الخبر يخالف الواقع وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن تخالف الواقع، أنا أفهم الحديث ـ إذا سمح لي أستاذتا ـ على أنه إنشاء وليس خبراً بمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو أو يتفاءل بأن القوم الذين ولوا أمرهم امرأة لن يفلحوا، أما إذا اعتبرناه خبراً فالخبر لا يمكن أن يصادم الواقع، والواقع نرى أن قيادات نسائية نجحت في قيادة أمورهن وبالتالي لا يبقى في الحديث دليل في الحديث، أما في الأمور الأخرى وخصوصيات المرأة فهذا موضوع آخر لكن كحديث لا أرى في الحديث بعد هذا دلالة على منع المرأة من تولي القيادة العامة للمسلمين وأريد أن أسمع رأي أستاذنا الفاضل في هذا.
المقدم
الأخ ذكر حديث ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة وهذا الحديث استدلت به لجنة الفتوى بالأزهر عندما أصدرت فتواها في أوائل الخمسينات تحديداً في سنة 1953 بتحريم حق المرأة في الترشيح والانتخابات استدلالاً بهذا الحديث، والأخ المشاهد له فهم للحديث أنه حديث إنشائي وليس خبري وبما أنه إنشائي لا ينبني عليه حكم فما رأي فضيلتكم في هذا الموضوع.
القرضاوي
أولاً أحب أن أقول أن فتوى الأزهر قبل الخمسينات هي فتوى قديمة من حوالي ستين سنة، ولو أن المشايخ الذين حضروها عاشوا إلى عصرنا ورأوا ما حدث من تغير لغيروا فتواهم كما تغيرت الفتوى في كثير من الأمور، الحديث "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" هو حديث في صحيح البخاري رواه البخاري عن أبي بكر رضي الله عنه، أنه قال: عندما وُلِّيت بوران بنت كسرى حينما مات كسرى ولَّوا ابنته، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" وهو خبر من غير شك وليس إنشاءً لأن الإنشاء إما أمر أو استفهام أو نهي أو كذا إنما هذا خبر "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" إنما المهم هو هل المقصود الإخبار عن هذه الحادثة أم العبرة بعموم اللفظ يعني هل نأخذ بعموم اللفظ أم بخصوص السبب، هناك خلاف بين علماء الأصول في هذه القضية، الرأي الأغلب أن العبرة بعموم اللفظ ولكن رأي المحققين أنه مع أن العبرة بعموم الألفاظ ولكن لا تؤخذ هذه قضية على إطلاقها وعمومها، هناك أحياناً يراعي خصوص الأسباب كما أشار الإمام ابن دقيق العيد في أحاديث "ليس من البر الصيام في السفر" قال لابد أن يراعى السياق الذي جاء في الحديث، وأيضاً هنا لابد أن يراعي السياق الذي جاء فيه حديث "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" وهو أنه أراد أن يحكي عن الفرس أن هؤلاء لن يفلحوا لأن هناك في الأمة من هو أكفأ من بنت كسرى بآلاف المرات ولكن النظام الوراثي هذا جعلهم يحكِّموا بنت كسرى عليهم فلن يفلحوا. الإمام الشاطبي في الموافقات ذكر أنه لابد من رعاية أسباب نزول الآيات وأسباب ورود الأحاديث، وهذا وارد عن ابن عباس وعن ابن عمر وله أمثلة كثيرة فالقول الصحيح أن هذا هو خبر ولكن لا يراد به التعميم، ولو كان يراد به التعميم كما هو قول الكثيرين لعارض نص القرآن كما ذكر الأخ المشاهد من الإمارات لأنه عارض قصة سبأ وهي مذكورة في القرآن أن امرأة ولاها قومها الأمر كما قال القرآن على لسان الهدهد (وجدت امرأة تملكهم) فهذه المرأة التي تملكهم قادت قومها إلى خيري الدنيا والآخرة، الناس فوضوا إليها الأمر، (قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون * قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين) فوَّضوا إليها الأمر فاستعملت حكمتها وكياستها وأناتها ولم تقُد قومها معركة خاسرة مع سليمان، وانتهت أنها أسلمت مع سليمان لله رب العالمين ودخل قومها في الإسلام وفازوا بالحسنيين فهذه امرأة ولو كان الحديث على عمومه لصدم القرآن الكريم وصدم الواقع أن أحياناً فعلاً هناك بعض النساء قُدن قومهن وكُن خيراً من الرجال.
إلى أعلى
مشاهد من الدوحة
كنت سأتكلم عن نفس الحديث الذي ذكره الأخ من الإمارات وأنه قد ردَّه أحد العلماء يرحمه الله ردَّه وقال أن جولدمائير أفلحت وأن مارجريت تاتشر في إنجلترا أفلحت وكذا ورد هذا الحديث بالعقل، كيف يرد حديث مثل هذا وكيف نولي امرأة على رجال وكيف تكون للمرأة الولاية العظمى أو الصغرى، مثلاً إذا خرجت ورَشَّحت نفسها ونجحت في الانتخابات، وصارت عضوة في البرلمان أو غيره كيف أنها تقوم على الرجال وكيف تدبر أمر الرجال والله سبحانه وتعالى بين أن الرجال قوامون على النساء كما ذكر الله عز وجل وهناك فروق كثيرة ذكرت في كتاب الله وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بين النساء والرجال فكيف نرد هذا الحديث بهذا العقل وكيف نرد الآيات والأحاديث التي فرَّقت بين الرجال والنساء ومنها قول الله عز وجل (وليس الذكر كالأنثى) ومنها أن الله سبحانه وتعالى جعل لشهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل (واستشهدوا شهيدين من رجالكم..) الخ هذه الآيات والأحاديث فكيف نرد هذا الحديث بالعقل والحديث صحيح كما صحَّحه العلماء فنرجو الإجابة من شيخنا وجزاكم الله خيراً.
القرضاوي
هذا الحديث من الأحاديث المهمة ونحن لا نرد الحديث ولكن نفهمه أنه جاء عن كسرى وعن قوم كسرى ولا نعمِّمه على كل امرأة، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى إذا انتخبنا امرأة في المجلس نحن لم نولِّها أمرنا، هي عضوة وعملها في المجلس إما أنها ستحاسب المجلس كما يحاسبه الرجال والمحاسبة بلغة الفقه الإسلامي والثقافة الإسلامية النصيحة في الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا للرجال وللنساء والقرآن قال (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) أو إما أنها للتشريع والمراد بالتشريع هنا التشريع لله في الإسلام هذا هو الأصل إنما المراد الاجتهاد واستنباط الأحكام في ضوء النصوص والقواعد وهذا يجوز للرجال وللنساء، لم يقل أحد من الأصوليين أو الفقهاء أن من شروط الاجتهاد الذكورة، لم يقل أحد هذا ثم أريد أن أقول حتى الذين قادوا بعض البلدان مثل أنديرا غاندي في الهند أو جولدمائير أو مارجريت تاتشر، هؤلاء لم يولِّهم قومهم أمرهم، ليست مارجريت تاتشر هي التي تحكم، هي مؤسسات، يعني هي رئيسة مجلس الوزراء، مجلس الوزراء هو الذي يحكم، ومجلس الوزراء لا يحكم لوحده، بل هناك مجلس عموم، ومجلس لوردات وهناك محاكم، ممكن محكمة عليا أو محكمة دستورية أو مجلس دولة أو محكمة إدارية تحكم ضد رئيسة الوزراء نفسها فهذه ليست سلطات مطلقة.
المقدم
وهذا الحكم يا فضيلة الشيخ أيضاً قد يصل إلى ملكة بريطانيا نفسها وحتى في الإسلام لو كان الخليفة رجل فبإمكان المحكمة والقاضي يقضي ضد أمير المؤمنين.
القرضاوي
فليس هناك تولية أمر، وحتى الولاية العامة هذه في مثل كسرى الذي يعتبر كأنه مؤلَّه ويحكِّمه الشعب في أموره، في حياتنا العصرية لا يوجد هذا، حتى أمير الكويت هذا القرار الذي اتخذه لابد أن يوافق عليه مجلس الأمة الكويتي وإلا لا يصبح نافذاً فليس هناك دكتاتور يوليه الناس أمورهم يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد كأنه إله لا يُسئل عما يفعل، لا .. لا يوجد هذا.
إلى أعلى
المقدم
طيب عندما قرَّر العلماء أن المرأة تُمنع من الولاية العامة فهل يقصدون الولاية العامة الجائرة أم الولاية العامة حسب الشريعة الإسلامية والشريعة الإسلامية تنفي الظلم والاستبداد والدكتاتورية.
القرضاوي
المقصود من الولاية العامة هي التي تتحكم في الناس، إنما إذا كانت ولاية .. هناك مؤسسات هذا أمر آخر لا أريد أن أدخل في مناقشة الولاية العامة لأنني متفق مع ابن حزم ومع الذين قالوا أن المرأة لا تولَّى الولاية العامة، وحتى خلينا في الولاية الخاصة، هنا .. من هي المرأة التي نوليها الولاية الخاصة؟ هل تأتي امرأة حامل في الشهر السابع ونولِّيها الولاية!! لا .. هناك وقت معين تستطيع فيه المرأة ذلك .. مثلاً إما أن تكون امرأة لم تتزوج أو امرأة لم تنجب أطفالاً أو امرأة أنجبت وكبر أولادها وزوَّجت أبناءها وبناتها ونضجت من العقل وخلت من الحيض والنفاس وعندها فراغ وعندها قدرة على تحمل المسؤولية العامة والمشاركة في العمل العام.
المقدم
لكن حتى هذه المرأة عندما تُنتَخب قد لا تكون متزوجة فالبرلمان قد يأخذ 4 أو 5 سنوات، قد تتزوج في هذه الفترة وتحمل وتنجب.
القرضاوي
في سن معينة حتى لو تزوجت فلن يمنعها عملها من الزواج، فمادام بلغت سن اليأس وأصبحت امرأة ناضجة في السن والفكر وأصبح عندها قدرة على النشاط فلا يمنعها مانع من هذا.
إلى أعلى
مشاهد من الإمارات
هناك فتوى لسماحة إمام أهل السنة والجماعة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في المرأة والعمل والاختلاط تحريم قاطع. والسؤال الثاني: أنا تناقشت مع بعض الأخوة عن اليهود والنصارى بأنهم أهل كتاب ونأكل من أيديهم ومن ذبائحهم ونتزوج من نسائهم ولكن هم كفار مشركين فقال أحدهم أن الدكتور يوسف القرضاوي يقول أنهم ليسوا كفار مشركين قلت له: اتق الله إن يوسف القرضاوي أعلم منا بهذه الأمور نريد توضيح هذا الشيء وجزاه الله ألف خير.
القرضاوي
والله أنا لم أقرأ ماذا قال الشيخ بن باز رحمه الله على كل حال العلماء يختلفون في هذه القضايا، والعالم يتأثر بمكانه وزمانه ولذلك الأخت قالت أن المسلمين ليسوا أهل الخليج وحدهم ولا العرب وحدهم بل هناك 1300 مليون في العالم فإذا كان بعض الناس يتأثرون بالتقاليد وبالأعراف السائدة هذا قطعاً العالِم يؤثر عليه وضعه ولذلك أنا قلت أن الأزهر ممكن يتغير أنا أقول لك ماذا حدث هنا عندما جئت إلى قطر وجدت العلماء مختلفين هل تتعلم الفتاة بعد الابتدائية أو لا تتعلم، أحد العلماء الكبار الذين كانوا يمنعون الفتاة من التعلم بعد الابتدائية بعد عدة سنوات بعد أن فتحت جامعة قطر كتب لمدير جامعة قطر يقول له: لماذا تغلقون الأبواب أمام الطالبات؟ لماذا تشترطون 60% أو كذا، من تريد أن تتعلم افتحوا لها الأبواب لتتعلم، الجامعة وهو كان يمنعها من 20 سنة أو 25 سنة من مجرد التعلم بعد الابتدائية، الإنسان يتغير، لماذا غيَّر الإمام الشافعي مذهبه بعد أن صار في مصر وكان له مذهب يقال له القديم ثم صار له الجديد، لأنه في مصر رأى ما لم يكن قد رأى وسمع ما لم يكن قد سمع، الإنسان يتغير اجتهاده، فأنا أحترم الشيخ ابن باز رحمه الله ولي معه مودة وتقدير ولكني أخالفه في هذا الرأي ولو عايش ما عايشت وانتقل إلى العالم كما انتقلت وخالط الأفكار العلمانية واللادينية وخالط غير المسلمين ربما لغير فكره.
وسؤاله الثاني عن أهل الكتاب كل من لم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهذا ذكره القرآن قال (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)، (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) وأنا لي بحث طويل نُشِر في صحف قطر كلها وهو بحث مطوَّل عن هذا الموضوع.
إلى أعلى
مشاهد من الإمارات
قبل قليل قال الشيخ لو كان علماء الأزهر حضروا العصر الحالي لغيروا هذه الفتوى بمعنى أننا حالياً صرنا نعيش في عصر الفتاوى التي تُصدر تُغيَّر كل فترة زمنية، طبعاً نحن متفاهمين قول الشيخ ويقصد به فقه الواقع وما يستجد لدى الأمة فيجب أن تحدَّث الفتاوى، لكن ما ألاحظه حالياً وما نعيشه كأمة إسلامية ليس أنه تظهر مشاكل تتطلب تغيير، لا .. بل ما يحدث أننا نتعرض لضغوط من الخارج تحاربنا في أماكن معينة، وهذه الضغوط نبدأ نتجاوب معها ونوجد مخارج حتى في النهاية نظهر أنفسنا أن الدين الإسلامي دين منسجم مع كل عصر ونقدر أن نتعامل مع المشاكل، ونحن حالياً في العصر الذي نعيشه أمتنا لا تعاني من مشكلة أو هناك نقص في البرلمانات أو هناك نقص في الوظائف بحاجة إلى نساء، ففي ألمانيا في الحرب العالمية الثانية كان عندهم مشكلة أن هناك فرق هائل بين الرجال والنساء لظروف، لكن نحن الأمة الإسلامية لا نعاني من هذه المشكلة ولكن نحن نفتعل مشكلة حتى نرضي الأعداء فقط لأنهم يقولوا أنتم ظالمين المرأة أنتم ضد المرأة، فنحن يجب أن نوجد طرق جديدة حتى نقول لهم أننا نحب المرأة ومساواة المرأة وأن ديننا دين سماحة وليس لدينا مشكلة، ولا نعرف إلى متى ستستمر هذه المشكلة، فأنا ألاحظ أن كل المشاكل الجديدة التي تظهر هي ليست مشاكل حقيقية تعاني منها الأمة الإسلامية بقدر ما هي ردود أفعال لما نتعرض له من الغرب.
المقدم
الأخ يرى أن المشاكل والخلافات استجابة لضغوط خارجية أكثر منها لتغير الأحوال.
القرضاوي
لا ليس دائماً ولكن قد تكون هذه الاستجابة مفيدة، أنه يمكن أننا نكون متحجرين على آراء ليست هي الآراء الصحيحة وإنما هي نتيجة عصور التراجع والتخلف الإسلامي أي أن رواسب هذا التخلف أثرت علينا وأثرت على فقهنا وفكرنا سنوات، المسلمين في فترة من الفترات منعوا المرأة أن تصلي في المسجد وفي بعض العصور قالوا: إلا العجوز، ثم قالوا ولا حتى العجوز، مع أن الرسول يقول "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" هذا تأثير الزمان والمكان فلا مانع أننا عندما نختلط بغيرنا نتأثر فنعود إلى النصوص ونعود إلى المقاصد ونعود إلى المبادئ والقواعد فتعطينا فكراً جديداً وفهما جديداً في النص ليس تغيراً لدين الله وإنما فهم جديد في دين الله اقتضاه الزمان والمكان.
إلى أعلى
مشاهد من السعودية
أريد أن أسأل الشيخ إذا مات وكلنا سنموت وسُئل هذا السؤال: لماذا أخرجت المرأة ـ بفتواك لأمير الكويت ـ من بيتها ومن بين محارمها ووضعتها في البرلمان عن يمينها رجل غريب وعن يسارها رجل غريب ومن أمامها رجل غريب ومن خلفها رجل غريب، وتقوم وترفع صوتها أمامهم، فماذا تجيب يوم القيامة؟ هذا من ناحية.
والناحية الثانية الاستشهاد ببلقيس فهؤلاء كانوا قوماً مشركون وليس عندهم رسالة ولا نبي قال لهم هذا حلال وهذا حرام، ثم بعدما أسلمت على يد سيدنا سليمان هل رجعت ملكة عليهم لم ترجع ملكة عليهم. ومن ناحية أخرى الآن الشيخ يقول المرأة ليس من المعقول أن تكون حامل وتقوم بالبرلمان يعني منع عليها الزواج وإلا نعطيها إجازة أمومة وإجازة نفاس يعني أنتم شجعتوا المرأة حتى تدخل في السياسة، وحتى تدخل في البرلمان أو تتولى الولاية العامة أنها لا تتزوج، تكون متفرغة أو تكون عجوز، والعجوز هذه كيف نوصلها للبرلمان على كرسي نقال! وشكراً.
المقدم
الأخ يسأل ماذا ستقول إذا قابلت الله وسألك لماذا أخرجت المرأة .. بيتها ووضعتها في البرلمان تختلط بالرجال.
القرضاوي
والله أقول يا رب أنت الذي شرعت ذلك في كتابك وعلى لسان رسولك وقلت لنا (بعضكم من بعض) وقلت (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) أنا احتج بكتاب الله وسنة رسول الله وأنا أدين الله بهذا وألقى الله وأُحاجّ عن رأيي هذا يوم القيامة أنا لم أُجِز للمرأة أن تذهب بغير ضوابط بالعكس أنا أقول كان على الإسلاميين بدل أن يقفوا ضد هذا الرأي أن يضعوا له الضوابط ويقول لا ننتخب المتحللات ولا العلمانيات ولا اللادينيات ولا المتبرجات إنما ننتخب المرأة المسلمة الملتزمة، الغيورة على دينها الحريصة على أداء فرائضها، كان هذا الواجب فنحن لا نبيح إباحة مطلقة نحن نبيح إباحة مقيدة بقيودها وضوابطها الشرعية، لا يجوز أننا نترك المنافقات القرآن ذكر آية (والمؤمنون والمؤمنات) هذه في مقابل ما قاله قبل ذلك .. قال (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف) ثم قال (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم من بعض) إذا كان المنافقات يعملن لخدمة مبدأهن ونفاقهن فالمفروض المؤمنات يعملن لخدمة إيمانهن، ولذلك فنحن نشجع المؤمنات الملتزمات أن يخضن هذه المعارك ويقفن ضد المتحللات والمتبرجات وهذا نلقى الله به ولا نخشى شيئاً أبداً إن شاء الله حجتنا قوية إن شاء الله.
إلى أعلى
مشاهد من بريطانيا
حقيقة أنا أتصور أن المشكلة التي نعانيها حالياً أن موضوعات واضحة جداً في القرآن الكريم موضوعات مثل موضوع المرأة مفصَّل جداً، المسلمين عندهم ضياع وعدم وضوح رؤية بهذا الموضوع ناتج عن أن الأمر الأول الذي ميز الأمة الإسلامية وهو (اقرأ) أهملناه خاصة قراءة القرآن الكريم، لو أن الواحد يرجع إلى سورة الأحزاب ـ مثل ما ذكر فضيلة الشيخ ـ ويراجع الآيات ويرى (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) ثم في آية أخرى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) الآيات واضحة ومفصَّلة ومعبِّرة وكل إنسان لديه عقل، الإسلام خاطب الإنسان وأعطاه العقل كي يفكر ويقرأ القرآن، ليس لدينا عدم وضوح حتى كل واحد يرجع إلى العلماء ويستند إلى فتاوى مثل ما ذكر الشيخ تستند إلى زمانها ومكانها، ثم بالنسبة لموضوع الانتقائية في أخذ الأحاديث مجرد أن الحديث موجود في صحيح البخاري مثل ما ذكر فضيلة الشيخ من دون الرجوع للسند أو نحو ذلك فهناك حديث "نِعم الإدام الخل" هل كل يوم يا ترى لابد أن نأكل خل!! فهذا غير معقول، فالذي أطلبه من الأخوة الرجوع لقراءة القرآن، نرجع لهذا الكتاب الذي أُمرنا أن نتمسك به وفيه الأجوبة واضحة، فموضوع المرأة المفروض تجاوزه لأن هناك نساء على المستوى الإسلامي بالعصر الحديث وبالعصر القديم قدَّموا إنجازات أضخم بكثير من أعمال الرجال الذين يتحججون عليهن. السيدة زينب الغزالي تذكر في كتابها "أيام من حياتي" أن الإمام الشهيد سمح لها أن تبقى رئيسة لجمعية النساء المسلمات مستقلة عن الإخوان، وكانت اجتماعات اللجنة الخماسية تتم في بيتها وبعدم حضور زوجها، السيدة زينب الغزالي أنجزت الكثير في الدعوة إلى الإسلام، وفي المعتقلات أيضاً توجد أخوات فلسطينيات في السجون الإسرائيلية يجاهدون في سبيل الله، فأين هؤلاء الأخوة الذين يحجرون على هؤلاء .. فكلمة بسيطة أحب توجيهها: المفروض العودة إلى القرآن وقراءته وإلى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم نفهمها فهم صحيح وليس هذا فقط في قضية المرأة بل بكل القضايا التي نواجهها
إلى أعلى
مشاهد من أمريكا
لدي مداخلة .. أعتقد أن الصحوة الإسلامية حققت انتصار كبير على دعاة العلمانية ودعاة الإباحية في دخول مروة قاووقجي للبرلمان التركي، الحجاب الذي كان دائماً يُتَّهم أنه شعار التخلُّف وما إلى ذلك ولم يمنع المرأة من أن تدخل البرلمان وتدخل بالمشاركة في الحياة العامة المعاصرة من أوسع أبوابها، وسجَّل في الحقيقة نقطة استراتيجية هائلة أن الإسلام هو دين التقدم ودين التفاعل ودين التنمية في كثير من البلاد في أي بلد كان، وأرى أن البرلمان التركي والعلماني فيه من التخلف والتحجر وأرى أن ما فعلوه من أكبر القيود على المرأة ومن مشاركتها الفاعلة، وللأسف أن اجتهاد الأخوة في الكويت في الحقيقة جاء في نفس الوقت متزامن مع هذا وقصوراً مناقضة تماماً لما حصل في تركيا، حتى جاء بعض الناس يتساءلوا هل الإسلام إسلامين أو أنه هناك اختلاف في الأمر، لاشك أن هذا الاجتهاد يحتاج إلى إنضاج أكثر وإلى إعادة نظر، نحن الآن نعيش صراع عالمي، نحن نخاف العولمة ونحذر منها ونحاول أن نواجهها، أعتقد أننا ندرك أنه لابد أن نخوض صراع عولمة الإسلام أن الإسلام هو الدين العالمي وهو الذي يجب أن يسود، وبمثل هذه الأفكار الهامشية أو التي ترجع فينا إلى الوراء وقد تؤثر على مسيرة الإسلام العالمية التي لها المستقبل إن شاء الله والإسلام هو دين المستقبل، أعتقد أن القضية استراتيجية حيوية ولابد على إخواننا الذين اجتهدوا مثل هذا الاجتهاد أن ينضجوا هذا الأمر أكثر ونشكر فضيلة الشيخ لإيضاحه هذه المسألة وتنويره لنا في هذه القضية.
إلى أعلى
مشاهد من النرويج
في بداية البرنامج ذكر الشيخ نقطة جميلة قال الاعتصام بالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة، الأصل الذي نرجع له في حل مشاكلنا، الشيخ ذكر نقطة مهمة ولكن لا أدري لماذا لم يركز عليها في موضوع واقع البرلمان عندما قال أن البرلمانات هي إما تقوم بمحاسبة الحكومة وهذا عمل جائز من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والموضوع المهم الثاني الذي تقوم به البرلمانات سواء كان الذي يشتغل في البرلمان رجل أو امرأة هو تشريع القوانين، والكل يعلم بأن القوانين التي تشرع في بلاد المسلمين اليوم هي قوانين كفر لا تستند إلى كتاب الله ولا إلى سنة رسوله، فكيف نشجع المسلمين وكيف نعمل على إعطاء فتاوى لأن يدخل المسلمين سواء كانوا رجال أو نساء للدخول في هذه البرلمانات التي هي تشرف على تطبيق الكفر خصوصاً وأن هذه البرلمانات في حقيقتها هي إرضاء لأمور الكفر.
المقدم
إذن يا أخي أنت ضد دخول الإسلاميين سواء كانوا رجالاً أم نساءً إلى البرلمانات.
المشاهد
الأصل في رجوعنا في بحثنا إلى كتاب الله وسنة رسوله، الشيخ ذكر وقال أن هذه البرلمانات تشرِّع والكل يعلم أن هذه البرلمانات تشرع تشريعات لا تستند إلى كتاب الله ولا إلى سنة رسوله. إضافة أخرى فالشيخ الجليل ذكر أن حديث "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" هذا حديث خاص في قوم كسرى والحقيقة أن كلمة قوم هي نكرة وإذا جاء النكرة في اللفظ فتدل على العموم، فعندما يخصِّص لابد أن يخصِّص بدليل شرعي لا يخصِّص بناء على العقل ولا يخصِّص بناء على الهوى، فإذا جاء اللفظ نكرة فيفيد العموم.
القرضاوي
ولكنني لو أخذت بعمومه لعارض القرآن في قصة بلقيس ولعارض الواقع ولا يمكن أن يعارض الواقع، نحن نقول أنه عام ولكن هل العبرة بالعموم أو بالخصوص وقلنا أن هناك خلاف في هذه القضية وأحياناً يؤخذ بالخصوص وهنا أخذنا بالخصوص لهذا السبب.
المشاهد
نعم والآن ذكرت نقطة جميلة أيضاً أن علماؤنا في هذا العصر هم يتأثرون بالبيئة وبالظروف التي نعيش فيها والحقيقة هذه الظاهرة نلاحظها حتى في فتاواك وجزاكم الله خيراً.
المقدم
الأخ يقول أننا من المفروض أن نعتصم بالكتاب والسنة وهو يعارض دخول الإسلاميين إلى البرلمان رجالاً أو نساءً لأن هذه البرلمانات تشرِّع الكفر.
القرضاوي
ولكن هذه ليست قضيتنا، لأنه كان هناك في وقت من الأوقات بعض الإسلاميين منع دخول حتى الرجال وكتب بعضهم رسالة اسمها "القول السديد في أن دخول المجلس ـ وهو المجلس التشريعي هذا ـ ينافي التوحيد" ولكن دخل الإسلاميون ودخل السلفيون ودخل الأخوان ودخل الجميع ثم مَن قال أنه لابد أن يكون التشريع كفراً؟ لا .. إذا كان التشريع في ضوء النصوص والقواعد فهذا جائز ولذلك في كثير من البلاد التي تلتزم بالإسلام مثل السعودية فيها مجلس شورى فهل هذا ممنوع، وفي إيران مجلس شورى هل لو نحن أقمنا حكم إسلامي نمنع مجالس الشورى ونقنِّن..، افرض تريد تعمل قانون للمرور هل عندنا نصوص تعمل هذا القانون ولكن المهم أن تراعي القواعد العامة وتعمل قانون للمرور وقانون للعمل والعُمَّال، قانون لتنظيم الرخص الصحية، فهذا جائز وأريد التعليق على قضية قالها بعض الأخوة وهي قضية (الرجال قوَّامون على النساء) هذا في البيت وفي الأسرة، إنما ممكن أن يكون الرجل قوَّام على امرأته في البيت وهو مدرس عندها وهي مديرة المدرسة، أو هو طبيب وهي مديرة المستشفى أو هو أستاذ في الجامعة وهي مديرة الجامعة أو عميدة الكلية هذا لا يمنع فهذا غير ذاك.
إلى أعلى
المقدم
أين المشكلة في هذا الخلاف بين علماء المسلمين من يبيح ومن يحرِّم .. هل هي في عدم وضوح النصوص الشرعية؟ أم في الأعراف والتقاليد؟ أم في ثقافة العصر التي جعلت البعض يتشدد من باب سد الذرائع؟ أم في المزاج النفسي والميول الشخصية؟
القرضاوي
كل هذه أسباب في ذلك، وأنا في نظري أن النصوص الشرعية واضحة ولا يوجد نص يمنع أن المرأة تشهد أو توكِّل رجلاً ينوب ولا يوجد نص في أن المرأة تكون عضواً في المجالس، لا يوجد نصوص وهذه كلها اجتهادات والإنسان في اجتهاده يتأثر كما قلت بيئته وبعصره واختلاف الناس هذا أمر طبيعي، هناك شدائد ابن عمر ورُخص ابن عباس فهذه القضية، ونحن حينما نقول هذا لا نقول لنساند حاكماً ضد الشعب أو شعباً ضد حاكم نحن نقول هذا لنبيِّن الحق من الباطل والحلال من الحرام في ضوء أدلة الإسلام وقواعد الإسلام لا نخشى إلا الله (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيباً).

المصدر

No comments: