Tuesday 20 May 2008

الكاتبة سهيلة الحسيني 65 عاماً مع الصمود الإسلامي.. اهتمت بقضايا المرأة المسلمة اهتماماً ملحوظاً


صلاح حسن رشيد - القاهرة

المرأة في منهج الشيخ محمد الغزالي أبرز كتبها:

ألّفت كثيراً من الكتب عن الإعلام والرواد والمصلحين

بعد أكثر من نصف قرن من البحث والتنقيب والجهاد المتواصل، رحلت الكاتبة الإسلامية سهيلة الحسيني التي ولدت في ،1942 تاركة وراءها عدداً من المؤلفات والدراسات والأبحاث في مختلف المناحي الفكرية الأصيلة، التي دافعت من خلالها عن هوية الأمة الإسلامية وقضاياها ضد الهجمات التي تنتابها.

وكم كانت تعاني وهي تري دماء العرب والمسلمين مستباحة .. فلا تملك سوي القلم كسيفٍ تستله لمواجهة الواقع المرير.

المرأة في الإسلام

وفي كلماتها ومقالاتها التي خطتها في أغلب الصحف العربية ركزت سهيلة الحسيني علي تربية الأبناء تربية فاعلة منهجيا وتعليميا من خلال تقديم الصور الرائدة في تاريخنا المشرق ، للصحابة والصحابيات من جيل النبوة الراشد،كما اهتمت بالمرأة .. أُمّاً وزوجاً وأختاً وبنتاً ؛ فركزت علي أهمية دورها في بناء أجيال استرداد الكرامة والعزة من جديد.

وقدمت رؤية مستنيرة أثبتت عبرها أن الإسلام بوّأ المرأة أعلي المراتب وأحاطها بسياج من الحماية لكي تبدع وتكتب وتمارس موهبتها في الكتابة الأدبية والدينية والإصلاحية، ولكن بشرط عدم الإسفاف والإثارة فيما تبدعه، وهو ما نجحت فيه - باقتدار -سهيلة الحسيني - صاحبة اللغة العذبة، والفكرة العميقة ، والقراءة الموضوعية لأمور المجتمع الإسلامي وقضاياه، بل إنها تحمل فكراً يجمع بين الأصالة والمعاصرة في آن واحد،لأنها التلميذة النجيبة في مدرسة الإمام محمد الغزالي رحمه الله ،حيث عايشت فكره وهمومه وفقهه للأولويات ،وقضايا المرأة والمجتمع؛ فكانت جامعة للرؤية الواعية والنظرة التجديدية الأصيلة.

وهي وإن كانت عراقية المولد ؛ فإنها مصرية الروح والإقامة ؛بسبب زوجها الأزهري المصري ولإقامتها الفترة الأخيرة من حياتها في القاهرة، ولأنها كانت تعتبر كل ديار الإسلام بلادها، لكونها مهمومة بقضاياهم كتابة ومعايشة.

مؤلفات أسرية

قدمت الراحلة للمكتبة العربية مؤلفات مهمة في بابها خاصة للأسرة المسلمة والمرأة علي نحو أخص وهي: المرأة في منهج الشيخ الغزالي ،والحروب الصليبية مواقف وتحديات، وقصص للأطفال من تراثنا، وجهاد الصحابية في صدر الإسلام، وقصص الصحابة للناشئة، ومعركة نهاوند أو فتح الفتوح، وطليحة الأسدي مدعي النبوة علي عهد الرسول ،والدكتور محمد عمارة مواقع دفاع، والشاعر طاغور جوانب إيمانية، وقراءة في أدب المقاومة في الوطن العربي وغيرها من المؤلفات الأدبية

تقول عن شيخها ومعلمها الإمام محمد الغزالي: إن فلسفة الغزالي في منهج تربية المرأة يتلخص في مقولته الشهيرة التي أطلقها منذ أوائل كتبه في بداية الخمسينيات مثل كتابيه: من هنا نعلم ،و الإسلام والطاقات المعطلة عندما قال: نحن لا نريد أن ننتقل بالمرأة من عصر الحريم إلي عصر الحرام . لذا كان عليه أن يواجه ويحارب علي جبهتين أو تيارين .. تيار السلفية المتزمتة بآفاقها وفكرها المحدود .. وتيار التغريب الفكري الذي يقودها إلي الذوبان في ثقافته. لقد ركز - شيخنا الغزالي- علي تعليم المرأة،فقد أوجعته المقارنة عندما وجد أن نساء الملاحدة يغزين الفضاء .. وأصحاب الانغلاق الفكري يعملون علي تجهيل المرأة المسلمة عن عمد؛ ليقول بتهكم وسخرية مريرة: أي إنصاف في هذه المعادلة.. الإلحاد مع العلم.. والدين مع الجهل؟ يبدو أنهم يريدوننا أمة أمية .

فيلسوف الإسلام

وترتبط سهيلة الحسيني ارتباطاً فكريا مع فيلسوف الإسلام محمد إقبال فتقول عنه: كان إقبال شخصية عظيمة بآفاقها الفكرية وثقافتها العريضة وفهمها للإسلام فهما راسخا، تتعانق فيه شفافية المتصوف ومنهج العالم مع شدة الاعتزاز بالنفس حتي طرق بابه الساسة والزعماء .

وتري كاتبتنا الراحلة أن إقبال كان يري في المسلم عزة يأنف معها التسول من الأجانب! إن لإقبال فكرا يرشح بالحكمة .. رافضا أسلوب المتواكلين.

ونتيجة لإعجابها بالدكتور حسين مجيب المصري 1916-2004م رحمه الله - عميد الأدب الإسلامي المقارن - فقد عقدت مقارنة بينه وبين إقبال ،تبدو في كلماتها التي تقول: أحببت عقد مقارنة وموازنة سريعة بين موسوعتنا الخاصة بالدراسات الشرقية الدكتور حسين مجيب المصري وبين إقبال، إذ هما يتماثلان ضمن عدة محاور حتي لكأن بينهما نداءً روحياً ولغة مشتركة نلمسها من خلال أحد عشر كتاباً مؤلّفاً رصدها المصري حول تراث توأمه الروحي محمد إقبال، ولو كان الأخير حياً لوجدنا رجع صداه بالمثل! وكلاهما شاعر إسلامي متمكن، وكلاهما يتقن سبعاً من اللغات الحية، ويزيد مجيب المصري عليها بثلاث لغات أخري.. وأمام ثراء إبداعهما وقيمته كانت أكثر من دراسة ورسالة جامعية تناولت مشروعيهما في الأدب الإسلامي .. إن كان لي أن أفخر بهذين الغريدين والوعاءين الشفافين من أوعية ثقافتنا الإسلامية الرفيعة ؛ فلكونهما أفنيا عمرهما ينافحان عن عقيدتنا ومواريثنا الحضارية دراسة وشعرا ونثرا؛ فمؤلفاتهما استطاعت أن تجمع بين المسلمين علي اختلاف أقطارهم وألسنتهم.

وسطية الإسلام

كما نظرت سهيلة الحسيني بعين الباحثة المدققة إلي دور الأزهر الشريف كجامع وجامعة في قيادة العالم الإسلامي إلي الوسطية والتسامح ونشر الإسلام في الخافقين؛وباعتبار علمائه حملة مشاعل الهداية والحضارة والعلم في الشرق والغرب. كما احتفت الراحلة الكريمة بعلماء الإسلام المجددين بداية من الإمام محمد عبده ورشيد رضا والمراغي وشلتوت مرورا بالشعراوي والغزالي والباقوري ومحمد أبي زهرة وأحمد إبراهيم وجاد الحق وعبد الحليم محمود ووصولا إلي يوسف القرضاوي ومحمد عمارة وحمدي زقزوق وحسن الشافعي وعبد الصبور شاهين وأحمد الطيب.

عاشت سهيلة الحسيني في رحاب الإسلام تستمد منه الطاقة والنور والحيوية، وغادرت وهي تنافح عنه في كل المحافل والمنتديات ..فرحمها الله رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته.

المصدر

No comments: