Saturday 31 May 2008

الكاتبات في الصحف الاردنية يقاطعن قضايا المرأة


عن صحيفة "النشمية"
الكثير من الطحن، والنتيجة: كمية قليلة ونوعية لا يخلو معظمها من الرداءة.
للدخول في الموضوع مباشرة، نقول انه تبين من استعراض اربع صحف يومية رئيسة على مدى خمسة ايام متتالية ان ما لا تزيد نسبتها عن 5 بالمائة من عشرات المقالات المنشورة كانت لسيدات، وان معظم هؤلاء كتبن في كل شئ الا قضايا المرأة.
وحتى عندما كتبت بعضهن في مثل هذه القضايا، فان مقالاتهن في معظمها جاءت ركيكة وغير مترابطة ولا تحمل فكرة واضحة.
هذا على صعيد الكم والنوع في الصحف الرئيسة الاربع: الرأي والغد والدستور والعرب اليوم.
أما بالنسبة لبقية الصحف، وبخاصة الاسبوعية، فلا عزاء للسيدات.
أين المشكلة اذا؟
تقول الصحف على اختلافها، انها تتبنى قضايا المرأة، وترحب بوجود كاتبات بين صفوف جيوش كتاب المقالات الذين ربما كان بعضهم يتحدث في قضايا المرأة اكثر من المرأة نفسها، وربما افضل منها من حيث التعبير عن قضاياها.
وسواء كان هذا الترحيب المعلن عنه على السنة كافة ادارات تلك الصحف قد جاء من باب القول الحق او المراءاة، فانه وضع حتما الكرة في ملعب النساء، وبخاصة من يعتبرن انفسهن او ينظر اليهن بوصفهن من القيادات النسائية.
فلماذا لا يشحذن اقلامهن ويكتبن؟، ولماذا عندما يكتبن، ففي كل شئ الا قضاياهن؟، وحتى لو كتبن في مثل هذه القضايا، فان ما تقترفه بعضهن لا يتعدى من الناحية الادبية والفكرية مرتبة خاطرة او موضوع انشاء.
ليس المطلوب من الكاتبة ان تكون مكرسة فقط لقضايا المرأة، هذا مؤكد. فهي في النهاية نوع بشري يحمل افكارا وطروحات يحق له ان يعبر عنها على قدم المساواة مع النوع المقابل، الا وهو الرجل.
لكن على الاقل، من واجب المرأة الكاتبة ان تدافع ولو بمقال في السنة، عن قضايا وحقوق نوعها، والتي من بينها مثلا الحق الذي اكتسبته ومكنها من ابداء افكارها في المنابر الصحفية.
الم تنل هذا الحق اثر نضال خاضته من سبقنها، وربما نضالها هي نفسها.
النوع والكم!!
وفي حديث الكم والنوع، نورد تاليا بعضا مما خلصنا اليه بشأن طبيعة ونوعية وعدد المقالات التي كتبتها سيدات في الصحف اليومية الاربعة التي ذكرناها سابقا، وذلك على مدى خمسة ايام متتالية نوردها بشكل تراجعي ابتداء من يوم الاربعاء 7 أيار.
في يوم الاربعاء، اشتملت صحيفة الرأي على 19 مقالا، كان بينها اربعة فقط لنساء لم تتطرق سوى واحدة منهن الى شأن نسائي. ونتطرق تاليا على محتوى هذه المقالات على سبيل توضيح الفكرة بشان المحتوى واسلوب الطرح.
المقال الاول كان لهند فايز أبو العينين تحت عنوان "مسألة في العطاء".
وقد حمل المقال في طياته الكثير من الشعور بالعبثية والقنوط، وتحدث عن الأم وكيف تفقد دورها مع تقدمها في السن واستقلال الابناء وابتعادهم عنها بشكل يكاد يحمل في طياته "النكران للجميل"، والاب الذي تقاعد بعد عطاء طويل ولم يعد امامه سوى معايشة الوقت بانتظار المحتوم "الموت".
وتطلب الكاتبة من الجميع ان يتهيأوا من الآن الى هذا المصير الكئيب، سواء اباء او امهات.
وبيت القصيد الذي خلصت اليه في مقالها يضج بالسوداوية وربما العبثية خاصة عندما تقول ان "الإعداد الصحيح لمآلنا يحتم علينا أيضا الاعتراف بيوم آت لن نكون فيه مقصدا لأحد"
المقال الثاني كان لميساء قرعان، وافردته لكتاب هي مؤلفته ويحمل عنوان "وجع مقيم" وهو عنوان ظلت طيلة سطور المقال تبدي الندم على انها لم تقم بتغييره واختيار غيره.
واستثمرت الكاتبة المقال لمهاجمة ما وصفته بالشللية الثقافية التي حالت دون الاعتراف لها بانها مبدعة.
ثم ربطت بشكل غير مفهوم بين اسم كتابها ومرض احد ابنائها.
واسهبت بشكل محبط في رسم صورة قاتمة للحياة باعتبارها كلها الم واوجاع واحزان لا تنقضي.
واختتمت المقال بعبارات فلسفية تعيد فيها التذكير باسم كتابها وربما تكون مقتبسة منه "أيها الوجع المقيم أتوسل إليك بأن تغادرنا قريبا، أيها الوجع الممتد من الداخل إلى الخارج ومن الخارج إلى الداخل:لترحل عنا.....فلم يعد هنالك متسع للألم".
المقال الثالث كان لهدى أبو غنيمة، التي كتبت تهاجم ظواهر سلبية في المجتمع، مثل العنف الذي يرافق احتجاجات الطلبة في الجامعات، والقاء النفايات امام بيوت الاخرين، وتعزو ذلك الى تراجع القيم في ظل تغول العولمة.
وتخلص بعد سرد سلسلة امثلة تتطلب العودة للقراءة عدة مرات حتى يمكن اكتشاف رابط منطقي بينها، الى نصيحة مفادها ان اصلاح المجتمع يبدأ من اصلاح الافراد لانفسهم، وهم الذين اختارت عبارة "القطرات الصغيرة" في كناية عنهم.
وعلى ما يبدو، فان اصل المقال كان هه العبارة التي وجدت وقعا عند الكاتبة فارادت ان تنسج عليها مقالها المكرر من حيث الفكرة ولا يحمل جديدا من حيث الحل او الطرح.
المقال الرابع، كان للكاتبة رنا شاور، التي اتهمت جميع الرجال الذين تعمل زوجاتهم بانهم متخلفون وجاحدون وناكرون للجميل، وبلا استثناء.
وعلى ما يبدو فقد ارادت الكاتبة ان تنتصر لمعاناة هؤلاء الزوجات من باب حقوق المراة والمساواة.
لكنها سرعان ما ترتد لتنسف فكرة المساواة بقولها ان الرجل هو المسؤول عن الزوجة وانها عندما تعمل فان ذلك ليس واجبها اصلا وانما من باب التطوع الذي يعطيها الحق بالتمنن على الزوج.
الخلاصة، تطالب الكاتبة الرجال بان يكفوا عن جحودهم ويبدوا التقدير والاحترام لزوجاتهم العاملات.
للحديث بقية
هذا على صعيد يوم الاربعاء، اما يوم الثلاثاء، فقد حملت الرأي 18 مقالا، واحد منها فقط لسيدة هي ناديا هاشم العالول، وهو يناقش فكرة تتحدث عن ان المرأة لا تؤازر بنت جلدتها، ويحمل المسؤولية في ذلك الى التربية "الذكورية" في مجتمعنا، والتي تنشأ عليها البنت منذ قدومها الى الدنيا.
ويوم الاثنين، كان هناك 19 مقالا في الرأي، منها مقال واحد لسيدة هي غيداء درويش، تحدثت فيه عن حضورها محاضرة طبية حول السرطان اشادت خلالها بمن دعاها وبمن حاضر فيها وبالمعلومات القيمة التي حصلت عليها وازالت من داخلها خوفا مزمنا من المرض.
ويوم الاحد، كان هناك 18 مقالا في الراي، كتبت سيدتان اثنان منها. هما لانا مامكغ التي نسجت مقالها على الاسلوب الروائي لنجيب محفوظ، وقدمت خلالها صورة لموظف مثالي. اما المقال الثاني فكان لميساء القرعان، ورددت خلاله صدى انذار اطلقه اخصائي نفسي خلال برنامج تلفزيوني بشان الاثار النفسية التي يواجهها المواطن في ظل ارتفاع الاسعار.
وفي يوم السبت، كان في الرأي 18 مقالا، كتبت سيدات خمسا منها، وتطرقت اثنتان هما هند فايز ابو العينين وفوزية الزعبي ابو دلبوح الى قضايا نسائية. اما البقية فتحدثن في قضايا وجدانية وسياسية.
افضل الموجود
طبعا الرأي على ما سيتضح، هي افضل الموجود من حيث الكم والنوع الذي نتحدث عنه.
فمثلا، كان هناك 11 مقالا في صحيفة الغد يوم الاربعاء، واحد منها فقط لسيدة، وهي بسمة النسور، وتحدثت فيه حول جرائم الشرف.
وعلى مدى ايام الثلاثاء والاثنين والاحد والسبت، كان هناك نحو اربعين مقالا في الغد، ليس بينها أي مقال لسيدة.
اما الدستور، فتضمنت يوم الاربعاء 27 مقالا، ثلاث منها فقط لسيدات، هن حياة الحويك عطية التي تحدثت في الشأن السياسي اللبناني، وعايدة النجار التي كتبت عن نكبة فلسطين، وعيدة المطلق وكتبت حول اطلاق سراح مصور الجزيرة سامي الحاج من معتقل غوانتانامو.
ويوم الثلاثاء، كان في الدستور مقالان فقط لكاتبتين تحدثتا في الشأن السياسي وهما حياة الحويك عطية وهدى فاخوري.
وتضمن يوم الاثنين، ثلاث مقالات لعائشة الخواجا الرازم حول المدن الصناعية، وحياة الحويك عطية حول الحريات الصحفية في العالم العربي، وليلى الاطرش وكتبت حول النكبة.
اما في يومي الاحد والسبت، فلم تكن هناك في صحيفة الدستور أي مقالة لسيدة.
وفي العرب اليوم التي تتضمن ما معدله 15 مقالا يوميا، فقد جاء عدد يوم الاربعاء خاليا من أي مقال لسيدة. في حين كتبت منى نجم يوم الثلاثاء مقالا يتيما يتحدث عن قطاع الاتصالات. ويوم الاثنين كان هناك مقال واحد لامل الشرقي حول التطورات السياسية في العراق.
وفي يوم الاحد لم يكن هناك سوى مقال واحد لرنا الصباغ حول العلاقة بين الاخوان المسلمين والحكومة. بينما خلا يوم السبت من أي مقالة لسيدة.
بيت القصيد
في البحث عن بيت القصيد، نعيد طرح السؤال مرة اخرى: اين العلة في عدم اقبال النساء على الكتابة، والكتابة بخاصة حول قضاياهن؟.
حاولت رئيسة مركز الاعلاميات العربيات تقديم اجابة على هذا السؤال في تصريحات وردت ضمن تقرير لموقع "عمان نت".
قالت الامام ان السبب في عدم تناول الاعلاميات الاردنيات لقضايا المرأة بشكل عام، سواء في كافة مجالات العمل المهني يعود الى نقص في معرفة الصحفيات بالقوانين والتشريعات المتعلقة مثل قانون الاحوال الشخصية او الاعلان العالمي لحقوق الانسان وغيرها
وتضيف ان الكثير من النساء هجرن الكتابة عن قضايا المرأة وتركن الامر الى الاتحادات والمؤسسات والمراكز المعنية.
وبحسب تقرير "عمان نت" الذي كتبه محمد عمر الخبير في الشؤون الصحفية الاردنية، فان من النساء من يعتبرن الكتابة في موضوعات المرأة ترفا او "موضوعا دونيا" مقابل القضايا الكبرى التي تعاني منها المجتمعات المحلية.
وفيما يقر عمر بانه من الصعب اعطاء تحليل دقيق لسبب ابتعاد الاعلامية او الكاتبة الاردنية عن التعليق على قضاياها الخاصة، الا انه يشير الى جملة اسباب محتملة:
اولا: جانب التربية الذكورية التي تتصف فيها المجتمعات العربية والثقافة النسبية لهذه المجتمعات، فإن بعض الكاتبات لا يختلف كثيرا عن المعلقين الرجال في أصولهن السياسية وخلفياتهن الأيدلوجية، حيث تعطى قضايا السياسة عامة، الاولوية على ما عداها من قضايا اجتماعية.
ثانيا: المناخ الاجتماعي السائد الذي لا يتيح هامشا كبيرا من الحرية في تناول قضايا المرأة. والخوض في العمق في قضايا لا زالت تعتبر من المحرمات.
ثالثا: عدم تطور حركة نسائية محلية تنجب اعلاميات أو كاتبات قادرات على حمل لواء الدفاع عن قضايا النساء. ورابعا: هيمنة الرجل على المؤسسات الاعلام
المصدر

No comments: