Saturday 31 May 2008

نساء العالم الإسلامي.. في عام


خليل علي حيدر
هل يمكننا، ضمن مقال مختصر كهذا، أن نعرض حياة وواقع وكفاح المرأة في العالم العربي والاسلامي، خلال عام 2007 المنصرم؟ كيف ودعت المرأة هذا العام؟ ومم تعاني اليوم وسط هذه الصراعات المستعرة؟ هل جنت شيئا ذا بال من حملة «نشر الديموقراطية» مثلاً، أواستفادت من قوانين انصاف المرأة الصادرة عن الهيئات الدولية؟ ما مشاكل المرأة في الحياة السياسية وفي ميادين العمل ومع التوجهات المتزمتة والقوانين المعيقة؟
لا يمكن بالطبع تناول كل هذه الاوضاع في مقال عابر، ولست بصدد تقديم «بيان تلخيصي» بكل ما جرى ولم يجر، بقدر ما سأحاول اختيار بعض الوقائع والحقائق من الكويت والمملكة العربية السعودية وإيران وافغانستان وليبيا!
وقد لفت نظري منذ فترة ليست بالقصيرة أن الكثير من تفاصيل حياة المرأة في العالم الاسلامي بالذات لاتزال مجهولة في وسط الجماعات الاسلامية بالذات، فأحوال المرأة، وهي نصف «الأمةالاسلامية» لا تعنيهم إلا بالقدر الذي يفيد أجهزة هذه الجماعات وخطبها واشرطتها فجل تركيزها مثلا على جوانب خضوع المرأةوتلبية متطلبات الرجل، وعلى الحجاب والفتنة، وعلى مهاجمة المرأة الأوروبية والامريكية التي لا تتمتع كما يقولون، بالحقوق والمكاسب التي تتمتع بها نساءالعالم الاسلامي!
أما واقع المرأة في بلدان العالم الاسلامي الخمسين، ومعاناتها، السياسية والاجتماعية والمعيشية والقانونية والتعليمية والصحية فهذه كلها جوانب لا تكترث هذه الجماعات بها، اذ لا يمكن توظيفها في حرب الاسلاميين المستعرة ضد معارضيهم.
تتنوع مشاهد واقع المرأة في هذه البلدان بين السلب والايجاب من دولة الى اخرى، ومن قارة لاخرى، ولانريد ان نتحدث عن كل التفاصيل، بل أن نشير بشكل سريع الى بعض ملامح هذه الاحوال.
ففي تركيا مثلاً، يشار الى بروز ظاهرة اجتماعية سياسية في غاية الاهمية لدى الاتراك رافقت نتائج الانتخابات، وهي نجاح خمسين سيدة من مختلف الاحزاب والتيارات السياسية في اقتحام باب مجلس النواب التركي الجديد هذه هي المرة الأولى في تاريخ تركيا الحديث، يقول أحد الكتاب، التي يرتفع فيها عدد البرلمانيات التركيات الى هذا الرقم، لتكون بعد العراق ثاني اعلى نسبة للمشاركة النسائية بالمجالس النيابية في المنطقة. المرأة الخليجية التي عجزت في عدة دول عن «اقتحام البرلمان»، ومنها الكويت، تزداد تأييداً فيما يبدو لفكرة اقرار «الكوتا» قانونياً، وتقرير نسبة من المقاعد للمرأة، اذ لا تبدو احتمالات فوز النساء بها وسط منافسة الرجال مهمة سهلة التحقيق في المستقبل القريب.. ولابد من اقرار «الكوتا».
وينص القانون المقترح في هذا المجال على ألا يقل حجم مشاركة المرأة في مجلس الأمة عن 20 في المائة كحد ادنى حيثما كان هناك ترشيح للنساء، وإلزام القوى السياسية المشاركة في الانتخابات بان يكون ضمن مرشيحها نسبة معينة للنساء ووضع النساء في مقدمة قوائمها الانتخابية، وتخصيص مقاعد للنساء يتنافسن عليها مباشرة، واخيرا اعتماد الكوتا لفترة دورتين انتخابيتين فقط، على ان يتولى برلمان الدورة الثانية النظر في موضوع تمديد استمرار العمل بهذا النظام. وتقول احدى المحاميات المؤيدات لاقرار «الكوتا»، السيدة «نجلاء النقي»: «ان الدراسات اثبتت ان الادارات والمؤسسات التي تترأسها وتديرها امرأة يكون اداؤها اكثر من رائع».
وترفض د. ميمونة الصباح مايقال عن ان تطبيق نظام الكوتا في الكويت سيؤدي لدخول بعض النساء غير الكفوءات للعمل البرلماني، «لان النظام يعني تخصيص نسبة معينة من مقاعد البرلمان للمرأة على ان يتم الانتخاب بالطرق الصحيحة المعتادة وهو ماينفي امكانية وصول غير الكفوءات». غير ان تطبيق نظام الكوتا، تضيف د. ميمونة، يستوجب تعديلاً في الدستور الكويتي، وهو «امر صعب في ظل الظروف الحالية».
وعن مشاكل نظام الكوتا الاخرى تلاحظ د. هيلة المكيمي ان المرأة مطالبة، وبخاصة المرشحات، برفع ثقافتها السياسية، «فنحن نريد من تصل الى البرلمان ان تكون ذات كفاءة وتمثلنا تمثيلا مشرفاً». وتضيف ان هذا النظام يجب تطبيقه في جو صحي، «ونحن لا نعيش اليوم اجواء صحية حيث الممارسات الطائفية والقبلية، واخشى ان دخول المرأة البرلمان يكون تكملة لدعم القوائم المناطقية او القبلية السياسية». «الوطن 2007/5/20».
وفي الخليج ودول مجلس التعاون تشتد كذلك، وبخاصة في المملكة العربية السعودية الشكوى من المعوقات الاجتماعية والقانونية التي تحد من زيادة دائرة عمل السعوديات. وتقول د. نسرين الدوسري، رئيسة لجنة سيدات الأعمال بالغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية، «ان مشاركة السعوديات في سوق العمل المحلي لا تزيد عن %14 في القطاع الحكومي وفقط %.5 القطاع الخاص». وتضيف «ان سوق العمل السعودي يستطيع استيعاب نسبة كبيرة من الفتيات والسيدات ولكن تنقصه الجرأة في اتخاذ الخطوات الجادة لتوظيف السيدات واعطائهن الثقة اللازمة».
وتشير المهندسة سعاد الزايدي الى «معوقات ثقافية واقتصادية واجتماعية تؤدي الى تفاقم ظاهرة البطالة». وفي جدة كشفت دراسة ومسح ميداني اجرته غرفة التجارة «ان نسبة العاطلات عن العمل في مدينة جدة وحدها ابتداء من سن 18 حتى 50 عاما، تمثل %79 من الاناث القاطنات في المدينة».
وأكدت السيدة بسمة العمير رئيسة مركز «السيدة خديجة بنت خويلد» ان السبب الجوهري لبطالة اعداد كبيرة من الفتيات يرجع الى عدم توفر الفرص الوظيفية، وكذلك عدم توفر شبكة مواصلات تمكن الموظفات والباحثات عن عمل من التنقل بشكل سهل وسلس، وهي مشكلة حقيقية لا يمكن الحديث عن حل لظاهرة البطالة دون حلها، وتنبه د. العمير إلى «الدور السلبي الذي تلعبه مشكلة بيئة العمل المنفصلة والتي تعيق التطور الوظيفي للسيدات على عدة أصعدة، وتحجم الدور النسائي وتجعله مجرد طبقة بيروقراطية اخرى معطلة طالما انه لا تواصل بين الدوائر النسائية والرجالية، وهو ما يعيق سرعة العمل وانجازه والتقدم الوظيفي للمرأة العاملة».
ومعروف ان اكثر المجالات المهنية التي تشهد اكتساحا هائلا من قبل الفتيات في المملكة، كما تؤكد السيدة «لما سليمان» عضوة مجلس ادارة الغرفة التجارية بجدة، هو مجال المحاسبة! وتعكس الاحصاءات طبيعة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي في المملكة، حيث بلغت نسبة الخريجات %56.5 من مجموع الخريجين، وتشكل المرأة %14.11 من القوى العاملة، وتبلغ مشاركتها في قطاع الدولة %30 وفي قطاع التعليم بالذات %84.1 وان %40 من نسبة الاطباء السعوديين من النساء، وأكثر من %20 من الاموال الموظفة في صناديق الاستثمار تعود الى النساء، وتملك سيدات الأعمال السعوديات نحو 20 ألف شركة ومؤسسة صغيرة ومتوسطة. (الشرق الأوسط، 2007/8/12) وتقول د. نورة أبا الخيل، من جامعة الملك سعود، ان مساهمة المرأة في الاستثمار لا تزال ضعيفة، «حيث تشير الاحصائيات إلى أن الارصدة النسائية في البنوك تفوق مائة ألف مليون ريال ـأي مائة بليونـ تستثمر المرأة منها نحو 43 مليون ريال فقط، موزعة بين 4326 مشروعا مشتركا تركز معظمها على تجارة الاكسسوارات والمشاغل والمستوصفات والعيادات الطبية». (الشرق الأوسط، 2007/9/1)
ورغم ارتفاع عدد السعوديات في مجال الطب إلا أن عددهن ونسبتهن في تراجع شديد في مجال التمريض كما هو الحال في دول الخليج الاخرى. وقد أكد وكيل وزارة الصحة السعودي خالد الرشود لنفس الصحيفة، 2007/5/17 ان نسبة الممرضات السعوديات في المستشفيات الحكومية تتراوح ما بين 20 إلى %25 مقابل نسبة الممرضين السعوديين الذين تبلغ نسبتهم %90 وكشف استاذ في كلية الطب بجدة عن تسرب نصف الممرضات اللواتي يتخرجن في مختلف الأقسام الصحية بعد الالتحاق بالعمل.. لاسباب اجتماعية وادارية.
وكان عام 2007 للنساء الايرانيات عام التضييق على بقية هوامش الحرية الباقية. وقد هدد المدعي العام الايراني، كما جاء في الصحف «ان النساء اللاتي يتكرر عدم التزامهن الزي الاسلامي، في تحد للاجراءات الصارمة التي تفرضها الشرطة، قد يمنعن من دخول العاصمة الايرانية طهران، لمدة تصل الى خمسة أعوام». وذلك فيما تزايدت احتجاجات الطلاب والطالبات على الاجراءات الجديدة المتعلقة بالتشدد في تطبيق معايير اللباس الاسلامي في ايران. وأضاف المدعي العام ان «هؤلاء النسوة اللاتي يظهرن على الملأ مثل العارضات المنحلات، يهددن أمن وكرامة الشبان». (الشرق الأوسط، 2007/4/25) وسلط الاعلام بعض الأضواء على واقع المرأة في افغانستان حيث تواصل هناك كفاحها اليومي المر في وجه التخلف والتعصب وارهاب جماعات «طالبان».
وتقول باحثة امريكية إن وضع المرأة الافغانية قد تحسن ثلاث مرات خلال القرن العشرين، وفي كل مرة تقابله انتكاسة. الأولى كانت خلال العشرينات حينما الغى الملك «أمان الله خان» غطاء المرأة في الأماكن العامة، وشجع زوجته على ارتداء قبعة بدون برقع، ولكنه اخرج من الحكم على يد الملال
المصدر

No comments: