Saturday 31 May 2008

المرأة وعلاقات العمل


د.سامية عبد المجيد الأغبري
تحدثت في موضوعات سابقة عن علاقات العمل بصفة عامة بين زملاء المهنة الواحدة أو المهن المتشابهة وما وصلت إليه علاقات الزمالة من تردٍّ مهني، وقيمي وأخلاقي.
وفي هذه المقالة سأتناول قضية غاية في الأهمية ألا وهي علاقة الزمالة بين الرجل والمرأة في مجالات العمل المختلفة سواء الحكومي أو الخاص. ولعل ما جعلني أتطرق لهذه القضية الحساسة هو اعتبار البعض ما يسمونه اختلاطا بين المرأة والرجل في مجال العمل أمرا غير مرغوب فيه، ويؤدي بالضرورة إلى تفشي الفاحشة، ونشوء العلاقات المحرمة شرعا.
وتعد النظرة القاصرة من قبل بعض الرجال للمرأة كإنسان غير كامل الأهلية هي السبب الرئيسي في اختلاط المفاهيم ما بين علاقة الزمالة، وعلاقة الصداقة، وعلاقة الحب...، وهذا الخلط وسوء الفهم يؤدي بدوره إلى نشوء علاقات مرضية بين الزميل وزميلته في العمل.
ولا يقتصر سوء الفهم لعلاقات الزمالة في العمل على الرجال فحسب بل إن كثيراً من النساء وخاصة اللواتي لم يتعودن التعامل مع الرجال لا يفرقن بين علاقة الزمالة مع الرجل وأي علاقة أخرى قد تنشأ بينهما. وتبعا لذلك لا يضعن حدودا لعلاقتهن بزملائهن في مجال العمل.
فقد تتمادى بعض النساء العاملات في علاقاتهن بزملائهن فيكسرن الحواجز التقليدية باسم التحرر من القيم البالية والعتيقة، وما يسمينه بالتحضر وهو بعيد كل البعد عن السلوك الحضاري. فمثلا هناك نساء عاملات يتجاوزن الواقع بمراحل حيث يتعاملن مع زملائهن كما يتعاملن مع زميلاتهن تماما. فيمزحن مع زملائهن مزاحا قد يخرج في كثير من الأحيان عن الذوق العام، والحياء، فيتفوهن بكلام غير لائق أخلاقيا.
علاوة على مبالغة البعض منهن في الزينة. والشكل الخارجي وكأنها ستذهب لسهرة أو عرس، وتحاول بعض العاملات إغراء زملائهن في العمل بكل وسائل الإغراء المتاحة سواء بالحركات، أو الصوت المائع، أو اللباس المثير وما شابه ذلك.
وتركز بعض النساء المتخصصات في الإغراء على زملائهن الذين يتبوأون مناصب قيادية مرموقة بهدف الحصول على امتيازات وظيفية كالترقيات، والعلاوات، والمكافآت، والسفريات وغيرها.
وغالباً ما تكون تلك النسوة المتخصصات بالإغراء غير مؤهلات في مجال عملهن، وخبرتهن وكفاءتهن المهنية محدودة وأحيانا شبه منعدمة. والمفارقة العجيبة أن تجد تلك النسوة دعماً وتشجيعاً منقطع النظير من بعض زملائهن القياديين مما قد يدفع ببعض النساء العاملات الأخريات اللواتي يهضمن في حقوقهن المهنية ليس لعدم ضعف التأهيل أو الخبرة والكفاءة وإنما لأنهن نساء محترمات أنفسهن ويتعاملن مع زملائهن بأسلوب حضاري، وأخلاقي راق إلى خندق المواجهة، والدخول في صراع مرير معهم، مما قد يؤدي إلى فصلهن من عملهن أو استبعادهن وتهميشهن أكثر.
وهكذا تتشوه علاقات الزمالة بين الزملاء والزميلات في المهنة الواحدة أو المهن المتقاربة وتتحول تلقائيا لعلاقات مرضية، وغير محترمة في الغالب. فتواجه النساء المحترمات، اللواتي يرغبن في إقامة علاقات زمالة مهنية طيبة مع زملائهن حربا ظاهرة، وخفية.
فيلاحظ مثلا أن أغلب الرجال لا يود في قرارة نفسه أن تكون زميلته في العمل في نفس مستواه المهني والعلمي أما إذا كانت متفوقة عليه في المجال المهني، والعلمي فالمصيبة أعظم. ويجند بعض الرجال أنفسهم ليس لمحاولة تطوير قدراتهم المهنية والعلمية للمنافسة الشريفة والمرغوبة مع زميلاتهم ولكن لمحاولة تشويه سمعة زميلته أو التقليل من قدراتها، أو كسر شوكتها باسم الحب، فإذا لم تلن اتهمها بالتعالي والغرور.
ولعل السبب في عدم قبول معظم الرجال للعلاقة الندية بينه وبين زميلته المرأة في مجال العمل الواحد أو العمل المتشابه يرجع إلى عدم قدرته على الفصل بين تعامله مع زوجته، وابنته وأخته وأي امرأة تحت سلطته الشخصية ومسئوليته العائلية وبين زميلته في العمل التي من المفترض أن لا تخضع لسلطته إلا في حدود مسئوليته المهنية.
فبالنسبة للرجل المرأة هي المرأة ينبغي أن تخضع للرجل، وتدور في فلكه، وتتلقى التعليمات والأوامر من سيادته حتى وإن كانت في مستواه المهني والعلمي أو أعلى منه.
أعزائي القراء، سأتناول في المقالة التالية الآثار الناجمة عن علاقات الزمالة غير السوية في الغالب بين المرأة والرجل في مجتمعنا، وكيفية إزالة التشوهات والانحرافات السلوكية التي أصابت علاقة الزمالة بين الجنسين، وذلك بهدف السعي لخلق علاقات زمالة حقيقية ومحترمة بين المرأة والرجل، والاستفادة من موروثنا الحضاري، وديننا الإسلامي الحنيف الذي يعلي من شأن العلاقات الإنسانية بين البشر بصفة عامة وبين المرأة والرجل بصفة خاصة.
وأي ملاحظات أو تعليقات أو آراء ستصلني بهذا الشأن سأوليها أهمية خاصة حيث سيتم طرحها ومناقشتها معكم قرائي الأعزا



المصدر

No comments: