Saturday 31 May 2008

سيدتي حتى لا تضيع رهينتك


هاني بن عبدالله الملحم
ضريبة عصر السرعة والمادية البحتة التي تصبح المسلمات ربما أمورا منسية أو مغفولا عنها .... هو ما عبرت به إحداهن لي قائلة: تزوجت وانجبت ثم توظفت فانقلبت حياتي رأسا على عقب فأولادي الذين كانوا يفترشون صدري بالحنان والرعاية، ويستقون من حضني ويأكلون معي ويلعبون سرقوا مني بمحض إرادتي فبمجرد أني تركت للخادمة بعض اهتماماتي الصغيرة التي جعلتني في هذا العصر المترامي الرؤى والتصورات أنسى فقه الأولويات، وعطلتني عن معرفة الأبجديات.
فولدي ذو السنتين بدأ يفر مني ويميل للخادمة التي أحبته... فأكله معها ونومه معها وجلوسه ولعبه معها، بل المصيبة بدأت حينما قررت الخادمة السفر وسافرت ثم بدأ طفلي بالتغير فأحواله وضحكاته أصابها الجفاف، حتى أصبحت غرفة الخادمة هي محطة تردده واستراحته، حينها علمت أن الحياة وتقلباتها وانشغالي حتى بعد عملي جعلني في عينه في المرتبة الثانية بعدها.
وأقول أيتها السيدة الكريمة ربما هذه الحادثة هي النموذج الحاصل والطريقة التي تمارسها كثير من الأمهات، فأيتامنا الذين يعيشون بين أبويهم هم كثر ورحم الله القائل: ليس اليتيم من انتهى أبواه من ذل الحياة وخلفاه ذليــلا إن اليتيم الذي تلقـى له أمـا تخلت أو أبا مشغــولا والإنسان بطبيعته قابل أن يهبط وأن يصعد بحسب التوجيه الذي يوجه عليه، وخاصة في فترات الطفولة وعمره المبكرة، ولكنه حينما يهبط أو يرتفع يكون في حدود طاقته الطبيعية وعناصره المكونة له لا يفرض عليه شيء من الخارج، ولا يقسر على ما ليس في طبيعته . فالطفل في مراحله الأولى محتاج بالذات لكثير من العوامل المساعدة والمساندة له في تنشئته، فالتلقي من المصادر الأولى وخاصة « الأم والأب « ضروري لتكوين جميع متطلباته ومكتسباته النفسية والعقلية والتربوية.
ان بعض الأمهات وخاصة التي لديها أطفال صغار ربما تجد جدولها اليومي الذي يجمع بين وظيفتها ومشاويرها وتمشياتها واهتماماتها الثانوية لا يترك لها أن تلتفت لأطفالها الصغار وأن تضع من ضمنه وقتا لهم ، فالوقت كله مقضي بين يدي الخادمة فأصبح الحب والحنان مقسم بعد ما كان لواحد وللمصدر الأول ومن هنا تكون المشكلة . بل المشكلة حينما تنقلب الأدوار كليا فتكون الخادمة هي المسؤولة كليا عن أمور البيت والأطفال ، لذا لا يمكننا أن نستغرب ظاهرة العقوق والعصيان أو الطيشان في سن المراهقة ، ولا يمكن أن نحزن على أطفالنا الذين نضعهم ربما رهائن أو ودائع لدى غيرنا ثم نستغرب منهم الجفاف والأخلاق السيئة ، ففاتورة الإهمال والإنشغال ربما تكون غالية الثمن في أوقات تجعل المرأة في مواجهة مع ولدها أو ابنتها المراهقة التي نسيت في أهم مراحل عمرها.
فلست في هذا المقال احذر من الخادمات فهن أصبحن _ كالشر الذي لا بد منه _ بل أحذر من الاتكال الجزئي أو الكلي عليها وكأنها جزء مهم من الأسرة بعدمه يختل التوازن في البيت ويحمل عنها بعض الأعباء ، وفي المقابل يساهم في التواكل والكسل لدى المرأة ويشجعها على المزيد من التشاغل واللهو في كل ما هو كمالي من الزيارات والتمشيات .
فهمسة في أذنيك سيدتي للتفكير في العواقب ، فالاستثمار والحرص على الأبناء وخاصة على عقولهم هو الممنتج والمخرج الذي سيسعدك إذا ما جعلته أول إهتمام
المصدر

No comments: