Tuesday 20 May 2008

ارتفاع نسبة الطلاق وتأخر الزواج أهم أسباب المشكلات النفسية


الدوحة - محمد عبدالمقصود

د. حسن المهندي نائب رئيس اللجنة الدائمة للسكان 20

% من القطريين مطلقون و 24% من القطريات بين 25 - 39 سنة لم يتزوجن

البطالة تهدد الرجال والنساء .. وبُعْد الأمان النفسي و الوصمة الاجتماعية تعوقان العلاج

استعرض الدكتور حسن المهندي نائب رئيس اللجنة الدائمة للسكان في ورقة عمل قدمها يوم امس في الجلسة الأولي لندوة الحق في العلاج النفسي واقع التنمية البشرية في دولة قطر اقتصاديا وتعليميا قبل ان يربط بينها وبين بين الصحة النفسية.

واشار الي اهم العوامل المؤثرة في المرض النفسي مؤكدا ان قطر شهدت العديد من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي اثرت في المرض النفسي. 1

) العوامل الاجتماعية:

شهد البناء الاجتماعي في المجتمع القطري الكثير من التغيرات في بناء الأسرة والتغيرات في مجال القيم والمعايير وظهرت العديد من المشكلات الاجتماعية منها:

التحول من الأسرة الممتدة الي الأسرة النووية: حيث كان الأطفال والأبناء يحظون برعاية كبيرة من جميع افراد الأسرة الممتدة ويستطيعون تلبية احتياجاتهم العاطفية والنفسية واحيانا المادية في نطاق الأسرة الممتدة علي عكس ما هو الحال بالنسبة للأسرة النووية حيث خرجت المرأة للعمل وبقي الأطفال مع الخادمات معظم الأوقات وكثيرا ما يتعرض الأطفال لأزمات نفسية كأن تعود الخادمة الي بلدها لأي سبب من الاسباب، او يتعرضون للعنف من قبل الخادمة.

ارتفاع نسبة الطلاق: يعد ارتفاع نسبة الطلاق والتي بلغت 32.7% عام 2003 الي اجمالي حالات الزواج مشكلة تواجه المرأة والرجل والأطفال. وكما اظهرت نتائج تعداد السكان 2004 ان هناك 20% من القطريين من 15 سنة فأكثر من المطلقين. مما يتوقع معه العديد من المشكلات النفسية للرجل والمرأة والأطفال وان كانت آثارها تكون اشد تأثيرا علي المرأة.

تأخر سن الزواج عند المرأة القطرية: ما زالت مشكلة تأخر سن الزواج عند المرأة القطرية تشكل تحديا اجتماعيا حيث ان 24% من الإناث القطريات في الفئات العمرية من 25 - 39 سنة لم يتزوجن، وهذا يشكل عبئاً اجتماعياً ونفسياً عليهن في ظل قيم اجتماعية تعطي للمرأة المتزوجة والتي لديها ابناء قيمة اجتماعية وفرصاً في المشاركة الاجتماعية اكثر من المرأة غير المتزوجة وخاصة المطلقة. مما يترتب عليه العديد من صور الحرمان العاطفي والنفسي وحرمان المرأة من عاطفة الأمومة والشعور بالأمان النفسي في ظل أسرة مكونة من الزوج والأبناء.

التغير في بعض القيم الاجتماعية: كان لدي المجتمع العديد من القيم الاجتماعية والثقافية التي تحض علي التعاون والتكامل بين افراد الأسرة والجيرة والقبيلة وقد ضعفت هذه القيم علي نحو كبير جدا في العقود الأخيرة مما يشير الي نوع من العزلة الاجتماعية بين الجيران وأفراد الأسرة أو القبيلة. 2

- العوامل الديموغرافية:

تمر دولة قطر بمرحلة من الغربة السكانية. فتدفق العمالة بهذه الأعداد الهائلة لبلد صغير كدولة قطر له مخاطره الاجتماعية تتمثل في العديد من المظاهر التي منها ضعف تماسك الأسرة والخلل في نمط معيشتها. كل ذلك قد يساهم في حدوث ازمات نفسية. اما السكان الوافدين فينتمون الي ثقافات ومجتمعات مختلفة ويحملون قيماً ثقافية واجتماعية عديدة، وكثيرا ما يتعرضون لأزمات تتعلق بعدم القدرة علي التكيف في المجتمع القطري الجديد بمعاييره وثقافته بالنسبة لهم. وفي احيان كثيرة لا يجد العامل الوافد بيئة عمل مناسبة او داعمة له نفسيا وثقافيا وقد يتعرض العديد منهم لبعض الأمراض النفسية او احيانا الي الانتحار، وخاصة عندما يكون الوازع الديني ضعيفاً او غير موجود عند البعض منهم فكثيراً ما يلجأ العامل الي التخلص من حياته عند وجود اية مشكلة يتعرض لها. ونظرا لزيادة نسبة الوافدين من السكان في ظل التركيبة السكانية غير المتجانسة والمعقدة جدا فانه من الصعوبة تحقيق الاندماج الاجتماعي بين فئات السكان المختلفة سواء بين الوافدين انفسهم او بين المواطنين والوافدين، مما يتوقع معه ظهور حالة الاغتراب والأمراض النفسية. 3

- العوامل الاقتصادية:

في ظل حالة التضخم العالي الذي شهدته دولة قطر في السنوات الأخيرة وفي ظل النزعة الاستهلاكية الكبيرة والتي بدأت تعبر عن الرمزية الاجتماعية للاستهلاك، وفي اطار الرمزية العالمية للاستهلاك والتي بدأ الأطفال والمراهقون والشباب يلجأون لها دون مراعاة لقدراتهم الاقتصادية، مما ينجم عنه العديد من الاحباطات النفسية نظرا لعدم القدرة علي الحصول علي جميع السلع أو الخدمات التي يطلع عليها الافراد، سواء داخل بلدهم أو في بلدان أخري من خلال الإعلام والأفلام وقنوات التسوق العديدة، كما ان مشكلة البطالة عند بعض النساء والرجال في المجتمع القطري تجعلهم يشعرون بالفراغ وبعدم الأمان النفسي والاجتماعي مما يترتب عليه العديد من المشكلات النفسية لهذه الفئة من النساء والرجال.

العوامل السياسية وغيرها:

الحروب والتوترات العالمية التي بدأت تشهدها معظم دول العالم علي نحو مباشر أو غير مباشر من خلال مشاهدتها عبر وسائل الإعلام وخاصة القنوات الفضائية جعلت العديد من سكان العالم تحت وطأة الخوف من المستقبل والخوف من التهديدات العسكرية والاقتصادية أو حتي التهديدات المتعلقة بالأوبئة التي ظهرت حديثا في العالم مثل (سارس) وأنفلونزا الطيور والإيدز وغيرها من الأمراض المتوقعة، وجميع هذه التوترات بدأت تحدث تأثيرها علي الفرد والمجتمع وتعرضه لكثير من المخاوف والألم والأزمات النفسية.

وتحدث د. المهندي عن واقع الرعاية النفسية في دولة قطر:

لا توجد احصائيات دقيقة عن الاعداد الحقيقية للمرضي النفسيين في دولة قطر، ولكن يمكن الاستدلال علي اعدادهم من خلال اولئك المترددين علي مستشفي الامراض النفسية، ويتبين ان اعدادهم في ارتفاع مستمر حيث بلغ عددهم 12.856 عام 1985 ووصل الي 16.822 فردا عام 2006، ويتبينان اعدادهم في نمو تصاعدي منذ عام 2001، في حين شهدت السنوات السابقة لهذا التاريخ تذبذبا سنويا في اعداد المرضي النفسيين.

علي الرغم من تطور خدمات الرعاية الصحية في دولة قطر الا ان خدمات الرعاية النفسية لم تحظ بنفس الاهتمام الذي حظيت به الخدمات الأخري، فلو أخذنا علي سبيل المثال مرافق خدمات الرعاية الصحية النفسية سنجد ان هناك مستشفي واحدا فقط وهو مستشفي قديم جدا لا يوفر الخصوصية للمريض ويتم علاج المدمنين في هذا المستشفي، وقد اشار تقرير راند حول تقييم خدمات الرعاية الصحية في دولة قطر الي ان ذلك المستشفي لا يقدم حتي ادني معايير الطب النفسي، وان خدمات الصحة النفسية لازالت غير مدركة بالنسبة لمتخذي القرارات الصحية كما ان عدد ستة من الأسرة والاطباء النفسيين غير كاف بالنسبة لاجمالي سكان دولة قطر، حيث ان عدد الأسرة المستخدمة في عام 1981 بلغت 29 سريرا ثم تمت زيادة عدد الأسرة الي 56 سريرا عام 2006.


أما بالنسبة للاطباء العاملين في حقل الأمراض النفسية في الدولة فقد ارتفع عددهم من 7 عام 1985 الي 22 طبيبا عام 2006، في حين ارتفعت اعداد الاخصائيين النفسيين في نفس الفترة من 4 الي 15 اخصائيا وهو عدد غير كافي علي الاطلاق مقارنة بالنمو السكاني الكبير الذي تشهده دولة قطر، ومقارنة بزيادة الأمراض النفسية، مع الأخذ بالاعتبار ان الطبيب النفسي لابد ان يري عددا أقل من المرضي مقارنة بالتخصصات الطبية الأخري.

سابعا: المعوقات والتحديات الخاصة بالرعاية النفسية:

من أهم المعوقات والتحديات التي تواجه الرعاية النفسية في دولة قطر ما يلي: 1

- الوصمة الاجتماعية للمرض النفسي، لازالت الوصمة الاجتماعية للمرض النفسي تعوق العديد من الأسر أو المرضي لمراجعة العيادة النفسية أو طلب الخدمة في الوقت المناسب وخاصة بالنسبة للإناث، وغالبا ما يلجأ المرضي الي طلب الخدمة من بعض الدجالين أو أحيانا السحرة وهذا يعقد من حالة المرضي، وفي أحيان كثيرة يجعل عملية الشفاء صعبة. 2

- عدم كفاية وفعالية الخدمات النفسية يجعل الكثير من المرضي يعزفون عن استخدام الخدمة خاصة وان علاج المدمنين يتم في العيادة النفسية، مما يضايق العديد من المرضي النفسيين وخاصة النساء. 3

- عدم توفر العدد الكافي من الاخصائيات النفسيات الاكلينكيات واللاتي تساعدن في علاج المرضي وخاصة ان المريضة تحبذ ومن الأسهل عليها التحدث الي امرأة أكثر مما لو كان المعالج أو الأخصائي رجلا. 4

- عدم توفر أطباء نفسيين للجاليات غير العربية ولاسيما الآسيوية يجيدون التحدث مع المرضي بلغتهم ويعرفون الاطار الثقافي والاجتماعي الذي نشأوا به وهذا يسهل عملية علاج العمالة الوافدة. 5

- عدم وجود مركز للاستشارات النفسية في المدارس والتجمعات العمالية ومؤسسات العمل الكبيرة.

بناء علي ما تم التوصل اليه من نتائج تخص المعوقات والتحديات التي تواجه الرعاية النفسية في دولة قطر نوصي بما يلي: 1

- التوسع في خدمات الصحة النفسية، من خلال زيادة عدد الاطباء النفسيين والاخصائيين النفسيين الاكلينكيين والاخصائيين الاجتماعيين المهرة في مجال الأمراض النفسية. 2

- زيادة عدد الأسرة المخصصة للمرضي النفسيين علي نحو كبير جدا يترافق مع الزيادة السكانية، وجودة الخدمة النفسية التي تحمي خصوصية المريض. 3

- توفير أطباء نفسيين من نفس الجنسيات الآسيوية للتواصل مع بعض تلك الجنسيات لسهولة معرفة اللغة والسياق الاجتماعي والثقافي لهم. 4

- بناء مستشفي جديد للأمراض النفسية تتوافر فيه المعايير العالمية لجودة الخدمات الصحية النفسية. 5

- دمج خدمات الرعاية النفسية في المراكز الصحية بهدف سهولة وصول المريض للخدمة النفسية، وتقليل الوصمة الاجتماعية للمريض النفسي لأن جميع المرضي يراجعون المراكز الصحية علي خلاف مراجعة مستشفي الأمراض النفسية والتي يشعرون بالحرج والخوف أحيانا من أن يراهم أحد معارفهم. 6

- إنشاء العديد من مراكز الاستشارات النفسية في المدارس والتجمعات العمالية. 7

- إجراء العديد من البحوث والدراسات والمسوح عن المرض النفسي في دولة قطر لكي نستطيع تقييم الاحتياجات الحقيقية من الخدمات النفسية. 8

- وضع برنامج توعوي للمجتمع يوضح ان المرض النفسي شأنه شأن جميع الأمراض الأخري لابد من علاجه والتعامل معه علي نحو م

المصدر

No comments: