Saturday 31 May 2008

المعلقات


منى شداد المالكي
معلقات عصرنا الحالي تختلف كثيرا عن معلقات كتبت بماء الذهب وعلقت على أستار الكعبة تعظيما لها لما خط فيها من شعر راق ومعان جميلة توارثتها أجيال بعد أجيال كإرث عظيم ومجد تليد، معلقات عصرنا اليوم يا سادة يا كرام هن مجموعة من النساء وضعهن القدر في قبضة رجال قساة لم يراعوا الأمانة فيهن ولم يتمثلوا قوله تعالى (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) وكأن الحياة الزوجية مجرد أوامر تملى وتعليمات تنفذ، فإذا حدث تهاون فيها فالويل والثبور وعظائم الأمور، ونسوا أن الزواج إنما هو سكينة ورحمة ومودة.
فالمعلقة هنا هي الحلقة الأضعف في الحقوق الزوجية فلاهي بالمتزوجة تعرف ما لها وما عليها وليست بالمطلقة فتطالب بحقوقها المشروعة والتي أشك كثيرا في حصولها عليها! وإنما هي في وضع عائم لا تعرف معه حلاً ولا تدري كيف الخروج منه.
وقد تلقيت في الفترة الأخيرة رسائل كثيرة من مجموعة من النساء يشتكين شكوى مرة من وضع تعليقهن هكذا فليس هناك نظام خاص لمثل هذه الحالات مما أضاع عليهن فرصاً وظيفية وتعليمية ومنح ابتعاث لأن لدينا شرطاً خاصاً مدموغاً بصناعة سعودية بامتياز وهو شرط (موافقة ولي الأمر) فكيف بالله يوافق رجل لامرأة خرجت عن سطوته وطالبته بالانفصال فالمتعارف عليه أنه هو الذي يتزوج، ويقرر إن أراد الطلاق، أو التعدد بدون إخبارها وما عليها سوى التسليم والرضا وإلا فسوف تكون معلقة إلى وقت لا يعلم مداه إلا الله تعالى. فإذا اضطرت المرأة ولجأت للقضاء فعليها الانتظار لجلسات تطول وتمتد حتى يكون هو في مزاج رائق ليناقش ويعرض مطالبه المادية ويفرض شروطه التعجيزية لعل وعسى تحصل منه على صك حريتها لتبدأ حياة جديدة مدموغة بلقب مطلقة!
فالتسويف في مثل هذه الأمور يضيع على المرأة حقوق كثيرة وفرصاً عديدة مع أن الشارع الحكيم نهى عن ذلك في قوله الكريم (ولا تذروها كالمعلقة) وهذه الآية تحمل أمراً صريحاً ونهياً واضحاً عن وضع مهين تعيشه المرأة لا يحس ولا يشعر بها أحد غيرها.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة عندما جاءت امرأة إليه تطلب انفصالها عن زوجها لم يسوف أو يطالب بتبرير لهذا الانفصال فأنفذ طلبها على الفور وما ابتعادنا عن هذا النهج الرباني إلا نتيجة حتمية لمعاناتنا في أمور لا تحتاج إلى كل هذا التسويف الذي عانينا منه الكثير ومازلنا نعاني للأ



المصدر

No comments: