Tuesday 20 May 2008

رواسب اجتماعية


وفاء الضويان

انتهت الإجازة الصيفية، وانتهى العديد من مراسم حفلات الزواج التي تكثر في العطلة الصيفية، وكم فتاة توجت عروسا هذا الصيف، وعاشت ليلة عمرها التي حلمت بها طويلا, ولكن مع نهاية كل عام يبدأ العد التنازلي لنسبة المتزوجين، وتزداد نسب الطلاق، وتفاوت هذه النسب سنويا يعطي ردة فعل شبه عادية عند الكثيرين، في حين قد يكون في وجهة نظر البعض أن الطلاق خلاص لحياة مستحيلة، وحل للكثير من المشاكل، على عكس ما كان في الماضي عند مجتمعات تعتبر الطلاق فاجعة وعاراً على المرأة، وعليها أن تتحمل صنوف العذاب، أو تعيش حياة هامشية، ولا تكون مطلقة.

وتعي فتيات اليوم اللاتي يقبلن على الزواج ازدياد نسبة الطلاق، وكثيرا ما يثرثرن حول أسباب ازدياد هذه النسبة سنويا، ويعبرن عن خوفهن من أن تنضم إحداهن لقائمة المطلقات.

وقد دفع هذا الخوف إلى المبالغة في اهتمام المرأة بنفسها وبمظهرها، فأصبح الشاغل الأكبر والمسيطر على معظم الفتيات الاهتمام بمظهرهن الخارجي، حيث يرين أن أكثر ما يلفت الرجل هو جمال المرأة، ومظهرها الخارجي، وهو العامل الأكثر تأثيرا عند معظم الرجال، وإن ادعى البعض غير ذلك.

ويلاحظ أن الأغلبية من الشباب يفضل الفتاة متعلمة وموظفة، لتشاركه أعباء الحياة الاقتصادية، مما يزيد من عبء تفكير الفتاة التي لم يمكنها مجموعها من مواصلة المرحلة الجامعية، أو التي جلست في البيت بعد تخرجها لزيادة نسبة المعلمات عندنا، لعدم توفر بدائل وظيفية أخرى، فأصبحت الفتاة تبالغ في زينتها الخارجية أحيانا لتغطي الفراغ الوظيفي الاجتماعي.

ومع ظهور جيل يشعر بالاستقلالية أكثر من الجيل الماضي زادت نسبة المشاكل الزوجية، ونسب الطلاق، نظرا لعدم تقبل بعض الشباب لاستقلالية المرأة واعتبارها تمردا، وذلك يعود لرواسب اجتماعية، حيث تعود البعض من الشباب على شخصية والدته المنقادة لأبيه، والتي لا تناقشه كثيرا، وتترك له حرية القيادة في البيت، لينتقل الشاب بهذه الخلفية التي اعتاد عليها منذ نشأته إلى بيته الجديد، إضافة إلى تلقين أغلبية الأصدقاء له بضرورة أن يكون مسيطرا في البداية، حتى لا تنفلت الأمور من بين يديه، لينتقل البعض إلى حياته وكأنه في معركة يريد أن يثبت فيها كلمته حتى في أتفه الأمور ، مما قد يؤدي إلى الطلاق، وكثيرا ما نتعجب من قصص الطلاق التي نسمعها ونستغرب من تفاهتها، كاختلاف الشاب والفتاة على طريقة اللبس الخارجي في الزيارات، أو طريقة لبس العباءة.

كثيرا ما يحرص بعض رجال اليوم على قوة الشخصية في البيت، ولكنهم لا يعرفون أن من مصلحتهم تنمية وتطوير زوجاتهم، فهم لا يريدون لها فكرا مستقلا، حتى لا تطالب بحقوقها الإنسانية، فالرجل الشرقي غالباً لا يقبل أن تكون شخصية زوجته أقوى من شخصيته أو أن تفوقه فكريا، وقد يشعر بالخجل من ذلك، ومن معايرة أصدقائه وأقربائه له، ويبرر البعض التفاهم بين الزوجين بسيطرة المرأة على الرجل، وهذا ناتج عن رواسب بعض المفاهيم الخاطئة.

ولاشك أن رأيي هذا لا يعمم على الكل، فهناك شباب على درجة كبيرة من التعقل، وفهم الأمور، ومواكبة العصر بسلبياته وإيجابياته، على العكس من بعض النساء اللاتي يواكبن العصر بطريقة تلغي من الكيان والشخصية.



المصدر

No comments: