Tuesday 20 May 2008

ظل راجل ولا ظل حيطة


أمل زاهد

لو نظرنا إلى موروثنا الشعبي من الأمثال ، لهطل علينا وابل من تلك الأقوال.. على شاكلة ( ظل راجل ولا ظل حيطة ) ، و(الراجل رحمة ولو جاب للبيت فحمة) إلى كثير من الأمثال الأخرى المقلصة من قيمة المرأة ككيان مستقل وذات متفردة بإمكانها الاعتماد على نفسها والثقة بقدراتها وإمكانياتها.

فهذا الخطاب الذي يقزمها وينظر إليها كرديف للرجل وتابع له، ويستلبها الثقة في نفسها، يجعلها تندفع إلى الارتباط بشريك قد لا يتناسب معها ولا يرتفع إلى أدنى مستويات التكافؤ الذي يعتبر من أهم مقومات نجاح الزواج.

وكنتيجة لذلك نشاهد ارتفاعا كبيرا في نسبة الطلاق لأن الرغبة في الزواج تنبثق من الإحساس بالنقص والرغبة في إتمام خطوط صورة نمطية فرضها النسق الاجتماعي، وليس من الرغبة في الارتباط بشخص بعينه ترى فيه الفتاة تلك المواصفات التي تطمح إليها في شريك حياتها. ولا ينبع أيضا من رغبة صادقة في تكوين أسرة تساهم في بناء المجتمع والنهوض به أيضاً.

ونلاحظ أن كثيرا من الفتيات يرتبطن بمن هو دونهن حتى لا يوصمن بالعنوسة أو يتهمن بأنهن غير مرغوبات من الجنس الآخر، فالمجتمع ينظر بشفقة وحزن مبالغ فيهما إلى المرأة التي لم يسعدها حظها باصطياد زوج يحدب عليها ويرعاها. كما نلاحظ أن الفتيات يتباهين ويتفاخرن بعدد الخطاب الذين تقدموا لهن - حتى لو كنّ على درجة عالية من التعليم -، لأن ذلك بالطبع في نظر المجتمع دليل على رواج (السلعة) ، وفي هذا رضا تام وخضوع شامل للنظرة المُشينة للمرأة بل وافتخار واعتزاز بها.

ومن هنا ينبع ذلك الاهتمام المبالغ فيه بجمال المرأة وبالحرص على تلميعه وصقله لأنه الوسيلة الوحيدة لنيل الإعجاب واستقطاب عروض الزواج. ومن هنا ينبع أيضاً هذا الهوس بالتشبه برموز الجمال التي يرسم ملامحها الإعلام المرئي ويفرض صورتها على المجتمع, حتى لو كانت هذه الملامح بعيدة كل البعد عن تكوينه الطبيعي وعن سماته التي ترتبط بجغرافية الأرض أو المناخ فيها.

فأضحت المرأة منقادة لما يبثه الإعلام المرئي لصور الجمال ، فراحت تبحث جاهدة عما يبيض بشرتها أو يشقر شعرها غير مبالية بما إذا كان ذلك يتلاءم معها أو ينسجم مع شكلها العام أو يتفق مع جيناتها الوراثية ، ناهيك عن عمليات النفخ والشفط والتكبير والتصغير حتى ترتفع النساء إلى المقاييس المتعارف عليها عن الجمال في وقتنا الحالي !! وزد على ذلك الخضوع التام لصورة الفتاة الجميلة ( النحيفة جدا ) والتي تصارع المرأة نفسها حتى تصل إلى مقاييسها وتعرض نفسها لعمليات تجويع قاسية، وقد تعرض صحتها للخطر في سبيل الوصول إلى هذا الهدف. وهي عبودية من نوع جديد تهدف إلى قولبة النساء وخلق صور متشابهة مكررة لهن وهو ما بتنا نلحظه في مجتمعاتنا العربية، فتلاشى تقريبا الاختلاف الشكلي الذي يميز بين الأفراد.

يجب أن تنظر المرأة إلى نفسها نظرة اعتزاز تنبع من شعورها بقيمة ذاتها وكيانها كإنسانة لها دور فاعل في المجتمع ، تشارك في بناء لبناته وصنع نهضته بكل ما منحها الله سبحانه وتعالى من ذكاء و قدرات ومواهب. فالنساء شقائق الرجال، والدين الإسلامي دشن لكثير من الحقوق التي استلبتها منها الحضارات الأخرى وكان له دور السبق في احترام إنسانيتها. كما يجب أن يساعد الرجل المرأة على لعب هذا الدور الفاعل ، فهي ليست إشكالية بينهما أو حرب بينهما ولكنها إشكالية تخلف تغرق مجتمعاتنا في ظلماتها، وليس أمامنا إلا ركوب قارب النجاة والذي يتمثل في تضافر جهود الرجل والمرأة في سبيل تحقيق النهضة وتنمية مجتمعاتنا


المصدر

No comments: