Friday 23 May 2008



بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ... جلالة الملكة رانيا العبد الله " القيادية المسئولة

[2008-03-09]
احمد الحوراني / الجامعة الهاشمية
الثامن من آذار هو اليوم العالمي للمرأة إذ باتت المرأة عربيا وعالميا تضطلع بدور فاعل ومؤثر في المجتمع وفي صناعة القرار ، و تمكنت من إقامة منظومة علاقات تعاون بنّاءة مع هيئات وجمعيات نسائية دولية ومحلية على الصعيدين الحكومي والخاص .

على المستوى الوطني يعتبر هذا اليوم استثنائيا وينبغي الوقوف به وإسداء تحية تقدير إلى جلالة الملكة رانيا العبد الله التي تقف خلف جلالة الملك المفدى وتعتبر إحدى أهم مقومات ومستلزمات تحقيق التنمية في الأردن و ساهمت جلالتها بهمة لا تلين بإعطاء المرأة الأردنية موقعا رياديا في المجتمع تأكيدا منها على شراكة المرأة الحقيقية للرجل لتحقيق الطموحات التنموية والتقدم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

كما آمنت جلالتها بأهمية تهيئة الظروف المواتية لتمكين المرأة وتدعيم جهودها في مسيرة التقدم والبناء والنماء التي تشهدها المملكة بقيادة جلالة الملك المعظم ، وأسهمت النشاطات والنداءات المتواصلة التي أطلقتها جلالتها في الحد من محاولات التفرقة بين الرجل والمرأة والتقليل من جميع أشكال العنف والتمييز الذي يمارس بحق النساء في كل مكان . ومن اجل ذلك كانت رؤية جلالتها لواقع العنف ضد المرأة التي تبنتها وزارة التنمية الاجتماعية والتي جاء على أثرها تأسيس دار الوفاق الأسري لمأسسة العمل ومساعدة النساء المعنفات لتفهم مشاكلهن وأسباب تعنيفهن ومساعدتهن ما أمكن على تخطيها وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية لهن واستثمار قدراتهن في تنفيذ مشروعات وطنية تنموية طموحة.

كما رعت جلالتها في العام الماضي إطلاق مشروع الشراكة الأردنية الرائدة من اجل مناهضة العنف ضد المرأة والذي جاء ضمن مشروع القطاع الخاص لصحة المرأة والممول من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية وأكدت جلالتها على أهمية تضافر الجهود الرسمية والشعبية العامة والخاصة في سبيل زيادة الوعي بسلبيات هذه الظاهرة ووضع حد لها لما ينتج عنها من قتل للإبداعات والمواهب الفكرية والثقافية التي تتمتع بها المرأة وما تخلفه كذلك من خوف ورعب يلاحقها في كل مكان يؤدي إلى تعطيل إسهامات نصف المجتمع في مسيرة التنمية والتحديث. وفي آذار من العام 2007 رعت جلالة الملكة رانيا كذلك حملة مناهضة العنف ضد المرأة التي أطلقتها منظمة العفو الدولية بهدف مواجهة هذه الظاهرة على نطاق العالم بأكمله بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان عالميا.

لقد أدت الرعاية الملكية الحثيثة التي أولتها جلالة الملكة إلى المرأة الأردنية إلى يمكن تسميته ب " الثقافة المجتمعية المستنيرة " واستطاعت المرأة في الأردن بفضل ذلك أن تحقق تقدما نوعيا مشهودا وتبوأت مناصب قيادية هامة ووظائف عامة ونالت حقوقا سياسية واجتماعية وقضائية كاملة إذا ما نظرنا إلى قريناتها في العديد من الدول العربية ، ووصلت جلالتها إلى السيدات في القرى والبوادي والأرياف بهدف إبراز الدور الفعلي للمرأة من اجل بناء الوطن وإعدادها للمشاركة الايجابية في مواجهة التحديات والأعباء التي يتعرض لها المجتمع نظرا لتحليها بمقومات تمكنها من القيام بمهمتها في الإصلاح الشامل ونجم عن ذلك أن وضع المرأة في الأردن أصبح مرتبطا ارتباطا عضويا وثيقا بتطور المجتمع باعتبارها عنصرا رئيسيا من عناصر هذا التطور وبحكم تطورها الاجتماعي وتجاربها الناجحة في حقول الصحة والتعليم والعمل وغيرها.

وكأمراة من نبت الأردن فقد كان لجلالة الملكة رانيا العبد الله دورا وطنيا بارزا أسهمت من خلاله في تعزيز المسيرة الوطنية الهادفة لأردننا الحبيب على طريق الخير والعز والواجب ووقفت خلف قدوة العمل والعطاء والشهامة جلالة الملك المعظم بأقصى درجات الإخلاص والصدق والإيمان والعزم والشجاعة ونبل المقصد لإثراء الانجازات العظيمة التي شهدها الأردن في جميع مرافق الحياة . كما سعت جلالتها إلى تحقيق المجتمع الأفضل للأردن فأطلقت المبادرات الخلاقة والحوافز المجزية لتوظيف طاقات المواطن الأردني في ميادين الصحة والعلوم والتعليم والثقافة والسياسة والاقتصاد.

إنسانيا قاربت جلالتها هموم المواطن ووصلت إلى كافة مناطق المملكة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ولم تتوانى عن مد يد العون والمساعدة للكثيرين ممن ضاقت بهم سبل العيش ، وسجلت جلالتها انحيازا للفئة الأشد فقرا منهم إيمانا منها بوحدة عضوية ونسيج واحد ينصهر به كافة أفراد المجتمع قيادة وشعبا فنال العديد من المعوزين السكن الملائم ، والعلاج على نفقتها للمرضى من أبناء الوطن الذين لم يجدوا متكأ يقصدونه ليستعيدون الصحة والتعافي الذي شرّع أمامهم أبواب الأمل لمواصلة مشوار الحياة.ولم تتأخر جلالتها عن دعم كافة المناسبات والنشاطات ذات الطابع الإنساني الباعث للحياة لدى نفوس عدد من أبناء الوطن فكانت مع العامل في مكان عملة ، ومع الطالب في مدرسته ، ومع الأم في بيتها ، ومع المريض تعوده في مشفاه ، ومع المكلومين تمسح عنهم حزنا تعمّق في نفوسهم وتبعث لهم برسالة ملكة وأم تعكس روح الأسرة الأردنية الواحدة التي تتجسد فيها أواصر المودة والمحبة والوئام.

وبسبب التوأمة والعلاقات التاريخية والإنسانية التي تجمع الشعبين الأردني والفلسطيني فقد لامست جلالة الملكة هموم مواطني غزة وما يتعرضون له من حصار جائر وطالبت بوقفة دولية وعربية جادة وحقيقية لا تقف عند حدود المشاهدة بل تفضي لاتخاذ ما يضمن الضغط على إسرائيل لفك الحصار ورفع المعاناة عن أهلنا هناك ، وبإنسانية الملكة الرؤوم فقد أبت إلا أن تشارك عدد من الأطفال في رفع وتحميل المساعدات الإنسانية وإرسالها إلى الشعب الفلسطيني ، ثم كان وداعها للقافلة الهاشمية رقم 235 والتي حملت مواد غذائية أساسية إلى الإخوة هناك.وكان هذا دلالة ملكية مؤداها أن لدى الأردن قيادة وشعبا إحساسا واحدا مع ما يلاقيه الشعب الفلسطيني وأننا في طليعة من يناصر القضية العربية الأولى حتى الرمق الأخير ليتسنى لأبناء فلسطين أن يبصروا النور في وطنهم ويتحللون من الأسر والاحتلال.

ولما كان التعليم في الأردن هو الهدف والغاية فقد بذلت جلالتها جهودا مضنية لتعزيز مسيرة التعليم وأطلقت مبادرات وجوائز عديدة توجهت بها إلى القطاعات الشبابية والتربوية كجائزة المعلم المتميز ، وجائزة الملكة رانيا الوطنية للريادة وغيرها ، وذلك سعيا من جلالتها إلى تحقيق مجموعة أهداف منها
- تعزيز روح المبادرة والعمل الريادي لدى الشباب الأردني ومساعدتهم على إنتاج وتطوير مشاريع ناجحة في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وميادين الهندسة وغيرها من الحقول العلمية.
- تعميق التميز والتفوق لدى المعلمين واستثارة هممهم لمزيد من العطاء التربوي والتعليمي.
- تعزيز نهضة الشباب لتأدية ما عليهم لبناء الأردن والخروج بهم لآفاق جديدة تدفعهم للارتقاء للأهداف المرجوة منهم.
- إدامة جسور التواصل بين المعلمين للوصول إلى نهضة تعليمية تواءم بين الأصالة والحداثة وتوظيف إمكاناتهم الفكرية لخدمة المجتمع والثقافة الإنسانية .
- تدعيم احترام القيم الأخلاقية في البحث والتربية والتعليم.

وفي مناسبات عديدة تؤكد جلالة الملكة على أهمية الدور الفاعل للشباب في بناء المجتمع وعلى الأخص في المرحلة الحالية التي تأمل منهم إبداعا وعطاء متصلا متنوعا من خلال المساهمة في تكوينهم الذاتي ودعم تميزهم وابتكاراتهم في أصناف العلوم والمعارف وإيجاد البيئة المواتية للاكتشاف والتعلم من خلال التجربة والتطبيق ، وركزت جلالتها في مواقع أخرى أهمية صياغة برامج ووسائل قادرة على استيعاب الشباب وكسب ثقتهم وإشاعة جو من الحرية في الوسائل التي ترعى أنشطتهم ليكونوا فاعلين في المشاركة المؤثرة سياسيا واجتماعيا فهم من أكثر الشرائح المؤهلة والمالكة لعوامل القوة والإرادة والمقدرة على التواصل مع الماضي والحاضر على طريق صناعة المستقبل . ومن هنا جاءت دعوات جلالتها المتكررة إلى استثمار الطاقة الايجابية إلي يمتلكها الشباب وإفساح المجال لهم لتنفيذ المبادرات الخلاقة التي تعكس خصوصية مجتمعاتهم لما لهذه المشاريع من دور في إحداث التغيير في الاتجاهات الفكرية لديهم وهي دعوة ملكية تطلقها جلالة الملكة ليقينها المطلق بضرورة تغيير النظرة المجتمعية للشباب بأنهم طائشون وغير مسئولين ولا يستطيعون تحمل الصعاب ، حيث ترى أنهم ليسوا فقط قادرين على دفع العجلة إلى الأمام بل لديهم ما يمكنهم من توجيهها وذلك بحضورهم وتأثيرهم في آلية صنع واتخاذ القرار.وتقول جلالتها في موقع آخر مخاطبة الشباب " إنكم تلعبون دورا هاما في مجتمعاتنا التي تواجه العديد من التحديات فمن خلال المشاريع التي تتعاملون بها تصبحون قادرين على مواجهة التحديات بطرق خلاقة وجديدة " فهذه الدعوة تصب في مصلحة الشباب لإعداد خطط تنموية وطنية على شكل مشاريع وأفكار تستوعب حاجات الأردن وتستجيب لطموحاته وآماله في الاعمار والتنمية والبناء .

لقد كان العطاء والمثابرة والجد والعمل هو العنوان الذي ميّز مسيرة جلالة الملكة رانيا وكان لها اكبر الأثر في ترسيخ المكتسبات وإضافة انجازات جديدة وكان ذلك من منطلق الشعور بالمسؤولية فأدت جلالتها وما زالت دورا طليعي في إعلاء شأن الأردن وما تواكلت عن بذل كل ما من شأنه تعظيم النماء والتحديث والتطوير وبناء الإنسان الأردني المتجدد والمنتج والمنتمي لتراب هذا الوطن والمتفاعل مع الحضارة الإنسانية المعاصرة بتناغم وتمسك وثيق بالتراث العربي و الإسلامي الأصيل.

adj@hu.edu.jo


المصدر

No comments: